< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

35/04/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : انحلال العلم الاجمالي بين الاقل والاكثر
ذكر ان الاطلاق يقتضي العينية والتعينية والنفسية فتطابق الاصل اللفظي مع الاصل العملي في الوجوب التعيني، ثم انهم استشكلوا من ان الامر ليس كذلك فعند دوران الشك بين التعين والتخيير التعينية خصوصية زائدة يشك فيها والاصل البراءة اننا انما نرجع الى الاشتغال وقاعدة الشغل فيما اذا كان التكليف معلوما بقيوده وحدوده اما اذا كان الشك راجع الى بعض قيود التكليف فالمرجع البراءة فان قاعدة الشغل مرجعها العلم بالتكليف بحدوده وقيوده اما اذا كان شك في حد من حدود هذا التكليف او شك في شرط من شروطه فالمرجع فيه البراءة وليس الشك متمحظ في الامتثال حتى نرجع الى قاعدة الشغل فلذلك ذهب جمع من الاصوليين انه عند الدوران بين التعين والتخيير المرجع البراءة عن التعينية لان هذه التعينية خصوصية زائدة نشك فيها المرجع البراءة فالقاعدة تقتضي التخيير لا العينية
تفصيل الكلام : انهم قالوا ان التخيير على قسمين تخيير عقلي وتخير شرعي، والتخيير العقلي يقع في مقامين الاول : في التعين والتخيير العقلي فيما اذا كان هناك الامر دائر بين عنوانين عام وخاص يتحدان مصداقا كما اذا ورد الامر بالإطعام ولكن شككنا في ان الاطعام متعلقة الحيوان او متعلقة الانسان ففي المصداق واحد اما في المفهوم فهما متباينان فان مفهوم الحيوان غير مفهوم الانسان وان كانا في الخارج متحدان مصداقا، فدوران الامر بين التعيين والتخيير العقليين قالوا في المقام يمكن ان نقول بالتفصيل بان المفهوم الذي ينحل له حالتان
الحالة الاولى : فما اذا كان بين المفهومين تباين في مرحلة اللحاظ فهذا مفهوم انسان وهذا مفهوم حيوان فبينهما تباين اما في مرحلة الصدق الخارجي متحدان مصداقا انما التباين في مرحلة اللحاظ
الحالة الثانية : فيما اذا كان في ذات الملحوظ الاختلاف والتباين اما في الاولى الملحوظ شيء خارجي واحد انسان الذي هو حيوان ناطق واما الثانية في ذات الملحوظ اختلاف كما اذا ورد الامر بالإكرام مطلقا او اطعام الانسان فان هنا شك هل المأمور به الاكرام مطلقا ام ان المأمور به هو الاطعام، في الحالة الاولى قالوا بالتعين باعتبار ان هذا قد تعلق التكليف به وان التكليف معلوم انما في الخارج متحدان مصداقا فحينئذ ان التكليف المعلوم تحقق في الخارج بإكرام هذا الانسان فيقع هنا تكليف معلوم يجب امتثاله نرجع اليه في الخارج ونطبقه على هذا الانسان فيتحقق التكليف في ضمنه ولا حاجة الى الشك في غيره فيتعين يكون في هذا الشيء ولا حاجة الى القول في التخيير، ويمكن ان نقول التباين المفهومي الدوران بينهما لا يكون دوران بين المتباينين فان الموجود في العهدة شيء وفي اللحاظ شيء اخر فصحيح ان بين الانسان والحيوان تباين مفهومي لكن لا يتعدى هذا التباين المفهومي لا يتعدا اللحاظ فقط فما هو داخل في العهدة هو وجوب الاطعام سواء كان اطعام انسان او حيوان والذي يدخل في العهدة هو الشيء الخارجي والذي يكون في اللحاظ هو التباين بينهما فما هو مرحلة اللحاظ لم يكن داخل في العهدة فان الشارع لم يأمرنا بما هو موجود في اللحاظ انما امرنا بما هو متحقق في الخارج فلذلك يدور بين الاقل والاكثر في المقام فالأقل وهو الجنس معلوم والاكثر وهو الانسان مشكوك فيه فنرجع فيه الى البراءة، ففي الحالة الاولى يدور الامر بينهما دوران الاقل والاكثر لا دوران الامر في المتباينين حتى يجب علينا الاحتياط انما هناك تباين في المفهوم واللحاظ وهو لم يكن داخل في العهدة حتى يكون امر بهما انما الداخل في اللحاظ هو الموجود في الخارج والمفروض انه يدور الامر بين الاقل وهو الجنس والاكثر هو الانسان فنرجع في الاقل الى الاشتغال وفي الاكثر الى البراءة كما تقدم بيانه فيكتفى بإكرام أي حيوان ولا حاجة في ان يكون الاكرام في خصوص الانسان هذا الذي ذكروه في الحالة الاولى وهو صحيح
اما الحالة الثانية : فانه اذا كان هناك لحاظ بينهما تباين او غير تباين لكن في ذات الملحوظ تباين كما ضربنا المثال في الاكرام مطلقا او الاطعام فان الاكرام والاطعام بينهما تباين في الخارج ففي هذا المقام قالو بانه انما يقتضي التخيير لانهما متباينان فالإكرام مطلقا شيء والاطعام مطلقا شيء اخر صحيح قد يتفقان في المصداق الخارجي فيكون الاطعام اكرام له الا ان وجوب الاكرام شيء وخصوص الاطعام شيء اخر له خصوصية فتردد فيقتضي التخيير لان بينهما تباين في ذات الملحوظ وان اتحدا في الخارج من حيث المصداق، فالمقام يقتضي التخيير لا ان يكون تعين فان الحالة الثانية تختلف عن الحالة الاول التي كان فيها التباين بين اللحاظ والمفهوم فقط واللحاظ لم يكن داخل في العهدة انما الذي دخل في العهدة هذا الاكرام الخارجي او الاطعام الخارجي تردد بين الانسان والحيوان الاقل هو الحيوان الاكثر هو الانسان فقيد زائد فنشك فيه فنرجع فيه الى البراءة، اما الحالة الثانية في ذات الملحوظ التباين ولذلك تردد بين وجوب الاكرام مطلقا وبين وجوب الاطعام خصوصا فالأمر يدور بين متباينين والقاعدة تقتضي التخيير بينهما، لكن يمكن الاشكال على هذا انه من حيث النتيجة الاصولية لا فرق بين الحالتين فالإكرام والاطعام يصدقان في الخارج الحيوان والانسان يصدقان في الخارج وليس لدينا خلاف في هذا فمن حيث الامتثال ومن حيث المصداق الخارجي ومن حيث النتيجة الاصولية واحدة، واما ما ذكره السيد الصدر قدس سره في المقام من التفصيل بين الانحلال الحقيقي والانحلال الحكمي حيث ذكر بانه في الانحلال الحقيقي صحيح واما الانحلال الحكمي غير صحيح هذا على مبناه جعل للانحال قسمين حقيقي وحكمي وقد تقدم انه لا فائدة في هذا التقسيم ولا ثمرة فيه فانه وان كان هناك عقل ودقة والاصول لكن يبقى الاصول مقدمة للفهم فلا يمكن الابتعاد عن الفهم العرفي الذي مبني على الدقة فان مشارب الاصوليين مختلفة من حيث اتباعهم للمناهج وكيف ما كان كلهم يقولون الاصول مقدمة للفقه ولا يمكن ان تكون المقدمة زائدة على ذي المقدمة ففي المقام الانحلال الحكمي و والانحلال الحقيقي يمكن من حيث الدقية العقلية يختلفان في بعض الامور لكن بالنظر العرفي شيء واحد فمن اراد التفصيل يرجع الى كلام السيد الصدر في المقام فهو يريد ان يبين انحلال حكمي وانحلال حقيقي ففي الانحلال الحقيقي صحيح وليس هكذا في الانحلال الحكمي لكن رد انه لا يترتب عليه ثمرة ولا فرق بين الانحلالين من حيث الفهم العرفي هذا كله بالنسبة الى التخيير العقلي حيث انه يدور الامر بين الاقل والاكثر الاقل معلوم الاكثر مشكوك فنرجع الى البراءة بلا فرق ان يكون بين ان يكون تباين في اللحاظ والمفهوم او تباين في ذات الملحوظ، هذا بالنسبة الى التخيير العقلي
المقام الثاني : التخيير الشرعي فاختلفوا فيه اذا دار الامر فيه بين التعين والتخيير حسب اختلافهم في بيان التخيير الشرعي وعندهم مباني مختلفة في تفسير التخيير الشرعي وهذه المباني عديدة، الاول : ان التخيير الشرعي هو الوجوب المخير بترك الاخر ففي المثال العتق و الاطعام يجب العتق بشرط ترك الاطعام فوجوب احد الامرين مشروط بترك الاخر فسروا التخيير الشرعي بمثل هذا، فعلى هذا المبنى قالوا بانه يجب العتق باعتباره ان وجوب مشروط بترك الاخر ويرجع ذلك الى ان هنا وجوب مخير بينهما فمرجعه الى ان هناك وجوب تخيير لكن كل واجب مشروط بترك الاخر والقاعدة عند الدوران بين التعين والتخيير ان يكون هناك تعين باعتبار ان هذا متعين بالوجوب عليه فيكون مقيد بترك الاخر، لكن هذا التفسير سيأتي بيانه انه غير صحيح فان هذا الوجوب المشروط بترك الاخر يكون هناك عتق مقيدٌ بترك الاخر فاذا صار هناك شك في وجوب العتق حال ترك الاخر هل ان هذا الوجوب يكون وجوبا مطلقا او يكون مشروط حينئذ فلو فرض انه الان اتى بالعتق واتى بالإطعام وشك في ان وجوب العتق هل هو وجوب مطلق بحيث اذا اتيت بالإطعام لا يضر بوجبه او انه مشروط بترك الاطعام فلو اتيت بالإطعام حال العتق فلا يقبل العتق فيرجع الى الشك في التكليف والقاعدة تقتضي التخيير والاكتفاء بالمطلق ولا حاجة ان نقول انه مشروط لعلمنا بالوجوب وشك في الشرطية فنرجع في الشرطية الى اصالة البراءة فيقتضي التخيير، الا انهم ذكروا امرين في المقام لإثبات التعين
الاول : ما ذكره المحقق النائيني قدس سره من ان هذه الشرطية بقاءيه لا حدوثيه أي في مرحلة البقاء فلو اتيت بالعتق مع الاطعام لا يتحقق العتق لأنه مشروط بترك الاخر فلا يختص بمرحلة الحدوث أي ان الشارع الاقدس كلف الانسان بالعتق او الاطعام وكلاهما مشروط بترك الاخر فلو اتى بالإطعام مع العتق يشك في تحقق هذا الوجوب في الامتثال والقاعدة تقتضي التعين فانه وجوب معلوم يجب الخروج عن عهدته فيجب التعين لا ان يكون المرجع البراءة عن شرطية هذا فان له امران الاول ان الشرطية في مرحلة البقاء لا مرحلة الحدوث فقط الثاني ان اتيان العتق مع الاطعام نشك ان هذا العتق مجزي او غير مجزي ونشك بالخروج عن عهدة الامتثال فالمرجع قاعدة الشغل لا البراءة، الا انه يورد عليه اولا من قال بان الشرطية في مرحلة البقاء بل يمكن ان نقول في مرحلة الحدوث من اتى ان هذه الشرطية في مرحلة البقاء لا مرحلة الحدوث فان الانسان قبل ان يمتثل احد هذين فالأمر يجب العتق بشرط ترك الاطعام هذا في مرحلة الحدوث فلو اتى بالعتق وبعدها اتى بالإطعام صح ذلك فمن قال ان الشرطية مختصة بالبقاء بل يمكن ان نقول مختصة بالحدوث وعلى فرض التنزل وقلنا ان هذه الشرطية مختصة في مرحلة البقاء لكن من قال ان البراءة مختصة بخصوص الشك في التكليف بل ان دليل البراءة له من الاطلاق ما يشمل الشك في التكليف والشك في حدوده وقيوده وفي المقام نشك في عتق اخر او اطعام اخر فنرجع الى البراءة و نجتزئ بما اتينا به وما ذكره المحقق النائيني لإثبات التعين بناء على هذا المبنى غير صحيح .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo