< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

35/04/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : دوران الامر بين التخيير والتعيين
ذكرنا ان التخيير تارة يكون عقلائي واخرا يكون شرعي والتخيير العقلي تقدم الكلام فيه انه ايضا فيه البراءة تجري بالنسبة الى التعيين ويثبت التخيير، اما البراءة الشرعية فقد تقدم الكلام في بحث البراءة وقلنا ان البراءة تجري بالنسبة للتعينية باعتبارها خصوصية زائدة والخصوصية الزائدة في التكليف اذا كانت مورد الشك تجري فيها البراءة ولا فرق في جريان البراءة في ان تجري في اصل التكليف المشكوك او المعلوم لكن قيوده وحدوده مجهولة فهي تجري سواء في مرحلة الحدوث او مرحلة البقاء والدليل على ذلك اطلاق ادلة البراءة، فالتعينية خصوصية زائدة في اصل التكليف مورد الشك نرجع فيها الى البراءة فيقتضي التخييرية حينئذ، الا انهم اختلفوا في مبنى التخيير الشرعي ذكروا ان هناك مباني في التخيير الشرعي وما هو المناط فيه فاختلفوا في تعين المبنى ولأجل اختلافهم في المبنى اختلفوا في التعين والتخيير
المبنى الاول : ما ذهب اليه جمع كثير من الاصوليين من ان التخيير معناه اتيان فعل مشروط بترك الاخر العتق والاطعام مثلا فان العتق واجب بشرط ترك الاطعام فالإطعام واجب بشرط ترك العتق فهذا هو الواجب التخييري ومعنى هذا ان هنا شرط في انه ينضم الى الواجب ترك الاخر فمعناه لو شككنا في ان العتق واجب مع ترك الاطعام فنشك في المطلق والمشروط فيرجع الشك في ان العتق واجب حتى مع الاطعام او اذا حصل الاطعام ليس بواجب فيحصل لنا شك في العتق ومرجع هذا الشك الى وجوب العتق هل هو مطلق او مشروط فنرجع فيه الى البراءة في مثل هذا الشرط فاذا اعتق واتى بالإطعام فلا يضر بذلك وهذا معنى مرجع الشك الى الاطلاق والشرطية فهل وجوب العتق مطلق بحيث لو اتى بالعتق واتى بالعتق لا يضر او انه مشروط بشرط ترك الاخر فمرجع الشك الى هذا فنرجع في الشرطية الى البراءة فتثبت التخييرية بالرجوع الى البراءة في الشك في الشرطية، لكن مع ذلك ذكروا انه يقتضي التعين وذكروا للتعين وجهين
الوجه الاول : ما افاده المحقق النائيني قدس سره من اننا نعلم من ابتداء الامر وجوب العتق وفي مرحلة البقاء مشروط بترك الاخر فحينئذ شك في مرحلة البقاء انما هو مشروط بترك الاخر فعلمنا بوجوب العتق ونشك في الاطعام فنرجع فيه الى البراءة فالأصل يقتضي التعينية لأننا علمنا بالوجوب ويحصل الشك بالامتثال والتحصيل فنرجع الى قاعدة الشغل لأنها جارية في الحال لا يمكن الرجوع الى البراءة اذ اننا علمنا بأصل الوجوب ويحصل الشك في الخروج عن هذه العهدة والقاعدة تقتضي التعين حينئذ هذا ما ذكره المحقق النائيني فلا يمكن لنا الرجوع الى البراءة في المقام لان القاعدة تقتضي الشغل لعلمنا بالوجوب من ابتداء الامر
اشكل على ذلك : من قال ان التكليف يكون في مرحلة البقاء بل حتى في مرحلة الحدوث فانه من ابتداء الامر علمنا وجوب الاطعام فيستكشف من ذلك انه على نحو التخيير لكن من اين لنا علم انه في مرحلة البقاء بل هو حتى في مرحلة الحدوث فانا ابتداءً علمنا بوجوب العتق وعلمنا بوجوب الاطعام فهو على نحو التخيير، اما انكم لا تجرون البراءة في مرحلة البقاء فمن قال ان البراة تختص بمرحلة البقاء فان اطلاق دليل البراة يشمل مرحلة الحدوث والبقاء، هناك المحقق النائيني قال انا علمنا بوجوب العتق ثم في تلك المرحلة عندنا شك هل هو مشروط بشيء فنرجع الى قاعدة الشغل واما ان هذا يقول ان اطلاق دليل البراءة يشمل التكليف سعته وضيقه فكل ما يرتبط بالتكليف اذا علمنا به فالقاعدة تقتضي الشغل اما اذا شككنا في سعة التكلف وضيقه او شككنا في حد او شرط من حدود او شروط هذا التكليف القاعدة هي الرجوع الى البراءة اذ لم يعلم من كل حيثية فالمفروض على المكلف انما يجب عليه اتيان التكليف اذا علم بالتكليف من كل حيثية وجهة اما اذا حصل له شك من ناحية من النواحي فالمرجع هو اصالة البراءة فمن قال الشك في المقام انما في مرحلة البقاء فقط لا مرحلة الحدوث، فانه حتى في مرحلة الحدوث ايضا مكلف بالتخيير وعلى فرض التنزل وقلنا انه في مرحلة البقاء لا في مرحلة الحدوث اذ في مرحلة الحدوث علمنا بالوجوب وفي مرحلة البقاء نشك في الخروج عن العهدة فالقاعدة تقتضي الاتيان بالامتثال، الا اننا نقول ان البراءة تجري في كلتا الحالتين اذ ان الشك يرجع في سعة التكليف وضيقه والمرجع في كل واحد من هذه الامور البراءة الا اذا كان الشك راجع الى الامتثال فالقاعدة تقتضي الشغل وليس المقام كذلك، هذا ما ذكره المحقق النائيني والايراد عليه وايرادهم صحيح
الوجه الثاني : ما ذكره المحقق العراقي من ان هنا علم اجمالي غير منحل والسر في ذلك اذا لم ينحل العلم الاجمالي فالقاعدة تقتضي التعين والسر من ذلك ان وجوب العتق مشروط بترك الاطعام، والمخالفة تحدث في المقام بترك العتق منضم لترك الاطعام ومن الواضح المخالفة التخييرية انما تحصل بترك العتق وضم الاطعام اليه أي تركهما معا، وهنا العتق واجب بشرط ترك الاخر او انضمام ترك العتق منضما الى الاخر هذا هو الذي يكون فتحدث حيثية الزامية في التعين وحيثية الزامية في التخيير لكل واحد منهما حيثية الزامية فحيث الزام التعين تختلف عن الحيثية الالزامية في التخيير والسر في ذلك ان الحيثية الالزامية في التعين هو انه يجب العتق بشرط عدم اتيان الاخر والحيثية الالزامية في التخيير هو عدم ترك العتق منضما مع ترك الاطعام، فهناك يجب العتق بشرط ان لا تأتي بالأخر هنا في التخيير انما حرمة ترك العتق منضما الى ترك الاطعام اذ بتركهما تحصل المخالفة القطعية بالنسبة الى التخيير فالحيثية الالزامية في التخيير تختلف عن الحيثية الالزامية في العتق هناك وجوب العتق منضما الى شرط ترك الاخر هنا حرمة ترك العتق منضما الى ترك الاخر فبينهما علم اجمالي اما بوجب العتق واما بحرمة ترك العتق منضما الى ترك الاخر ولا سبيل الى انحلال هذين العلمين والقاعدة تقتضي التعيين فيقتضي ان هناك عتق بشرط ان لا يكون ترك للأخر، اما ترك الاطعام بالنسبة الى العتق انما هو ترك المباح لكن في الاخر يختلف فترك العتق مع ترك الاطعام يستلزم مخالفة قطعية فاذا دار الامر بين التعين والتخيير التعين على هذا المبنى صحيح، هذا ما ذكره المحقق العراقي قدس سره
يشكل عليه : ان البراءة اذا اردنا ان نجريها بالنسبة الى وجوب العتق معارض مع البراءة بالنسبة الى الحرمة ولا ترجيح بينهما فيبقى العلم الاجمالي على حاله، بينما الرد على هذا ان البراءة لا تجري بالنسبة الى التخييرية أي الحيثية الالزامية التخييرية لأنه يستلزم مخالفة قطعية واذا اوجبت البراءة المخالفة القطعة فلا تجري البراءة لما عرفتم من جريان البراءة اذا كانت هناك مخالفة احتمالية اما اذا جرت البراءة واستلزمت المخالفة القطعية فلا تجري فان فرض جريانها في ما اذا لم تكن مخالفة قطعية اما اذا كانت هناك مخالفة احتمالية تفرض، وفي المقام في الحيثية الالزامية بالنسبة للتخيير ان ترك العتق منضم الى ترك الاطعام فيحرم ترك العتق منضم الى ترك الاطعام ولا ريب ان البراءة لا تجري اذ لو اجريناها لاستلزمت المخالفة القطعية بينما في الحيثية الالزامية للعتق اجراء البراءة فيها يستلزم مخالفة احتمالية فلا تعارض بين البراءتين حتى يقال بالمعارضة فان الحيثية الالزامية من جانب التخيير فان اجراء البراءة يستلزم المخالفة القطعية الحيثية الالزامية بالنسبة الى العتق اجراء البراءة تستلزم مخالفة احتمالية اذا لم تأتي بالعتق فلابد ان تأتي بالإطعام فلأجل هذا ان البراءة تجري في جانب ولا تجري في الجانب الاخر لان جريان البراءة في الجانب الاخر يستلزم المخالفة القطعية فلا تعارض بين البراءتين
المبنى الثاني : ما ذكره المحقق الخرساني رحمه الله في الواجب التخيير غرضان الزاميان فعليان بالنسبة الى المولى كل واحد من هذين الواجبين العتق والاطعام في كل واحد منهما غرض الزامي فعلي للمولى، في مقام الامتثال يكون تزاحم بينهما اذ لو اتى بالعتق حصل الغرض فيسبب هذا العجز عن اتيان الغرض الاخر فالتزاحم في مقام الامتثال بمعنى ان اتيان احد الغرضين يستلزم العجز عن الاتيان بالنسبة الى الغرض الاخر، هذا ما ذكره المحقق في تفسير الواجب التخييري، بناءً على هذا التفسير ان الشخص يعلم بوجود الغرض في كل واحد منهما فاذا علم وشك في شك في شيء من ذلك يستلزم ان يكون هناك تعينيه في البين فالقاعدة تقتضي الاحتياط وهو التعينية اذا شك في شيء بعد العلم بأصل الوجوب هذا مبنى المحقق الخرساني فذهب الى ان الواجب التخييري هو ان هناك غرضان مولويان الزاميان فعليان ولكن في مقام الامتثال يقع التزاحم بين هذين الغرضين بمعنى ان الاتيان بأحد الغرضين يستلزم العجز عن الغرض الاخر فالقاعدة تقتضي الاحتياط اذا كان المكلف عالم بهاذ الوجوب ثم حصل له العجز فاذا علم بالعجز يسقط التكليف اما اذا شك بالعجز والقدرة فالقاعدة تقتضي الاحتياط وفي المقام نفس الكلام
المبنى الثالث : ما ذكره بعض المحققين منا ان الوجوب التخييري يرجع الى التخيير العقلي أي يرجع الى العنوان مأخوذ فيه عنوان احدهما فمعنى الواجب التخييري ان عنوان احدهما واجب على المكلف فارجع الواجب التخييري الى الواجب العقلي وهو يقتضي التخيير كذلك في المقام يقتضي التخيير بعنوان احدهما
واشكل : ان هناك عنوان ومصداق اما هنا عنوان وليس داخل في العهدة فان الذي يدخل في العهدة هو المصداق اما العنوان فهو موجود في اللحاظ والذهن اما المصداق فهو موجود في الخارج وليس المقام من قبيل الجنس والفصل حتى يكون جمع حقيقي بينهما واتحاد في المصداق الخارجي فان هنا عنوان احدهما عنوان انتزاعي وموطنه الذهن والذي يكون موطنه الذهن لا يكون داخل في العهدة فان الذي يدخل في العهدة هو المصداق الخارج فاذا شككنا في أي جزء من اجزاء المصداق الخارجي من سعة التكليف او ضيقه او حدوده نرجع فيه الى البراءة فالقاعدة تقتضي التخييرية لا التعينية .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo