< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

35/05/02

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الخلل واحكامه
كان الكلام في الاستدلال على مبطلية الزيادة العمدية وقد استدلوا بوجوه :-
الوجه الاول : ان الزيادة في أي عبادة وخصوص الصلاة ان كانت في القراءة والذكر يكون من كلام الادمي وان كانت الزيادة في الافعال يخل بالموالاة، واجيب عن هذا ان صدق كلام الادمي على القراءة والذكر هو بعيد ومنصرف عن هذا واذا كانت في الافعال انما تبطل بسبب اختلال الموالاة لا من حيث نفس الزيادة موجبة للبطلان اذ لا يمكن ان يصدق على مجرد قيام او جلوس فلا يصدق انه اختلال ثم اذا كانت مبطلية الصلاة من جهة اختلال الموالاة هذا شيء وبطلان الصلاة من جهة الزيادة شيء اخر
الوجه الثاني : الزيادة انما توجب التشريع واختلال قصد القربة اذا اتى بها المكلف بقصد الجزئية فأنها تستلزم التشريع بالعبادة والاختلال بقصد القربة، وهذا الوجه كسابقه من حيث انه اذا اوجب البطلان لاستلزامه التشريع واختلال قصد القربة فصار البطلان من ناحية التشريع ومن ناحية اخلال قصد القربة وكيف ما كان فلابد من بيان التشريع ولو اجمالا في المقام ثم ذكر الصور التي يستفاد منها في الدليل ثم مناقشة الدليل
نقول ان هذا التشريع الذي هو من الشارع لان الحكم بيد الشارع وهو الذي يشرع الاحكام والاوامر والنواهي فاذا تصرف العبد بهذه السلطة فيكون تشريع وهو على اقسام :-
القسم الاول : ان يأتي الفعل بداعي الامر الذي اخترعه العبد لا بداعي الامر الذي كان من قبل المولى فيخترع فعل فيه زيادة وجعل فيه امر من قبله فيكون الداعي الى هذا الفعل والتحرك والانبعاث لهذا الفعل من ناحية الامر الذي جعله لا من ناحية الامر المولوي فلا ريب ولا اشكال في حرمة ذلك العمل ولا يمكن ان يتقرب به اذ انه لم يتحرك من امر المولى وانه تحرك وانبعث من ناحية امره لا من امر المولى فلا سقوط للأمر وموجب لبطلان العمل
القسم الثاني : ان يكون هناك امر مولوي وامر اخترعه العبد بالنسبة الى الزائد اي جعل الفعل مع هذا الزائد فان قصد الامر المولوي في هذا الفعل وتحرك من الامر المولوي وانبعث منه فالعمل صحيح لكنه مشتمل على تشريع محرم لأنه اخترع بنفسه امر بهذا الفعل لكن انبعاثه من امر المولى
القسم الثالث : نفس ما تقدمي القسم الثاني الا انه تحرك من امره لا من امر المولى فان الامر الذي اخترعه الى الفعل المأمور به فتحرك من امره لا من امر المولى فهذا الفعل باطل ولا يمكن التقرب به لأنه لم ينبعث عن امر المولى بل تحرك من امره فهذا القسم كالقسم الاول
القسم الرابع : ان يكون تحديد في امر المولى يخترعه العبد ويجعله تحديد في امر المولى مثلا يتخيل ان الامر تعلق بركوعين لا بركوع واحد او تعلق بالجامع بين ركوع واحد وركوعين فهنا اختراع منه فان الامر المولي موجود وينبعث عنه لكن حدد ذلك الامر ليشمل الزائد اما بجعل امر للركوع الثاني او يجعل امر للجامع بين ركوع واحد وركوعين
بعضهم قال ان كل تشريع في امر عبادي يوجب بطلان العبادة ويوجب اختلال قصد القربة وهذه الاقسام الاربعة بما ان التشريع وضع يده بهذا الفعل فلا يمكن التقرب به فيبطل جميع الاقسام الثلاثة، وبعضهم يفرق ويقول ان القسم الاول اذا كان تحركه من امر مخترع لا من امر المولى والقسم الثالث الذي كان امر مولوي وامر مخترع وتحرك عن الامر المخترع فهذين القسمين باطلين والقسمين الاخرين لم يبطل، وهذا موجز الكلام في التشريع واقسامه
والكلام في ان الشخص الذي اتى بفعل مع الزيادة ففي هذه الزيادة تارة يكون هذا الشخص قد تخيل ان امر المولى هو هذا الفعل الذي يأتي به مع الزيادة فيكون اشتباه بالتطبيق فهو يعلم هناك امر صدر من المولى ويعلم ان الفعل ذو اجزاء لكن تخيل ان امر المولى شمل الزائد والمزيد عليه فيكون اشتباه في التطبيق، قالوا بصحة الفعل باعتبار انه تحرك من امر المولى فهو قاصد للأمر المولوي لكنه تخيل واشتبه في التطبيق وهذا الاشتباه لا يضر بالعمل بعد اذ تحرك من قبل امر المولى فالفعل صحيح، القسم الثاني ما اذا كان هذا التحرك من امر المولى لكن امر المولى بالتقيد فانه تقيد الامر بنظره الى انه مع الزيادة فهو يعتقد بان امر المولى تقيد بهذا الزائد فلو لم يأتي به لم يأتي بالأمر فيكون اشتباه بنحو التقيد فهو يأتي بالأمر لكن بنحو التقيد في نظره فهذه الصورة هو محور الاشكال والدليل الذي ذكروه يرد في هذه الصورة فانه اتى بالفعل لكن بتقيد هذه الزيادة لا بنحو الامر المطلق فلو لم يكن هذا التقيد لم يأتي بالفعل وهذا محور الاشكال فهل هذا الفعل يوجب التشريع ويوجب بطلان العمل او لا، رد هذا الدليل بوجوه
الوجه الاول : ان هذا مبني على القبح الفاعلي اذ انه اعتقد امر يتعلق بالزائد وتحرك من هذا الامر وان كان هناك امر في الواقع لكنه اعتقد ان هذا الامر المولوي مقيد بالزائد فيكون تحركه من هذه الناحية فلا ريب في انه يستلزم قبح فاعلي لكن هل ان القبح الفاعلي يسري الى قبح الخارج بحيث يكون الفعل قبيح ولا يمكن التقرب به، لكن القول بان كل قبح فاعلي يسري الى القبح الخارجي فيكون العمل الذي اتى به قبيح او الكلام والدعوى، لا اشكال في انه حصل منه قبح فاعلي لكنه يسري ويجري الى القبح الخارج فهي اول الدعوى
الوجه الثاني : انه اتى بقصد عدم الجزئية فانه لا اقتضاء بالنسبة الى عدم الجزئية والزيادة اتى بها بعدم الجزئية وهو اتى بعنوان الجزئية، فالجواب يمكن لا اقتضاء بالنسبة الى الزائد فالشارع الاقدس لم يجعل شيء بالنسبة للزائد وان لم يأمر به الشارع الاقدس تسهيلا فهو اتى بالزائد بعنوان الجزئية وهذا القصد باطل والاعتقاد خاطئ، الا انه يمكن ان يكون في الواقع لا اقتضاء فإتيان هذا الزائد لا يضر
الوجه الثالث : ان المكلف الذي يأتي بالأفعال يأتيه دائما بتخيل امر اعتقادي او امر تخيلي فان قصد الامر الواقعي بما هو واقع قليل ونادر فان الذي يأتي به المكلف الامر الذي اعتقده ووصل اليه من الشارع الاقدس وانبعاثه عن هذا الامر فحينئذ هذا الامر التخيلي او الاعتقادي ان كان اشتباه في التطبيق فتخيل ان هذا الامر مع الزائد فهو اشتباه في التطبيق ولا اشكال في صحته ولا يضر اذا كان انبعاثه عن الامر المولوي، اما اذا كان انبعاثه عن الامر الذي احتمله او الذي اعتقده بحسب الادلة الشرعية اعتقاد واحتمال اما هو الواقع فليس الامر كذلك فهو يعتقد بان هذا الفعل اعتقاد عن اعتقاد ايضا صحيح لأنه معتقد عن دليل صحيح عنده وان كان خلاف الواقع فهو منبعث عن امر المولى فكل الافعال التي يأتي بها المكلفون اما عن اشتباه في التطبيق او عن امر اعتقادي او احتمالي فلا يكون الا عن هذه الاقسام الثلاثة، الا ان نقول بان هذا الشخص اعتقد ان الفعل انما يكون مع الزائد فهذا تجري على المولى يستلزم حرمة العمل، لكن تقدم في بحث القطع بان التجري ليس الا قبح فاعلي ولم يستلزم قبح فعلي ولم يكن قبيح خارجا حتى لا يمكن التقرب به وقد تقدم التفصيل بذلك فان التجري انما يكون سوء السريرة او قبح فاعلي، لكن ما ذكروه من ان هذه الزيادة تستلزم التشريع والاختلال بقصد القربى فهو غير تام .
الدليل الثالث : قالوا التمسك بأطلاق قوله عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام (من زاد في صلاته فعليه الإعادة)[1] واطلاقه يشمل جميع الزيادة سواء كانت عمدية او غير عمدي وسواء كانت في الافعال او غير الافعال فمن زاد في المكتوبة فعليه الاعادة، لكن لابد من تقيد هذا الاطلاق بالركن او بالركعة عن أبي عبد الله (عليه السلام )، قال : سألته عن رجل صلّى فذكر أنّه زاد سجدة ؟ قال : لا يعيد صلاة من سجدة، ويعيدها من ركعة)[2] وهذه الرواية تقيد اطلاق الرواية الاولى بالركن او بالركعة، فلم يتم دليل يصلح الاعتماد عليه على ان الزيادة العمدية توجب بطلان العمل الا انهم تسالموا على ان الزيادة العمدية في الصلاة توجب بطلانها .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo