< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

35/05/07

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الخلل واحكامه
ان الكلام في الخلل بسبب العذر وقد تقدم ان المشهور بين الفقهاء عدم بطلان العمل بتعذر جزء من اجزائه او شرط من شروطه واستدلوا على ذلك بأدلة منها اطلاقات الادلة التي تشمل مثل هذا العمل المتعذر فيه قيد من القيود وهذا الاستدلال بإطلاقات الادلة مما يكشف ظهور هذه الادلة لشمول الباقي، ومنها قاعدة الميسور ويأتي الكلام فيها، ومنها استصحبا وجوب الباقي اذا تعذر جزء من اجزاء هذا المركب فنقول ان استصحاب وجوب الباقي فيدل على الصحة، ومنها حديث الرفع حيث انهم قالوا ان حديث الرفع يرفع جزئية المتعذر ويثبت وجوب الباقي، وناقشوا في دليل حديث الرفع بانه حديث امتناني يرفع التكليف لا انه يثبته فاذا اردنا به اثبات وجوب الباقي فيكون خلاف الامتنان وحديث الرفع لا يشمل خلاف الامتنان وقد ذكرنا انه يرفع جزئية المتعذر واما وجوب البقية فقد اثبتناه بسائر الادلة لا بحديث الرفع حتى يثبت تكليفا
اما الاستصحاب فقد اشكل عليه انه من القسم الثالث من اقسام استصحاب الكلي فان هذا المتعذر وجوبه انتفى بسبب التعذر ونريد اثبات وجوب استقلالي للباقي فيكون من الاستصحاب الكلي من القسم الثالث فانه احد الفردين انتفى وهو الوجوب الضمني الغيري ونريد ان نثبت بالاستصحاب وجوب استقلالي فهو من القسم الثالث الذي اتفق الاصوليون على بطلانه وقد اجيب عن هذا الاشكال بوجوه :-
الوجه الاول : ما قد تقدم من انه ليس هناك وجوب ضمني ووجوب استقلالي حتى يثبت بالاستصحاب وجوب الباقي يكون من الكلي بل هو وجوب واحد متعلق بالكلي ومركب ذو اجزاء ينبسط على اجزائه وحينئذ وجوب واحد وبالاستصحاب نريد ان نثبت الوجوب الشخصي المنبسط على هذه الاجزاء لا ان نثبت وجوب يختلف عن وجوب الضمن او الوجوب الجزء المتعذر، فوجوب واحد تعلق بهذا الكل وانبسط على هذه الاجزاء اذا انتفى احد اجزاء هذا المركب فالوجوب الشخصي الذي كان نستصحبه بالنسبة للباقي فيكون الاستصحاب من هذه الناحية صحيح، وقد تقدم ان في الاقسام الواجبة لا حاجة في ان نجعل واجب استقلالي او غيري في الاجزاء بل هو وجوب واحد منبسط وهو وجوب واحد متعلق بهذه الاجزاء وهو وجوب شخصي انتفى احد اجزائه بسبب التعذر فنستصحب الوجوب الشخصي وهو الجواب الصحيح
الوجه الثاني : ان هذا الاستصحاب يرجع للجامع أي اننا نستصحب الجامع بين الوجوب الغيري والوجوب الضمني فاذا انتفى احد جزئي الجامع وهو الوجوب الضمني بسبب التعذر فنستصحب الجامع المتحقق في الوجوب الاستقلالي، وقد اشكل على هذا الجواب بان هذا الجامع الذي تريدونه فاذا اردنا استصحابه لإثبات فرد خاص لإثبات وجوبه فانه من الاصل المثبت وان الاصل المثبت لا اعتبار به، والجواب انه يوجد مسامحة عرفيه في موضوع الاستصحاب فليس موضوع الاستصحاب مبني على الدقة حتى تقول ان هذا فرد وذاك كلي فكيف يكون استصحاب الكلي لإثبات مصداق او لإثبات فرد مه وهو من الاصل المثبت بل هنا مسامحة عرفية في ان الكي هذا الفرد والفرد عين هذا الكلي فمن هذه الناحية لا اشكال
الوجه الثالث : قال المحقق العراق رحمه الله ان استصحاب وجوب الكلي محكوم باستصحاب جزئية الجزء وان هذا الجزء المتعذر نشك في انه خرج عن الجزئية وهو قد كان جزء من هذا المركب فنستصحب جزئية الجزء لان الشك في الباقي مسبب عن الشك في الجزئية فاذا استصحبنا جزئية الجزء فلا شك فيجب الاتيان بالمجموع أي الاعادة، فان استصحاب وجوب الباقي محكوم بالاستصحاب الثاني وهو استصحاب جزئية الجزء المتعذر لان الشك في وجوب الباقي او في وجوب الاقل مسبب عن الشك في هذه الجزئية فاذا استصحبناه ثبت الوجوب، وقد اشكل عليه السيد الصدر رحمه الله من انه ما المراد من الجزئية ان كان المراد منها هو الجزئية باعتبار انه مصداق للكلي حينئذ وان الجزئية استصحابها لأجل دخلها بالغرض والملاك فيكون من الاصل المثبت فهو ليس من الامر الشرعي حتى يثبت بالاستصحاب فنستصحب الجزء لإثبات الملاك فهو خارج عن الموضوع الشرعي انما نريد ان نجري الاصل لإثبات حكم شرعي اما نستصحب الجزئية لان لها دخل في الغرض والملاك فهذا خارج ليس حكما شرعيا بل هو امر ومسبب عقلي والمسبب العقلي لا يجري فيه الاستصحاب وان كان المراد من الجزيئة ان لها دخل في مسمى الصلاة باعتبار ان الصلاة مجموعة من الاجزاء هذه فلها دخل في مسمى الصلاة، ايضا هذا خارج عن حيطة الاستصحاب وموضوع الاستصحاب لان دخل الاسماء في المسميات ليس لها حكم شرعي حتى نستصحبه، وان كان المراد من الجزئية انها لها دخل في المركب أي نستصحب هذه الجزئية باعتبار ان لها دخل في المركب وفي الكل فهي ارتفعت بسبب التعذر فان كانت هي التي تعذرت ولم يمكن اتيانها والمركب انما تركب من اجزاء لم تكن متعذرة فاذا عذر احد الاجزاء لم يكن له دخل في ذلك المركب وهذا ما ذكره السيد رحمه الله
والجواب ان هذا خارج عن مقصود المحقق العراقي الا ما ذكره من ان لها دخل في مسمى الصلاة فقال لعل مقصود المحقق العراقي هذا ولكن هذه التشققات التي ذكرها السيد الصدر رحمه الله خارجه عن مقصود المحقق، ويمكن رده ان جزئية ان كانت هذه الجزئية شخصية أي خصوص مصداق هذا الجزء المتعذر ونريد ان نستصحب المعنى العام الكلي من الجزئية لها دخل في المركب ونريد ان نثبت هذا الجزء المتعذر الذي تعذر بسبب العجز فهذا من الاصل المثبت فلا يجري الاستصحاب فيه فنرجع الى استصحاب وجوب الباقي، فالصحيح ان هذا الاستصحاب بالنسبة الى وجوب الباقي صحيح بالمعنى الذي ذكرناه
الوجه الرابع : ان الجزء الذي تعذر اما ان يكون ركن او غير ركن فان كان ركن انتفائه يوجب انتفاء الموضوع لدخالة الجزء في المركب في تحققه وانتفائه يوجب انتفاء المركب، اما اذا كان الجزء غير ركن فان تعذره لا يوجب انتفاء ذلك الموضوع والحكم لان هذه الحيثية تعليلية والكل متفقون على ان الحيثية التعليلية انتفائها لا يوجب انتفاء الحكم فنجري استصحاب الحكم
والحيثية التقييدية والحيثية التعليلية في المقام تعذر وجزئية الجزء المتعذر حيثية تعليلية انتفائها بسبب التعذر لا يوجب انتفاء الموضوع فنشك في الحكم فاستصحاب الحكم يجري مثل الحيثية التقييدية مثل الكر المتغير فهناك قالوا الكر اذا تغير بأحد اوصافه الثلاثة فيوجب النجاسة فاذا زال التغير هل يوجب زوال النجاسة ؟ فيقولون ان هذه الحيثية تعليلية لا تقييدية فنستصحب نجاسة الكرام وبقائه على حاله، والمقام مثل هذا القبيل
والجواب عنه ان كل حيثية تعليلية اذا انتفت لا توجب انتفاء الحكم وشخص الحكم ونستصحبه ولا القاعدة الكلية في ان الحيثية التقييدية اذا كان انتفائها يوجب انتفاء شخص الحكم ايضا ليست قاعدة كلية لأنه لا يوجد قاعدة بهذا بل الامر يدور على ان هذه الحيثية هل لها دخل في الحدوث والبقاء فحينئذ انتفائها يوجب انتفاء ذلك الحكم سواء كانت الحيثية تعليلية ام تقييدية، واذا كانت الحيثية لها دخل في حدوث الحكم فقط او شككنا ان لها دخل في الحدوث او البقاء فان انتفائها لا يوجب انتفاء الحكم فستصحب الحكم فالمناط في الحيثيتين ان تكون الحيثية مطلقا لها الدخل في الحدوث والبقاء واما اذا كان لها الدخل في الحدوث فقط او شككنا في ان لها الدخل في الحدوث والبقاء فانه لا فرق بين الحيثيتين في جواز استصحاب الحكم وعدم انتفائه، فالمقام ان حيثية جزئية الجزء بسبب التعذر هل الحيثية تعليلية بحيث اذا انتفت لا توجب انتفاء الحكم فنستصحب وجوب الحكم بالنسبة الى الباقي فنقول ان لها الدخل في الحدوث والبقاء وان الجزء جزءٌ والباقي مركب من هذا الجزء فجزئية الجزء لها الدخل في عنوان تحقق المركب وانتفائه، فهذه الحيثية تعليلية الا انها لها الدخل حدوثا وبقاءً وبانتفائها ينتفي الحكم فاذا اردنا اثبات وجوب الباقي فلابد ان يكون هناك دليل اخر ولا يمكن اثباته بالاستصحاب وليس هذه الحيثية لها الدخل حدوثا او نشك في ان لها الدخل حدوثا او بقاءً حتى يجري الاستصحاب .
الوجه الخامس : قالوا ان الاستصحاب انه يجري في اصل الوجوب لان الوجوب له اصل وله حد فان الوجوب الذي هو الاصل الشخصي المترتب على جميع هذه الاجزاء المركبة من هذه الاجزاء الا ان له حد وهو ان يكون وجوب ضمني او استقلالي فاذا انتفى الحد فلا يوجب انتفاء اصل الوجوب فان هذا الحد اذا ارتفاع فنستصحب ذلك الوجوب، فاذا قلنا نريد استصحاب الباقي ليس المقصود بحده بل نستصحب اصل الوجوب وان انتفى حده وهذا كثير مثلا الحمرة التي في دم المرآة اذا زالت شدتها فهذا حد لهذه الحمرة اذا ازيلت نستصحب اصل الحمرة فتعتبر هذه المرآة حائض، فالوجوب الموجود بعد تعذر الجزء نفسه الموجود قبل تعذر الجزء فلا اختلاف بينهما انما ارتفع حده وهو ليس له دخل في اصل الوجوب، هذا ما ذكروه في توجيه الاستصحاب
واشكل عليه السيد الصدر رحمه الله من ان الوجوب ليس له شخصية واشتداد وضعف وحد لأنه اعتبار والاعتباريات ليس فيها هذا النوع من الحدود والشخصية وحينئذ اذا اردنا ان نثبت الوجوب بالنسبة للباقي فهو مخالف للوجوب قبل تعذره فيحتاج الى دليل لأنه وجوبان مختلفان متباينان فهما وجوب مع الجزء ووجوب بعد تعذر الجزء
لكن الجواب عن هذا ان الوجوب باي اعتبار اعتبر فهو قابل للشدة والضعف وقابل للتشخص مثل وجوب حفظ النفس المحترمة يختلف عن وجوب رد السلام فان وجوب حفظ النفس له من الاهمية ما ليس له تلك الاهمية بالنسبة الى وجوب رد السلام فان اعتبار التكليف بيد المعتبر فيعتبر هذا التكليف في مورد شديد وفي مورد اخر ليس بتلك الشدة سواء بنفس لفظ الوجوب او بدليل اخر فانه يدل على الشدة والتشخص
والصحيح من هذه الوجوه الاربعة ما ذكر في الوجه الاول من انه ليس في المقام وجوب ضمني ووجوب استقلالي فلا يوجد الا وجوب واحد تعلق بهذا المركب ونبسط على اجزائه فاذا انتفى جزء من اجزاء ذلك المركب نستصحب الشخصي المتشخص في ضمن هذا المركب، فما ذكروه في توجيه هذا الاستصحاب ومناقشته لا يخلوا من اشكال والصحيح ما ذكرناه، ولا حاجة لنا الى الرجوع الى الجامع حتى يشكل عليه انه لا يحل المشكل فان كان في ضمن الاقل فقد ارتفع وان كان في ضمن الاكثر فيجب اتيانه بل الامر ان هذا الاستصحاب صحيح باعتبار ان هذا الوجوب الذي نريد ان نستصحبه بالنسبة الى الباقي انما هو وجوب شخصي انبسط على الكل فنستصحب هذا الوجوب ولا اشكال فيه من هذه الناحية .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo