< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

35/05/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : شرائط جريان الاصول
الوجه التاسع : التمسك بالأخبار التي تقدم ذكرها في بداية البحث من ان هناك اخبار مثل طلب العلم والحث عليه والتوبيخ على تاركه تدل على انه لا يجوز لنا الرجوع الى البراءة قبل الفحص، استشكل المحقق العراقي رحمه الله على التمسك بالأخبار بوجوه :-
الاشكال الاول : ان المنصرف منها انها في موارد العلم اجمالي لا الشبهات قبل الفحص فاذا علمت بالتكليف اجمالا فحينئذ يجب عليك الرجوع الى العلم والسؤال عن اهل الذكر والرجوع الى الروايات التي تشير الى هذا المطلب في موارد العلم الاجمالي يجب التعلم واما في الشبهات البدوية التي لم تكن مقترنة بالعلم الاجمالي فالروايات منصرفة عنها
ويمكن رده اولا -انه خلاف الاطلاق فمن قال ان هذه الروايات منصرفة لهذا مع ان فيها اطلاق فان الروايات التي تدل على وجوب طلب العلم والحث عليه والذم بالنسبة لتاركه فاطلاق هذه الروايات يشمل موارد العلم الاجمالي ويشمل الشبهات البدوية بل ظاهرها خلاف ما يريده المحقق العراقي فالخطاب للإنسان اذا لم تعلم بالتكاليف فعليك التعلم فظاهرها انه لا علم في البين لا انه هناك علم ويكون مجملا
الاشكال الثاني : الذي ذكره المحقق العراقي رحمه الله ان هذه الروايات ارشاد الى حكم العقل وليس اكثر من ذلك فان حكم العقل في موارد الشك عليكم ان تتفحصوا وترجعوا الى الروايات، لكن هذا الحكم العقلي تعليقي بعدم وردود الاذن من الشارع وقد ورد الاذن بالترخيص بدليل البراءة فحينئذ هذا الروايات ارشاد الى هذا الحكم العقلي والعقلي تعليقي وقد ورد الاذن والاباحة من قبل الشارع الاقدس فاذا ورد الاذن يسقط الحكم العقلي
واجبنا عن ذلك في ما سابق حيث استدل بعضهم بالعقل البديهي الذي يقضي بعدم الرجوع الى البراءة قبل الفحص واشكلوا عليه انه تعليقي وقلنا انه حتى لو كان تعليقي لكن في موارد الفحص لا قبل الفحص هو تعليقي لان دليل البراءة لا يشمل ما قبل الفحص لان موضوعه مقيدا بالشك المستقر وقد تقدم الجواب عن ذلك
الاشكال الثالث : ان هذه الروايات لا تشملنا نحن انما تشمل الذي يجهل الحكم بحيث لو اراد ان يسأل لتبين الحكم له وهو مختص بعصر المعصومين ولا يشمل زماننا فبيننا وبين المعصومين بون بعيدٌ فاذا اردنا ان نسأل فنرجع الى الروايات وهي مختصة لمن كان قادرا على التماس الجواب وهو يختص بعصر المعصومين ولا يشمل زمننا
لكن هذا الاشكال ايضا غير وارد باعتبار ان هذه الروايات تعم جميع الازمنة فكل من احتمل تكليفا من المسلمين فيجب عليه التفحص والتعلم والتفقه، ثم بعد ذلك لابد من ذكر هذه الروايات لنرى دلالتها وهي على طوائف نذكر بعضها :-
الطائفة الاول : تدل على ان طلب العلم فريضة وهي روايات عديدة منقولة بين الفريقين ومعروفه بينهم وهذا مما يوجب الاطمئنان بصدورها فمنها ما رواه الكليني في الكافي عن ابي عبد الله عليه السلام قال (طلب العلم فرضة)[1] وفي رواية عنه عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم (طلب العلم فريضة على كل مسلم الا ان الله يحب بغاة العلم)[2] أي الذي يبغون العلم ويطلبونه، ومنها ما روي عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام) قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم (العالم بين الجهال كالحي بين الاموات، وإن طالب العلم ليستغفر له كل شيء حتى حيتان البحر وهوامه، وسباع البر وأنعامه، فاطلبوا العلم فإنه السبب بينكم وبين الله عز وجل، وإن طلب العلم فريضة على كل مسلم)[3]، ومنها عن الامام الرضا عليه السلام، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله) يقول: (طلب العلم فريضة على كل مسلم، فاطلبوا العلم من مظانه، واقتبسوه من أهله فإن تعليمه لله حسنة، وطلبه عبادة، والمذاكرة به تسبيح، والعمل به جهاد، وتعليمه من لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة إلى الله تعالى لأنه معالم الحلال والحرام، ومنار سبل الجنة، والمؤنس في الوحشة، والصاحب في الغربة والوحدة، والمحدث في الخلوة، والدليل على السراء والضراء، والسلاح على الاعداء، والزين عند الاخلاء، يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة تقتبس آثارهم، ويهتدى بفعالهم، وينتهى إلى رأيهم، وترغب الملائكة في خلتهم، وبأجنحتها تمسحهم، وفي صلاتها تبارك عليهم، يستغفر لهم كل رطب ويابس حتى حيتان البحر وهوامه، وسباع البر وأنعامه، إن العلم حياة القلوب من الجهل. وضياء الابصار من الظلمة، وقوة، الابدان من الضعف، يبلغ بالعبد منازل الاخيار، ومجالس الابرار، والدرجات العلى في الدنيا والآخرة، الذكر فيه يعدل بالصيام، ومدارسته بالقيام، به يطاع الرب ويعبد، وبه توصل الارحام، وبه يعرف الحلال والحرام، العلم امام العمل، والعمل تابعه، يلهمه السعداء، ويحرمه الاشقياء، فطوبى لمن لم يحرمه الله منه حظه)[4] -ما اعظم طالب الذي يكون طلبه قربة لله تعالى وطلابه يتقون في مسيرتهم العلمية حتى يستفيدون فان هذه الاثار كلها مترتبة ولكن مع الخلوص والتقوى- وهذه الطائفة لا اشكال في انها تدل على وجوب طلب العلم والبحث فيها تارة يكون في العلم، وتارة يكون في المعلوم وما يتعلق به العلم فالمراد من هذه الروايات مطلق الثقافة والمعرفة الاسلامية التي ترتبط بالعقائد والطاعات فكل ما يرتبط بعقيدة المسلم وكل ما يرتبط بعمله فيجب عليه تعلم هذا النحو من العلوم، واما العلم فتارة يطلق بمعنى الانكشاف -أي المعرفة التي تكون فيه ميزة خاصة- عن دليل اجتهاد المصطلح عندما انه عالم، وتارة يراد منه العلم البسيط أي مطلق المعرفة والانكشاف ولو لم تكن فيه ميزة خاصة وهذا ايضا من العلم، كما ذكره بعض المفسرين لان لسان الروايات دل على كل من احتمل في حقه التكليف يجب عليه تحصيل العلم ولو كان عن تقليد وسؤال او اجتهاد ولا ضير انه يكون في فرد وجوب كفائي لوجود دليل خاص وفي بقية الافراد وجوب عيني، فيجب على كل شخص ان يتعلم احكام دينه لان من احتمل التكليف لا يجوز له الرجوع الى الاصل المؤمن بل يجب تحصيل العلم والفحص عن هذا العلم التكليفي والروايات تامة من هذه الناحية
الطائفة الثانية : تأمر بالفقه في الدين ومن لم يتفقه فهو اعرابي من هذه الروايات رواية علي ابن ابي حمزة -هو ضعيف الا ان الشيخ في العدة ادعي الاجماع في العمل برواياته- قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول(تفقهوا في الدين فإنه من لم يتفقه منكم فهو أعرابي، إن الله عز وجل يقول في كتابه: ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)[5] فان هذه الرواية والآية تدلان على وجوب التفقه، ومنها حديث المفضل ابن عمر قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول (تفقهوا في دين الله، ولا تكونوا أعرابا، فإن من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيامة ولم يزك له عملا)[6] والتفقه على قسمين تارة تفقه بسيط وهو سؤال الُمقلِد عن المقَلد مجرد تقليد وسؤال من العالم، وتارة يكون تفقه عن علم ودراية واجتهاد وهو المصطلح عندنا فالتفقه يشمل كلاهما لكن الثاني واجب كفائي والاول واجب عيني على كل احد فلسان هذه الاخبار ايضا لسان الطائفة الاولى فحينئذ هذه الروايات ترشد كل من احتمل التكليف فيجب عليه التفقه في الدين وازالة هذه الشبهة عنه وتدل على عدم الرجوع الى الاصول المؤمنة قبل الفحص والسؤال .


[1] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج27، ص25، ح15، باب عدم جواز القضاء والافتاء بغير علم، ط ال البيت.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج27، ص26، ح16، باب عدم جواز القضاء والافتاء بغير علم، ط ال البيت.
[3] بحار الانوار، العلامة المجلسي، ج1، ص172.
[4] بحار الانوار، العلامة المجلسي، ج1، 171.
[5] بحار الانوار، العلامة المجلسي، ج1، ص215.
[6] بحار الانوار، العلامة المجلسي، ج7، ص223 .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo