< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

35/06/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : شرائط جريان الاصول
الجهة الثامنة : ان وجوب التعلم وما يتعلق به نذكر بيانه ضمن امور :-
الامر الاول : لاريب ولا اشكال في وجوب تعلم الاحكام واستدلوا على ذلك بجملة من الامور منها قاعدة دفع الضرر المحتمل في تركه ومنها الاخبار التي تقدم ذكر بعضها دلالتها على وجوب التعلم واضحه فهي من حيث السند والدلالة لا اشكال فيهما فلا ريب، انما الكلام في ان هذا الوجوب هل هو وجوب نفسي ام ان وجوبه مقدمي ام انه وجوب طريقي محضٌ ؟
اولا : ان الخلاف في نوع الوجوب وليس في اصل وجوب التعلم فقد ذهب الى كل واحد من هذه الاحتمالات بعض الاصوليين ولا سبيل الى الاول -أي كون الوجوب نفسي- لعدم ثبوت ملاك خاص في وجوب التعلم يضاهي ملاك الواجبات التكليفية وعلى فرض ثبوته لا دليل على قبوله مع ان هذا الوجوب الذي نعرفه انما هو وجوب طريقي محض الى الواقع وليس عندنا شيء اخر، وقد تسالم الجميع على ان وجوب التعلم انما يكون طريقا محض الى الوصول الى الواقع مع انهم قالوا تصح افعال الجاهل اذا طابق عمله الواقع مطلقا فان كان هناك ملاك للوجوب فلا دليل على قبوله مع تسالم الجميع على قبول وصحة اعمال الجاهل ان طابق الواقع فان ذلك يدل على عدم الوجوب النفسي للتعلم، وان استدل بعض من قال بالوجوب النفسي بان ملاك وجوب التعلم انما التهيؤ والاستعداد لإتيان الواجب لكن هذا لم يثبت كونه ملاكاً
ثانيا : كما انه لا يثبت الوجوب المقدمي للتعلم كذلك لا دليل على ان يكون وجوب التعلم وجوده مقدمتاً للوجوب ولا شرط في صحة العمل لما ذكرنا من ان العمل اذا صادف الواقع فهو صحيحٌ حتى لو صدر من الجاهل، اما ان يكون شرط الوجوب فهو ينافي ما ذكرناه سابقا من اشتراك العالم والجاهل فلو كان وجوب التعلم شرط الوجوب فانه ينافي هذه القاعدة فتكون الاعمال تتنجز بالنسبة للعالمين بها مع ان قاعدة اشتراك الجاهل والعالم في الملاك مما تسالم فيها فلا دليل على كون هذا الوجوب وجوب مقدمي لا على نحو شرط الوجود وشرط صحة العمل ولا على نحو مقدمة شرط الوجوب فان الكل لا دليل عليه فيتعين الاخير وهو ان يكون وجوب التعلم وجوب طريقي محض الى الواقع
الامر الثاني : هناك اشكال معروف في المقام وهو اذا كان الوجوب وجوبا طريقيا محضا فلو ترك التعلم وفات منه التكليف في وقته فهل يعاقب على وجوب التعلم او يعاقب على ترك الواجب في وقته او لا عقاب في البين اذ العقاب انما يكون على الوجوب النفسي والمفروض ان وجوب التعلم لم يكن نفسي انما هو طريقيا محضا الى اتيان الواقع والوجوب الطريقي لا عقاب عليه، اما الوجوب النفسي للواقع فان المكلف لم يكن قادر ان يأتي به اذ القدرة على اتيان العمل متوقفة على العلم بذلك العمل والمفروض انه لا علم له بذلك فكيف يعاقب على غير المقدور فان القدرة متوقفة على العلم فلا عقاب، فحينئذ الجاهل الذي ترك التعلم قبل الفعل ولم يأتي بالتكليف ضمن الوقت فلا عقاب عليه ابدا وهذا لم يقل به احد، والمعروف ما ذكرناه سابقا حيث انهم قالوا بان وجوب التعلم انما يكون على نحو الوجوب التعليقي أي يكون الوجوب فعلي والواجب استقبالي وذكروا ايضا بان الوجوب انما يكون على سبيل الشرط المتأخر فيكون تاركا له فيعاقب عليه وذكروا في وجه ذلك ان هذا الوجوب وجوب نفسي للخلاص من هذا الاشكال، لكن يمكن الخلاص من هذا الاشكال ودفعه بوجه اخر وهو ان العقاب كان على ترك الواجب النفسي الذي لم يأتي به ضمن الوقت حيث انه ترك التعلم باختياره فأوجب ترك الواجب النفسي وليس العقاب على ترك التعلم حتى تقول انه لا عقاب في البين بل ان العقاب على ترك الواجب النفسي في وقته المنتهي الى الاختيار بترك التعلم وقد تقدم في الجهة الخامسة ما يتعلق بذلك ايضا وذكرنا ان المحقق النائيني استشكل في المقام وقال انه لا يمكن ان يكون عقاب لا على وجوب التعلم ولا على الوجوب النفسي الموجود لأنه ليس قادر على ذلك واجاب المحقق الخراساني على ان الوجوب وجوب تعليقي واجاب بعضهم على ان الوجوب شرطي واجاب اخرون على ان الوجوب نفسي وقد تقدم البيان
فيمكن دفع الاشكال بالطريق المعروف وهو ان العقاب على ترك الواجب النفسي في وقته المنتهي الى اختياره وهو ترك التعلم قبل الوقت، وهذا الامر اذا طرحناه الى العرف نراه امر مقبول فان العرف يرى بان هناك ترك للواجب في وقته وسبب الترك هو عدم تعلم احكام هذا الواجب والوجدان ايضا يدل على ان هذا الواجب انما ترك بسبب ترك التعلم فهو قادر على اتيانه بالتعلم ولكنه ترك التعلم الا ان العقل والعقلاء يحكمون ان هنا عقاب على ترك الواجب النفسي في وقته لأنه ترك التعلم فصار غير مقدور في وقته وبسبب اختياره صار غير مقدور لا انه يكون غير مقدور بالكلية فلأجل ذلك يعاقب فيمكن لنا اقامة البرهان من حيث العقل والعقلاء ويمكن الرجوع الى الوجدان والى العرف وهما كافيان يغنيان عن اقامة البرهان ايضا فلا ريب ولا اشكال في ثبوت العقاب في هذا المورد ومن هنا نستفيد الجواب عن ما ذكرناه سابقا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo