< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

35/07/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : قاعدة لا ضرر
ذكرنا ان المحقق الاصفهاني لا يعتبر في باب المفاعلة المشاركة بين الاثنين أي بمعنى صدور المبدئ من الطرفين وخالفه السيد الصدر رحمه الله بذلك واورد عليه بإيرادات متعددة وقد تقدمة، والحق ان يقال ان باب المفاعلة لا تقتصر على مورد واحد في تطبيقاتها ففي بعض الموارد لا ريب ولا اشكال يعتبر فيها الاثنينيه وصدور المبدئ من الاثنين والمشاركة مثل المضاربة لا يمكن تحققها من طرف واحد وكذلك المقاتلة لا يمكن ان تصدر من شخص واحد، ففي هذه الموارد وامثالها ان المفاعلة لابد ان يكون فيها صدور المبدئ ونسبته الى الطرفين، وفي بعض الموارد لا ينطبق عليها ذلك اذ مجرد مفاعلة لإبداء مزيد عناية كباب المصادفة فانها قطعا لم تكن من الطرفين، واغلب الموارد يكون اثنينيه فيها فقد عرف المشهور من ذلك ان الاثنينيه شرط في باب المفاعلة وهو الذي قلنا ان السيد الصدر رحمه الله في رده على الاصفهاني لم يخرج عن المرتكز في النفوس وهو ان المفاعلة فيها اثنينيه، ففي بعض الموارد وهو الاغلب ان تكون هناك اثنينيه لكن هل تكون على نحو المشاركة بحيث يكون المبدئ صادر من الطرفين او يمكن اثابت مشاركة بوجه اخر مقبول لا حاجة فيه الى الاثنين أي ان المبدئ صادر من طرف وهو يؤثر في الطرف الاخر، فالمشاركة التي يريد اثباتها المحقق الاصفهاني ان هناك مبدئ صادر من طرف وان هذا المبدئ انتهى الى طرف اخر فهل هذا الاخر صدر منه مبدئ او لا هذا شيء اخر، فما ذكره الاصفهاني لم يخرج عن اطار المشهور من ان باب المفاعلة يقتضي ان تكون هناك اثنينيه لكن بمعنى انها صدر من طرف وانتهى الى طرف اخر ولكن هل انتهائه الى ذلك الطرف يوجب صدور مبدئ اخر كما فهمه المشهور فليس الامر كذلك .
فحينئذ لا ريب ولا اشكال في ان باب المفاعلة يختلف عن الفعل الثلاثي المجرد وان كانت من حيث المواد مشتركة ضرب قتل جهد ونحو ذلك فكلها افعال ثلاثية تبين معنى باب المفاعلة ضارب قاتل تفيد معنى زائد على ما فهم من الفعل الثلاثي فان الفعل الثلاثي يدل على صدور مبدئ من الفاعل وربما ينتهي الى المفعول به ويظهر اثره عليه بينما في باب المفاعلة ان هناك معنى يختلف عن الفعل الثلاثي والكل متفقون على ذلك، ففي الفعل الثلاثي يمكن ان يكون صدور الفعل من فاعل فقط اذا كان الفعل لازم ويمكن ان يكون صدور الفعل من فاعل وظهور الاثر في الطرف الاخر وهو المفعول به ويمكن صدور المبدئ من فاعل لكن انتهى الى الطرف الاخر وهل هذا الانتهاء هل كان على صدور مبدئ مقابل منه او غير ذلك وهذا باب المفاعلة .
فالمشاركة التي ادعها المشهور تقتضي ان تكون صادرة من الطرفين ونسبة المبدئ من الطرفين على حد سواء لكن اذا اردنا اثبات تلك الاثنينيه والمشاركة من دون ان يكون هناك صدور مبدئ بوجه مقبول فلماذا نقول لابد ان يكون صدور مبدئ من الطرفين كما يدعيه المشهور، فهنا نقول ان باب المفاعلة وهيئتها توحي ان هناك طرفان في البين الا ان هذا الطرف الذي يصدر منه المبدئ واحد لكن هذا المبدئ ينتهي الى الطرف الاخر وهذا هو المستفاد من باب المفاعلة بخلاف المشهور فان انتهاء المبدئ الى الطرف الاخر تارة يكون بقصد الفاعل او يجعله طرف اخر حقيقتا او تحكما وادعاءً فان باب (يخادعون الله) أي انهم يريدون ان يخدعون الله تعالى والمؤمنين بمعنى صدور المبدئ منهم انما ارادوا ان ينتهي الى الطرف الاخر لا انه صدر من الطرف الاخر ايضا حقيقتا وهذا المستفاد من باب المفاعلة هذا ما ذكره السيد الصدر وما ذكره المحقق الاصفهاني وما يستفاد من كلام العلميين رحمهم الله، فما ذكره السيد الصدر في حد نفسه غير تام والحاصل من جميع ذلك :-
اولا : لا ريب ولا اشكال في ان الفعل الثلاثي يفيد معنى وان باب المفاعلة يزيد على ذلك المعنى الذي يدل على الفعل الثلاثي
ثانيا : ان المفعول في الفعل الثلاثي المتعدي لم يغير المعنى في باب المفاعلة وان تغير بالنسبة الى المادة وتحقق الاثر بالنسبة اليه فان المفعول تارة يكون في الافعال من باب ظهور الاثر عليه وليس انه يصدر عنه مبدئ مقابل المبدئ الاول وفي باب المفاعلة ايضا يمكن ان يكون من ذلك الباب ولكن جعل الذي يفعل المبدئ ان ينتهي اليه الفعل .
ثالثا : ان في باب المفاعلة اختلاف في المصاديق ففي بعضها لابد ان يكون صدور مبدئ من الطرفين وفي باب لم يصدر منه الا طرف واحد وفي مورد اخر يكون صدور فعل وانتهاء الى طرف اخر والانتهاء تارة يكون على نحو المنفعل او لم يكن ذلك، ومن هنا نستفيد ان ادراج ما ذكره النحويون في المقام من انه في باب المفاعلة يختلف المفعول عن الفعل الثلاثي المجرد اذا كان متعديا ولكن هذا خارج عن موضوع بحثنا .
كذلك ما ذكره السيد الصدر رحمه من ان ما ذكره الاصفهاني من ان هيئة باب المفاعلة يختلف عن الحرف الذي يوجب تعدي الفعل، وهذا المعنى صحيح فان باب المفاعلة تثبت تعدي في الفعل اللازم وحرف التعدي ايضا يثبت التعدي ولكن باب المفاعلة يثبت نسبة في الطرفين وهي لا تقتضي صدور المبدئ من الطرف الاخر بل الهيئة توحي ان هناك طرفان في البين بينما في حرف التعدي لا يقلب الفعل الحلولي الى فعل صدوري وهذا الذي ذكره السيد الصدر صحيح في الفرق بين التعدي في باب المفاعلة والتعدي بحرف التعدي
ومن جميع ذلك يظهر ان ما ذكره المحقق الاصفهاني صحيح بناء على ما فسرناه من المشاركة بهذا المعنى وليس بمعنى صدور المبدئ من الطرفين وان تكون نسبة المبدئ على الطرفين على حد سواء .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo