< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

35/07/17

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : قاعدة لا ضرر - الهيئة
كان الكلام في دلالة الهيئة التركيبية في الحديث الشريف (لا ضرر ولا ضرار في الاسلام) فلا ريب ولا اشكال في عدم ارادة المعنى الحقيقي للضرر بداهة وجوده في الخارج اذ لا يمكن ان ينفي الضرر بوجوده الخارجي لانه يستلزم الكذب، فلابد من معنى اخر لهذا وقد اختلفت اقوالهم وآرائهم واهم تلك الاتجاهات اربعة :-
الاتجاه الاول : ان يكون المراد من النفي هو النهي عن الضرر غير المتدارك أي انه اضمار في البين محذف والمراد منه لا ضرر غير متدارك في الاسلام، وهذا الذي اختاره المحقق التوني رحمه الله في كتابه الوافية .
الاتجاه الثاني : ان يكون المراد من النفي بمعنى النهي كما ورد في جملة من النصوص في القران كقوله تعالى (فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ)[1] وكذا في السنة الشريفة كقول النبي صلى الله عليه واله وسلم (لا رضاع بعد فطام)[2] وقوله صلى الله عليه واله (لا ربا في الاسلام) فان معنى هذا يحرم الرضاع بعد الفطام ويحرم الربا في الاسلام ويحرم الرفث والفسوق والجدال في الحج فالمراد من الحديث هو النهي عن الاضرار بالغير او بالنفس، وهذا ما اختاره شيخ الشريعة الاصفهاني رحمه الله
الاتجاه الثالث : ان يكون النفي بالنسبة الى الحكم حقيقي وبالنسبة الى الموضوع ادعائيا أي ينفي الحكم بنفي الموضوع وهذا ما ذهب اليه المحقق الخراساني في الكفاية .
الاتجاه الرابع : نفي تشريع الاحكام الضررية في الاسلام موضوعا او تكليفا سواء كان وضعيا او غيره والنفي هنا أي نفي التشريع مطلقا ومعناه انه لا يحكم الشارع بموضوع وبحكم ضرري هذا ما ذكره الشيخ الانصاري وتبعه كثير من العلماء .
هذه هي الاتجاهات التي ذكروها لتفسير الحديث الشريف وعلى ضوء هذه التشريعات نشأة ايضا احكام فقهية في البين مرتبطة بهذا الحديث وهي احكام ثلاثة :-
الحكم الاول : وهو الستفاد من الاتجاه الاول ويكون على وجهين الاول حرمة الضرر غير المتدارك، الثاني نفي الضرر مطلقا وحرمته سواء كان غير متدارك ام كان حكما ضرريا مرتبطا بالشارع لا بفعل المكلف فهو اعم .
الحكم الثاني : وهو الذي استفادوه من الاتجاه الثاني فقد قالوا ان النفي بمعنى النهي فيدخل تحته مسلكان الاول تحريم الضرر تكليفا فقط، المسلك الثاني تحريم الضرر مطلقا تكليفا ووضعا .
الحكم الثالث : وهو ما استفادوه من الاتجاه الثالث والرابع، ايضا على مسلكين الاول نفي الحكم التشريعي مطلقا سواء كان هذا الحكم التشريعي ناشئ منه الضرر او ناشئ الضرر من الجري عليه وتطبيقه من حيث متعلقه او مقدماته، وهذا ما اختاره المحقق الانصاري رحمه الله فهو نفي للتشريع، المسلك الثاني نفي الحكم الضرري الناشئ من الحكم لا من الموضوع ولا من الجري والتطبيق وحيث ان المحقق الخراساني قال ان هنا نفي للضرر بلسان نفي الموضوع انما يختص بخصوص الحكم الشرعي واما الذي يحصل من مقدماته ومتعلقة لا يشمله هذا الحديث وهو الذي يناسب ما ذهب اليه المحقق الخراساني، وهذه هي الاحكام الفقهية التي استفادوها من هذه الاتجاهات .
ولكن لابد لهذه الاحكام من دليل مقبول فاذا اردنا ان نذكر الادلة لكل واحد من هذه الاحكام فسيطول بنا المقام فنقدم ما يرتبط بنفس الاتجاهات وما الدليل عليها وما يرتبط في صحتها وفسادها
اما الاتجاه الاول الذي هو مختار الفاضل التوني من ان نفي الضرر غير المتدارك المراد من نفي الضرر في الحديث هو الضرر المستقر اما الغير مستقر فلا يسمى ولا يعد ضرر عرفا، فحينئذ اما ان نحمل (لا) على النهي أي يحرم الضرر غير المتدارك وهو الوجه الاول الذي استفدناه، واما ان نحمل (لا) على النفي بمعنى نفي الضرر مطلقا أي نفي الضرر الغير متدارك والضرر الذي يحصل من الشرع وهذا هو المسلك الثاني المستفاد من الاتجاه الاول
ولكن النقاش في هذا الدليل يرد عليه اولا انه مخالف للأصل وللإطلاق فلو شككنا في ان هنا تقدير او لم يكن فإصالة عدم التقدير جارية لانها من الاصول التي يعتمد عليها في الكلام وظاهر اللفظ ايضا لا يدل على ان هناك تقدير، ثانيا اذا جعلنا هذا الحديث بمعنى الاخبار فيعود الاشكال السابق وهو استلزام الكذب، وان كان بمعنى الانشاء يعني حمل اللفظ على غير ظاهره يحتاج الى قرينة وهي مفقودة في المقام، فهذا الاتجاه باطل وما يترتب عليه من الحكم لا دليل عليه .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo