< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

35/07/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : معنى قاعدة لا ضرر
كان الكلام في ذكر الاتجاه الاول الذي اختاره المحقق التوني من الاتجاهات التي ذكرت في معنى الضرر وقد نوقش فيه الا ان لكلام المحقق التوني ليس اعتباطي انما له جذور عرفية حيث ان العرف يرى ان الضرر الغير متدارك بمنزلة العدم فالضرر المتدارك او الذي يأمر به بحسب الشرع او بحسب القانون الضمان فان هذا يعتبر بمنزلة العدم فان التاجر يخسر في تجارته في سبيل نقل بضائعه من بلد الى بلد ومرور البضاعة في عدة اماكن فكل ذلك يستلزم خسائر ولكن اذا ربح بهذه التجارة فانه سوف يعوض هذه الخسارة والاضرار التي حصلت من ايصال البضاعة كذلك لو احدث شخص بسيارة الغير واتلفها وعوض المتضرر بسيارة اخرى وبما جرى عليه من الخسارة فانه لا يعد عند العرف ضرر والشارع الاقدس في المقام اذا سد ابواب الضمان على هذا الشخص عد ذلك حكما ضرريا او يجوز الضرر المتقابل ان الذي يضرك ضره فهذا يلزم منه اختلال النظام ولذلك جعل التدارك فنحمل ذلك الحديث على هذا الامر العرفي فيكون صحيح .
الا ان هذا الامر العرفي وان كان صحيح ولا يمكن انكاره والضرر الغير متدارك ضرر ثابت ومستقر والضرر المتدارك المضمون لا يعد عند العرف ضررا، ولكن لو كنا نحن وهذه الجملة المباركة ولم توجد قرينة تدل ان هناك اضمار وحذف بل انه لا قرينة على استعمال هذه الجملة في الانشاء والنهي وكذلك اذا بقيت على حالها في مقام الاخبار عاد الاشكال السابق ويكون قائم على هذا التوجيه من ناحية دلالة اللفظ، هذا بالنسبة الى الاتجاه الاول وما ترتب عليه من الحكم الفقهي وهو حرمة الاضرار غير المتدارك او انه نهي عن الضرر غير المتدارك اذا كان منشأه فعل الانسان او كان من قبل الشارع الاقدس لا يوجد حكم ضرري فيه .
اما الاتجاه الثاني : وهو استعمال النفي بمعنى النهي لا ضرر ولا ضرار يعني ينهى الشارع الاقدس عن الضرر والضرر المتقابل والذي اكد على هذا المعنى شيخ الشريعة الاصفهاني وقد اورد لذلك امثلة متعددة من الكتاب ومن السنة وكلمات الفصحاء وقد تقدم الكلام في ذكر الامثلة وهي كثيرة استعمل النفي فيها بمعنى النهي التشريعي، الا ان هذا التوجيه لابد من ارتكاب مجاز فيه وهو ان نحمل النفي على النهي اما على المجاز بالنسبة الى الدلالة المطابقية او بالنسبة الى الدلالة الكنائية وذلك ان الانسان اذا اراد ان يخبر عن شيء فهو يخبر عنه بوجوده واذا اراد اعدام شيء يخبر عن عدمه وقد تقدم في مباحث الالفاظ في الجملة الخبرية التي تدل على الطلب انهم قالوا انه اكد في الطلب من الامر والنهي وذلك لانه في مقام الاخبار عن وجود ذلك الشيء فهو لم يستعمله في الطلب لكنه اخبر عن وجوده بمعنى انه واقع من هذا المكلف مثل (يعيد صلاته) فهو يخبر عن وجوده وهذا الاخبار يستلزم الطلب فانه لم يكون بمقام الطلب في اللفظ ولكنه يخبر عن وجوده والاخبار عن وجوده يستلزم طلبه واستشهد على ذللك بشواهد متعددة حيث استعمل فيها النفي بمعنى النهي، فهناك استعمالات كثيرة ورد فيها النفي ولكن يراد منها النهي اما مجازا او على نحو الكناية، الا ان الاستعمالات الكثيرة المتعددة التي لا يمكن انكارها هل اوجدت ظهور لهذا اللفظ او لم يوجد فلذلك اشكل على ما ذهب اليه شيخ الشريعة
بانه ليس في اللفظ ما يدل على استعمال النفي في النهي فلابد من قرينة في المقام حتى نصرفه عن ما وضع له وقد تقدم في مباحث الالفاظ ان الظهور انما ينشئ من وضع اللفظ للمعنى الموضوع له، اما استعماله في غير ذلك فلا يوجب ظهورا الا اذا كان ظهورا عاما، فمجرد استعمال النفي في النهي في تلك الشواهد لا يوجب ظهورا في ذلك مع العلم انه استعمل في موارد اخرى ربما تكون اكثر ولا يمكن ارادة النهي منها مثل (لا شك لكثير الشك) و (لا سهو في النافلة) فهو ليس نهي عن الشك وعن السهو فاذا اردنا ان نقول ان هذا استعمل فيه النفي في النهي فلا يمكن ان نثبت ظهور في المقام، الا ان المقام يختلف عن الجملة الخبرية فقد ذكرنا ان الجملة الخبرية تستعمل ايضا في معنى الطلب بمعنى كنائي كأنما يخبر عن وجوده وان استعمال الجملة الخبرية في الطلب اكد فقد استعمل كثيرا بحيث احدث فيه ظهور في هذا المعنى وان الجملة اذا استعملت في معنى بحيث اوجب ظهور عند العرف صح، فان قلتم ان النفي استعمل في النهي في موارد كثيرة والجملة الخبرية استعملت في الطلب فهما من هذه الناحية سيان فلماذا تقولون انه في النهي لا يوجب الظهور وفي الجملة الخبرية يوجب الظهور
الجواب عن هذا الاشكال : ان استعمال النفي في النهي لم يحدث ظهورا اذ ان مقابله استعمالات كثيرة دلت على ان النهي استعمل في معناه الحقيقي واما في استعمال الجملة الخبرية في الطلب استعمال كثيرا بحيث ادى الى الظهور في المقام ولذلك لم يتوقف احد في ذلك، فالاشكال على ما ذهب اليه المحقق شيخ الشريعة من ان المراد من النهي النفي فلم يوجد في الكلام ما يدل على ذلك ومجرد استعمال النفي في النهي في موارد لم يوجب ظهورا في الكلام وان الظهور اساسه الوضع ولم يوجد مثل هذا الظهور والوضع في المقام وقد ترتب على هذا الاتجاه حكمان : اولا حكم تكليفي يحرم الضرر والاضرار بالأخرين، ثانيا حكم تكليفي وضعي يعني الحرمة والضمان .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo