الموضوع :- قاعدة لا ضرر
المقام الثاني عشر : البحث عن قاعدة لا ضرر فان في تعارض الضرر قد ذكرنا صور لتعارض الضرر وحكمها الا ان هنا كلام للمحقق النائيني عند بحثه في قاعدة لا ضرر في تقرير الخنساري رحمه الله قال اذا تعارض ضرر المالك مع ضرر الغير فان فيه صور اربعة :
الصورة الاولى : ما اذا كان تصرف المالك موجب الضرر الى الغير ولو لم يتصرف لأوجب ضرر على نفسه
الصورة الثانية : ما اذا كان تصرف المالك في ملكه لأجل جلب منفعة له وليس لدفع ضرر عن نفسه
الصورة الثالثة : ان تصرفه في ملكه لا لدفع ضرر ولا لجلب نفع بل بقصد الاضرار بالغير
الصورة الرابعة : ما اذا كان تصرف المالك من دون قصد لا لأجل دفع مفسدة ولا لجلب مصلحة ولا بقصد الاضرار بالغير .
اما الاولى وهو ما اذا كان تصرفه في ملكه موجب لضرر الغير ولو لم يتصرف لتضرر هو ففي هذه الصورة ظاهر الاصحاب جواز التصرف ولو تضرر الغير وقد تمسك الشيخ الانصاري رحمه الله بقاعدة السلطنة بل جعلوا هذا من موارد عدم وجوب تحمل الضرر لدفعه عن الغير فهناك مسألة فقهية هل يجب على الانسان ان يتحمل الضرر لدفعه عن الغير فقد قالوا لا يجب عليه التحمل وهذه الصورة من هذه المسألة، وايضا تمسك الشيخ الانصاري بقاعدة نفي الحرج فان عدم تصرف المالك في ملكه يلزم منه الحرج وهذه القاعدة حاكمة على قاعدة نفي الضرر، الا ان المحقق النائيني رحمه الله اشكل في المقام وقال ان المقام ليس من تعارض الضررين حتى يلتمس الترجيح لأحدهما بما ذكر فنرجع الى قاعدة السلطنة ونرجحها على غيرها او نرجع الى قاعدة نفي الضرر بل ان الحكم لابد ان يكون حكما شرعيا واحدة اما جواز تصرف المالك في ملكه ولو تضرر الغير لقاعدة السلطة وغيرها او عدم الجواز لانه يتضرر المالك بهذا التصرف وقال ان اخترنا جواز تصرف المالك في ملكه حينئذ يجوز ان يتصرف بملكه ولو تضرر الجار به لقاعدة السلطنة، وهذه القاعدة مطلقة نتمسك بأطلاقها لجواز تصرف المالك بملكه حتى لو تضرر الغير بذلك حينئذ اذا استعملنا قاعدة نفي الضرر للغير يستلزم وضع الضرر على المالك فنفي الضرر عن الغير يستلزم وضع الضرر على المالك وحينئذ لا يوجد قاعدة تشمل نفسها وعدمها فان الضرر الناشئ من قاعدة نفي الضرر وهي لا تشمل الضرر الناشئ منها فلا تجري قاعدة لا ضرر بالنسبة الى ضرر الغير بل تجري قاعدة السلطة هذا اذا قلنا بجواز التصرف بملكه .
اما اذا قلنا بعدم جواز تصرف المالك بملكه لانه يوجب الضرر على الغير لقاعدة نفي الضرر فلا يجوز له التصرف بملكه لانه تصرف موجب لتضرر الغير والقاعدة تجري بالنسبة الى الغير فلا يجوز له التصرف بملكه لكن عدم تصرف المالك في ملكه يستلزم تضرر المالك من عدم التصرف وقاعدة الضرر لا تشمل الضرر الناشئ من جريان هذه القاعدة ولعل السر يرجع الى ان هنا قاعدة لا ضرر ناظرة الى الاحكام الثابتة بالشرع فتخصص تلك الاحكام في غير مورد القاعدة فلابد ان نفرض حكما سابقا فتأتي قاعدة لا ضرر فتنظر الى ذلك الحكم المتقدم رتبتا عليها تقدم المحكوم على الحاكم فلو استعملنا قاعدة لا ضرر واستلزم رفع هذا الحكم وهو جواز التصرف فيحرم على المالك التصرف فينشئ على المالك ضرر لعدم تصرفه بملكه وتصرفه يوجب الضرر على الجار فقاعدة لا ضرر اجريناها بالنسبة الى الجار فنشئ منه ضرر اخر وهو مترتب على المالك فيستلزم تقدم هذا الدليل على ذلك فيكون خلف فحينئذ قاعدة لا ضرر لا تشمل ذلك الضرر الناشئ منه لان هناك تقدم وتأخر وهذا ما ذكره المحقق النائيني قده .
والذي ذكره رحمه الله بظاهره غير صحيح اذ انه في بحث خبر الواحد قال ان دليل حجية خبر الواحد كيف شمول خبر الواسطة وقد اجاب عن هذا الاشكال ان هناك تعدد بتعدد الاخبار فنقول ان دليل حجية الخبر يتعدد بتعدد الاخبار فكل خبر هو موضوع ذلك الدليل، وهذا الكلام بعينه نجريه في المقام ونقول ان قاعدة لا ضرر لها من العمومية والشمول بحيث يشمل كل فرد من افراد لا ضرر حتى الناشئ من لا ضرر بموضوع مستقل بتعدد الافراد يتعدد بتعدد الاحكام الضررية فهناك حكم ضرري شملته قاعدة لا ضرر وهنا قاعدة لا ضرر نشئ منه ضرر اخر فيشمله لا ضرر لانه حكم اخر مستقل فلا خلف في البين فظاهر كلامه على هذا الذي ذكره غير صحيح الا اذا اراد من كلامه شيء اخر وسيأتي .
الا انه في المقام انكر على المحقق الانصاري في الرجوع الى قاعدة لا حرج فقال اولا ان منع المالك من التصرف في ملكه يستلزم حرج والقاعدة تنفي هذا الحرج سواء كان جوانحي او خارجي وفي المقام يوجد حرج جوانحي وهو تأثر النفس من منعه من التصرف في ملكه والقاعدة خصصت بالحرج الخارجي وليس الحرج النفسي الجوانحي هذا ما ذكره النائيني في الرد على الشيخ الانصاري .
لكن الاشكال على المحقق النائيني واضح وهو ما الدليل على تخصيص قاعدة لا حرج بالحرج الخارجي بل ان اطلاق لا حرج في الدين يشمل الحرج الخارجي والنفسي فلا دليل على التخصيص .