< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

36/03/21

بسم الله الرحمن الرحیم

عرفتم تقسيمات الاستصحاب على سبيل الاجمال وسيأتي ما يتعلق بكل واحد منها في مباحثنا الاتية، الا اننا ذكرنا المهم في كل تلك التفاصيل الثلاثة وهي :-
التفصيل الاول : بين الحكم الشرعي المستند الى العقل وبين غيره فان بعضهم قال ان الاستصحاب لا يجري في الاول دون غيره .
التفصيل الثاني : بين الاحكام الشرعية الكلية والموضوعات والاحكام الجزئية فقد قالوا لا يجري الاستصحاب لا يجري في الاحكام الشرعية الكلية والموضوعات والاحكام الجزئية ومن القائلين بذلك السيد الخوئي قده .
التفصيل الثالث : بين الشك في المقتضي والشك في الرافع فقد ذهب الشيخ الانصاري ومن تبعه الى عدم جريان الاستصحاب في ما اذا كان الشك في المقتضي دون الشك في الرافع .
والتفصيل الاول قربه الشيخ الانصاري رحمه الله ان الاستصحاب لا يجري في الحكم الشرعي المستند الى العقل وذكر السيد الوالد رحمه الله في التهذيب ان العقل لا يحكم في مورد الا بعد الاحاطة بجميع ما يتعلق بمقتضيات الحكم وجميع ما يكون مانع فاذا احتط بذلك يحكم والا لا يحكم فلا يتصور الشك في الحكم العقلي فاذا شك فان العقل لا يحكم بطبيعة الحال واذا كان هناك علم بجميع ما له دخل في مقتضى الحكم وجميع ما يمنع ذلك الحكم فلا محالة انه لا يتطرق له الشك حتى يكون هناك استصحاب لما سيأتي في محله من ان الاستصحاب متقوم بيقين سابق وشك لاحق فاذا انتفى الشك فلا يجري فيه الاستصحاب .
تفصيل ما ذكره رحمه الله ان هنا وجوه ثلاثة :-
الوجه الاول : ان الحكم العقلي مبين مفصل محدد الموضوع فاذا كانت المقتضيات موجودة والموانع مفقودة فيحكم العقل حينئذ فالحكم العقلي مفصل ومبين ومحدد الموضوع فلا يمكن ان يتطرق الشك في ذلك الموضوع فاذا لم يكن شك فمعناه ان الحكم جزم متحقق لا يجري الاستصحاب اذ ان الشك اما ان يحصل في بقاء الحكم وهو ناتج من الشك في بقاء الموضوع اذ لابد ان يكون شك في بقاء الحكم وهو انما يكون مستند الى الشك في بقاء الموضوع ومن المعلوم ان الموضوع عند العقل تام فاذا كان تاما فالحكم باقي فلا شك في البين حينئذ، واما ان يكون الشك ممتنع فيه باعتبار ان الشك في بقاء الحكم انما يكون لأجل انتفاء الموضوع والا اذا كان الموضوع موجودا فلا شك لانه ممتنع وامتناعه ناشئ من انه اذا كان الموضوع باقي فالحكم باقي واذا شك او ارتفع فلا حكم فيمتنع الشك، فاذا وجد حكم في مفروض المقام انما هو حكم جديد وليس هو الحكم العقلي الاول .
اجيب عن هذا الوجه
اولا : انه صحيح ان الشك في بقاء الحكم انما منشأه الشك في بقاء الموضوع فاذا كان الموضوع باقي فلا شك بالنسبة للحكم واذا لم يكن باقي فلا حكم حينئذ، ولكن المناط في الموضوع في الاستصحاب هو الموضوع العرفي الذي يكون متعرفا بحسب الانظار العرفية وبحسب الاحوال الطارئة وليس الموضوع الدقي العقلي .
ثانيا : وعلى فرض التنزل وقلنا ان الشك يمتنع في بقاء الحكم العقلي اذ ان الشك في البقاء انما راجع الى الموضوع فاذا كان متحققا فلا شك وان ارتفع فلا شك ايضا فيمتنع الشك في البقاء، ولكن لا ملازمة بين ان يكون لا شك في الحكم العقلي لكنه في العرف قد يكون شك اذ ان الشارع قد ينظر الى ان هذا القيد الذي قيد العرف به هذا الحكم لم يكن دخيل في ملاك الحكم اذ ان الشارع اوسع ادراك من العرف، وبعبارة اخرى ان الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع في مرحلة الاثبات وليس في مرحلة الثبوت وان كل ما هو متعلق بهذا الحكم بنظر الثبوت هو متعلق بالحكم الشرعي ايضا هذا ما ذكره المحقق الخراساني في الكفاية ردا على هذا القول فما ذكره السيد الوالد ان كان هذا الوجه فيرد عليه انه لا ملازمة بين الشك في الحكم العقلي وبين الشك في الحكم الشرعي اذ ربما يكون القيد بنظر العقل قيدا مقوما وخصوصية مقومة بينما في نظر الشرع لا يكون مقوم فان المناط ملازمة في مرحلة الثبوت فيمكن الاستصحاب ويمكن ان يتحقق الشك .
الوجه الثاني : ان الخصوصية المأخوذة في حكم العقل هي حيثية تقيديه وليس تعليلية بمعنى انها علة لثبوت الحكم لمعروضه وهذا هو المستفاد من كلمات المحقق الاصفهاني رحمه الله في تعليقته على بحث المقدمة قال ان عنوان المقدمية عنوان على نحو الحيثية التقييدية وليس على نحو الحيثية التعليلية كما ذهب اليه المحقق الخراساني رحمه الله واستفيد من كلامه في المقام قال ان القيود والخصوصيات التي يأخذها العقل في حكمه انما هي على نحو الحيثية التقييدية وليس على نحو القيديات التعليلية الاستصحاب متقوم بالشك ولا شك في الحيثيات التقييدية .
ويرد عليه
اولا : انه من قال ان الحيثيات التي يأخذها العقل انها حيثيات تقييدية ولم تكن تعليلية فلا دليل على ذلك لا من العقل ولا من الشرع، فان علمنا بتصليح العقل او من قبل الشرع نقول انها تقييدية فان وجد يكون الموضوع موجود ومتحقق فان لم يوجد لأي سبب من الاسباب فلا حكم .
ثانيا : وعلى فرض التنزل ذكرنا انفا ان الحيثيات التقييدية التي يأخذها العقل في قيوده هي موجودة بنظر العقل لا بنظر الشرع، فقد يكون قيد حقيقي بنظر العقل لكن الشرع لم يعتبره في ملاك الحكم كما ذكره المحقق الخراساني رحمه الله اذ ربما الشارع الاقدس لم يجعله قيد في ملاكه بل ربما يعتبره في حالات طوارئ لذلك الحكم فالمناط عرفي وليس على المناط العقلي الدقي وليس على نحو القيود الجهة التعليلية هذا بنظر العقل فمن قال ان العقل يدرك جميع مقومات ذلك الموضوع فانه مختص بالعقل الكلي وكلامنا ليس في ذلك انما كلامنا في العقول الموجودة وهي قاصرة عن ادراك ذلك فما ذكره في المقدمة لا يجري .
الوجه الثالث : ما ذكره جمع بل اعتبره مستفاد من كلمات الشيخ الانصاري رحمه الله انما هذه قيود عرفية وليست قيود حقيقية دقية بل العرف يرى ان هذه قيود وان هذه الخصوصيات المأخوذة في هذا الحكم انما هي قيود عرفية لكن العرف انما اخذها قيودا وشروطا في متعلق الحكم وليس في موضوع الحكم والفرق واضح فان متعلق الحكم افعال المكلفين فان القيود اخذت في متعلق الحكم وليس في موضوع الحكم حتى تقولون ان الموضوع عرفي وليس دقي عقلي بل انه قيد في متعلق الحكم أي مأخوذة في افعال المكلفين فان وجدت هذه القيود انطبق عليه الحكم العقلي فان لم يوجد لا ينطبق مثال ذلك يأمرنا الشارع الاقدس بالصلاة ولكن جعل لها قيود فان اتى المكلف بالصلاة مع القيود والشروط انطبق عليه عنوان انه ادى الصلاة وان لم يطبق الشروط فلا تنطبق عليه العنوان ولا يشمله الدليل والمقام مثل هذا فان الشارع الاقدس انما يحكم حكم شرعي تبع للعقل بقاعدة الملازمة وانتم تعلمون ان قاعدة الملازمة مدارها التحسين والتقبيح ليس ثر من ذلك، فاذا تحقق موضوع في الخارج فنقول هل القيود داخلة في الموضوع على نحو الدقة فاذا كانت موجودة فالحكم متحقق واذا انتفت بسبب الشك او انتفاء خارجي فينتفي ايضا وكذلك في الصدق والكذب ولكن اذا قال الصدق المضر حرام والكذب النافع حلال وواجب فرق بينهما، فالمكلف اذا علم ان صدقه مضر لحال مؤمن فيحرم عليه الصدق والمكلف اذا علم ان كذبه ينقذ حيات مؤمن وينقذ عرضه وماله فيجب عليه فليس مأخوذ بنفس العنوان انما اخذ بفعل المكلف .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo