< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

36/03/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الاستصحاب
الوجه الرابع : ما ذكره المحقق الاصفهاني رحمه الله من ان القيود والخصوصيات التي تؤخذ في الموضوع انما مما لا يتطرق فيه الشك فانها مأخوذة بوجودها العلمي وليس الواقعي فان علم بتلك الخصوصيات والقيود الداخلة في الموضوع يتحقق وان لم يحصل له علم وحصل له شك فينتفي وينتفي الحكم ايضا .
والجواب عنه : ان هذه المقالة غير تامة في حد نفسه ومختصة في الشبهات الموضوعية ولا تجري في الشبهات الحكمية وقد تقدم الكلام فيه مفصلا .
ويظهر من جميع ما ذكرناه انه لا دليل يعتمد عليه على منع الجريان في الاحكام الشرعية المستندة الى الاحكام العقلية بقاعدة الملازمة، وهذا كله في غير ما تطابقت عليه اراء العقلاء في امور معاشهم ومعادهم والا فان الشك في مثل هذه حاصل ولا يمكن انكاره فيجري الاستصحاب حينئذ، فقد قرئنا في بحث الملازمات العقلية حكم عقلي وما تطابق عليه اراء العقلاء ولا تجري عليه هذه الوجوه لتحقق الشك فيه في نفس الحكم العقلي ونفس الحكم الشرعي والشك واليقين من مجاري الاستصحاب .
ولا يفرق بين ان يكون الحكم العقلي وجودي او عدمي او كان الحكم العقلي من الاحكام العقلية العملية ام النظرية فلا فرق فان الادلة تشمل الجميع والجواب نفس الجواب عنها فما ذكر من منع الجريان انما يقولونه في جميع الصور، الا ان هنا رائيان :-
الرأي الاول : ما ذهب اليه الشيخ الانصاري انه لا فرق في عدم جريان الاستصحاب بين الاحكام الوجودية والاحكام العدمية فيما اذا كانت هذه الاحكام مستندة الى العقل ودليل العقل هو المحكم في هذا الحكم مثل نسيان السورة فمن نسى سورة في الصلاة فحديث الرفع يشمله فلابد ان نقول بالأجزاء، ولكن اذا ارتفع النسيان هل يجري الاستصحاب ونقول بالأجزاء فان الشيخ يقول لا يجري في ما اذا كان الحكم مستند الى القضية العقلية، اما اذا لم يكن الحكم مستند الى القضية العقلية وان كان في موردها كالنفي والبراءة هذا يمكن اجراء الاستصحاب فيه .
ولكن يمكن الجواب عنه : بان الذي ذكرناه في رد الوجوه الاربعة يجري في المقام ايضا حيث ان المناط هو كون الموضوع عرفيا لا ان يكون عقليا، فان الموضوع بعد ما اعتبرناه عرفي فاذا شك هل ان الدليل يشمله بعد رفع النسيان فان استصحاب عدم الوجوب يجري الا اذا قام دليل اخر يدل على عدم الاجزاء فتعبد بالدليل ونطرح الاستصحاب كما ذهب اليه بعض الفقهاء.
ولكن بعض الاعلام اراد ان يقول ان الذي ذهب اليه الشيخ الانصاري في الوجه الثالث لا يجري في هذا المورد فنرجع الى هل المناط الى الموضوع الدقي ام المناط بالنظر العرفي وذكرنا ان القاعدة تقتضي الى حكم عقلي استند اليه حكم شرعي قبح العقاب بلا بيان ترتب عليه حكم الشرع وهو الاجزاء فاذا ارتفع النساين في اثناء الصلاة فيمكن لنا استصحاب سقوط التكليف ولا مانع من جريانه الا اذا قام دليل خاص انه لا يجري فنقدم الدليل على الاستصحاب او قام الدليل ان هذه القيود راجعة الى الموضوع فينتفي فتجب الاعادة .
الرأي الثاني : ما ذكره المحقق الاصفهاني رحمه الله من الفرق بين الاحكم العقلية العملية وان هذه القيود المأخوذة فيها مأخوذة بوجودها العلمي وليس الواقعي فاذا كان عالما يتحقق الحكم واذا شك يرتفع ويرتفع الحكم بارتفاع تلك الخصوصية، اما الاحكام النظرية فيمكن القول انه يجري فيها الاستصحاب اذا ان الدليل الذي ذكروه لا يجري في الاحكام العقلية النظرية فمن استند في حكم شرعي الى حكم عقلي نظري فيجري فيه الاستصحاب من دون ذكر الوجه الذي ذكره سابقا، الا ان البراءة حكم عقلي عملي قاعدة قبح العقاب بلا بيان فلا يجري فيها الاستصحاب لان القيود المأخوذة فيها مأخوذة بوجودها العلمي وليس الواقعي فاذا علم بتك الخصوصية يتحقق الحكم والموضوع واذا لم يعلم فلا حكم حينئذ .
والحق انه لا يفرق بين الاحكام العقلية النظرية وبين الاحكام العقلية العملية فانهما على حد سواء ان قلنا بعدم جريان الاستصحاب في الاحكام الشرعية المستندة الى الاحكام العقلية لما ذكره المحقق الاصفهاني وغيره فلا يفرق فيه من هذه الناحية، وان قلنا انه يجري الاستصحاب وما ذكر غير تام في محله فلا اشكال في جريان الاستصحاب بلا فرق بين الاحكام العقلية العملية والاحكام النظرية، الا انه يمكن ان يقال كما ذكره بعض الاعلام من ان الاحكام العقلية العملية فعل المولى وفعله تعالى لا يتطرق اليه الشك الا انه يتطرق الشك من ناحية انه هل هذا حكم المولى ام لا، ولكن اذا علمنا انه حكمه تعالى فلا يتطرق فيه الشك، الا ان هذه المقالة توجيه لكلام المحقق الاصفهاني غير تام ايضا فقد قلنا ان الموضوع يكون دقي فلم نقل ان يكون الموضوع دقي عقلي بل المناط على الموضوع العرفي المسامحي وهو يرى انه وجه للمكلف لا على انه من فعل الله تعالى حتى نقول انه لا يتطرق فيه الشك فما ذكره رحمه الله في توجيه المحقق الاصفهاني من المقام يختلف عما ذكره فهو غير تام ايضا .
والصحيح ان الاستصحاب يجري في الاحكام الشرعية المستندة الى الاحكام العقلية مطلقا سواء كان من الاحكام العقلية العلمية ام النظرية وكذلك لا فرق فيه ان يكون الحكم العقلي وجوديا ام عدمي فالدليل على المنع واحد والجواب عن ذلك الدليل المانع صحيح فيجري الاستصحاب في جميع هذه الاقسام .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo