< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/01/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : هل قاعدة الفراغ والتجاوز هما قاعدة واحدة ؟

الامر الثالث : مما استدل به على تعدد القاعدتين وهو بناءً على كونهما قاعدتين لا يلزم محذورا اما اذا جعلناهما قاعدة يلزم التهافت والتضاد في دليل هذه القاعدة فان قوله عليه السلامة (كلما مضى من صلاتك وطهورك فتذكرته تذكرا فمضه)[1] فان لهذا الحديث منطوق ومفهوم فأما منطوقه فانه التعبد بعدم الاعتناء بالشك بعد العمل الا ان مفهومه فاذا كان في اثناء العمل فلابد ان يعتني بالشك فلو جعلناهما قاعدتان فانه لا اشكال في البين اما اذا كانت قاعدة واحدة فاذا شك في اثناء العمل وقبل الفراغ منه فبمقتضى المفهوم ان يعتني بشكه لكنه اذا تجاوز العمل فان قاعدة التجاوز تقول لا تعتني بالشك واما في اثناء العمل فلابد من الاعتناء بالشك فيلزم التهافت في نفس دليل قاعدة الفراغ اذ ان المفهوم يدل على الاعتناء بالشك ومنطوقه يدل على عدم الاعتناء بالشك فيلزم التهافت لانه كيف يشمل دليل واحد امران متضادان

واجيب عن هذا الاشكال بان القاعدتين يشملها ملاك واحد وهو الشك بعد التجاوز أيا كان هذا العمل جزء او شرط من علم او مجموع العمل المركب فان الكبرى هو الشك بعد التجاوز حينئذ لا يفرق بالنسبة الى هذه الكبرى ان نجري قاعدة الفراغ بعد العمل او قاعدة التجاوز الا ان الفقهاء خصوا في ما كان الشك اثناء العمل بقاعدة التجاوز هذا ما استدل به لتعدد القاعدتين .

الا ان الحق ان هذا النزاع في انهما قاعدتان او قاعدة واحدة لا ثمرة عملية ولا علمية في البين سواء قلنا انهما قاعدتان ام قلنا انها قاعدة واحدة ، الا ان يقال بان القاعدة واحدة فلا يفرق بينهما نجري قاعدة الفراغ اثناء العمل ونجري قاعدة التجاوز بعد العمل وهذا ايضا لا جدوى فيه فان الفقهاء خصوا قاعدة التجاوز اثناء العمل وقاعدة الفراغ اثناء العمل والملاك فيهما واحد فاذا كان اختصاص من العلماء بان الفراغ يجري في كل منهما في العمل او اثناء العمل الا ان اثناء العمل سموه التجاوز .

الا اننا لا حاجة لنا الى ارجاع قاعدة التجاوز الى قاعدة الفراغ او بالعكس فان فيه من التكلف ما لا يلزم فذهب السيد الخوئي قده الى ان قاعدة الفراغ ترجع الى قاعدة التجاوز باعتبار يراد منه العمل الصحيح والعمل الصحيح كما ينطبق اثناء العمل ينطبق بعد العمل فالكل يرجع الى ملاك واحد وهو ملاك صحة العمل وقد تقدم ان فيه تكلف يستلزم الاستخدام في الضمير وانكار قاعدة الفراغ بالكلية

الا ان المحقق النائيني ذكر في المقام في توجيه قاعدة التجاوز الى قاعدة الفراغ باعتبار ان الشارع عبدنا في ان المجعول في قاعدة الفراغ هو التعبد بعدم الاعتناء بالشك بعد الفراغ من مجموع العمل المركب ، الا ان الشارع الاقدس كما هو مستفاد من الاحاديث (كلما شككت من طهورك او صلاتك فأمضه كما هو) [2] وهذا يلزم من شك بعد العمل يتعبد بعدم الاعتناء بالشك الا ان الشارع خص بالصلاة خصوصية فانه لو شك المصلي بركوعه بعد ما سجد لا يعتني بشكه واذا شك في سجوده بعدما قام فلا يعتني بشكه فخص الصلاة بقاعدة التجاوز فان الشاعر عبدنا بعدم الاعتناء بالشك بعد التجاوز عن العمل فقاعدة التجاوز ترجع الى قاعدة الفراغ الا في باب الصلاة حيث ورد النص انه اذا كان في اثناء الصلاة وشك في جزء او شرط فبعد التجاوز لا يعتني ، الا ان في هذا التوجيه من الشيخ النائيني من التكلف ما لا يخفى وان اختصاص قاعدة التجاوز في الاثناء لورود الدليل فلا اشكال من هذه الناحية والاولى ان نجعلهما تحت كلي واحد الشك بعد المضي سواء كان جزء او شرط فلا يعتني بشكه

واما في مرحلة الاثبات فلابد من ذكر الروايات التي وردت في الباب وقد ذكرنا سابقا ان الروايات الواردة في المقام البعض لها من الاطلاق ما يشمل كلتا القاعدتين كما في قول ابي جعفر عليه السلام (كلما شككت فيه مما قد مضى فأمضه كما هو) له من الاطلاق ما يشمل القاعدتين لان المناط فيه هو الشك بعد الفراغ والتجاوز وقول ابي عبد الله عليه السلام (كلما مضى من صلاتك وطهورك فتذكرته ذكرا فأمضه ولا اعادة عليك) وهذا يشمل قاعدة الفراغ وقاعدة التجاوز فهو تعبد بعدم الاعتناء بالشك فأطلاق هذين الحديثين يشمل الكل الا انه ورد في خصوص التجاوز اثناء العمل وهذه الرواية هي (اذا خرجت من شيء ودخلت في غيره وشككت فيه فشكك ليس بشيء) وهذا يدل على انه حصول الشك في الاثناء وهو لبيان ان قاعدة التجاوز يجري اثناء العمل لا لتشريع شيء جديد في البين .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo