< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/02/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : الشك في الأجزاء

لا زال الكلام في المبحث السادس وهناك مبنيان في الشك في الجزء الأخير .

المبنى الأول : مبنى يرى أن إرادة الدخول في الغير وبناء المكلف على إنهاء العمل كافيان في صدق التجاوز والفراغ فتجري قاعدة الفراغ والتجاوز حينئذ ولو كان الشك في الجزء الأخير . ويؤيد هذا العرف وبناء العقلاء في أن كل مركب يدخله المكلف يكون بانيا على إنهائه. إلا أن الكلام في الجزء ضمن العمل لا الجزء الأخير . والكلام هنا أوضح فالمكلف إذا دخل في مركب يكون بانيا على إنهائه فإذا شك في جزء ضمن العمل وأثناء العمل فالعرف يرى أنه إذا كان بانيا على الدخول في جزء فهو كاشف عن انهاء الجزء الذي قبله وقد جاء به .

المبنى الثاني : يرى موضوعية الدخول في الغير فلا بد من الدخول في الغير. لكن ماذا يقصد من الغير هنا؟

والاحتمالات في معنى الغير ثلاثة :

الأول : أن يكون المقصود بالغير خصوص تلك الأمور الواردة في صحيح زرارة وصحيح اسماعيل بن جابر وهي ( الأذان والاقامة والقراءة والركوع والسجود ) لكن هذا بعيد عن المحاورة العرفية إذ في ذيل الصحيحتين تعميم للحكم ففي رواية زرارة " قال: قلت: لأبي عبد الله (عليه السلام): رجل شك في الاذان وقد دخل في الإقامة؟ قال: يمضي، قلت: رجل شك في الأذان والإقامة وقد كبر؟ قال:

يمضي، قلت: رجل شك في التكبير وقد قرأ، قال: يمضي قلت: شك في القراءة وقد ركع، قال: يمضي، قلت: شك في الركوع وقد سجد، قال: يمضي على صلاته، ثم قال: يا زرارة إذا خرجت من شئ ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشئ "[1] فقوله ع إذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره فيه تعميم لغير الحالات المذكورة في السؤال .

الثاني : أن الغير المقصود به الأجزاء المستقلة في خصوص باب الصلاة وليس خصوص الأجزاء المذكورة في الرواية بل يشمل أجزاء أخرى مستقلة غيرها لم تذكرها الرواية كالتشهد مثلا . ولا يشمل التجاوز لأجزاء ما هو غير الصلاة ولا يشمل جزء الجزء ولا مقدمات الجزء كالنهوض للركوع في الصلاة . ذهب إلى هذا المحقق النائيني بناء على مبناه في استحالة جمع الكل والحزء في لحاظ واحد فالنظر إلى جزء الشيء مع الكل أو النظر إلى الكل مع الجزء مستحيل في نظره واطلاق الشيء على الجزء اطلاق تنزيلي ادعائي فلا يطلق الشيء على الجزء إلا ادعاء وتنزيلا كما ذكر وبما أن الادعاء والتنزيل شرعي فيقتصر فيه على الأجزاء المستقلة . لكن قلنا سابقا أن النظر إلى الجامع بين الكل والجزء ممكن وليس هناك ادعاء ولا تنزيل في كلمة ( الشيء ) فالشيء جامع للكل والجزء.

الثالث : المقصود به الأجزاء المستقلة وأجزاء الأجزاء ومقدمات الأجزاء سواء كان الجزء واجبا أو مستحبا وهو الصحيح والأقوى الموافق لسهولة الشريعة وبه يدفع الشك الذي هو من وساوس الشيطان . واستدل عليه

باطلاق لفظ الغير فإنه يشمل كل ذلك فلفظ الغير متوغل في الإبهام

وما ورد في صحيحة زرارة وكذلك صحيحة إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله عليه السلام نص في التعميم : " قال: إن شك في الركوع بعد ما سجد فليمض. وإن شك في السجود بعد ما قام فليمض. كل شئ شك فيه مما قد جاوزه ودخل في غيره فليمض " .[2]

وأشكل عليه بأن صحيح زرارة وارد في خصوص الأذان وأمور مخصوصة وقد أجبنا عنه بأن الإمام أعطى ضابطة كلية في ذيل الرواية وتخصيصها بخصوص مورد السؤال خلاف المحاورات العرفية .

وكذلك الكلام في صحيحة اسماعيل ابن جابر ففي ذيلها ضابطة كلية .

وأشكل على صحيحة اسماعيل ابن جابر بأن الإمام ذكر القيام ( بعد ما قام ) وقبل القيام هناك نهوض فلو كان مطلق الغير كاف في التجاوز لذكر الإمام النهوض لكنه ذكر القيام وهذا يعني أن التجاوز لا يصدق إلا على الموارد التي نصت عليها الرواية . والجواب عن هذا أن للقيام مراتب ودرجات والنهوض أولها فالقيام يشمل النهوض .

فالصحيح ما ذكرنا من شمول الغير لكل هذه الموارد وقد غاب عن المحقق النائيني أن الشيء وإن كان لا يمكن لحاظه على أنه كل وجزء بلحاظ واحد لكن كلامنا في ( الغير) وليس في الشيء فيشمل الغير غير الصلاة وهو الأوفق لسهولة الشريعة وكون القاعدة من القراعد الامتنانية. أما الطهارات الثلاث وكونها مستثناة من قاعدة التجاوز فسيأتي الكلام فيه.

 

المبحث السابع : جريان قاعدة التجاوز في الشروط

كشرطية الستر أو الاستقبال فهل تجري القاعدة في الشروط أو أنها تختص بالأجزاء؟

والشروط ثلاثة :

الأول : الشروط العقلية المحققة للموضوع والتي لم ترد في الرواية لكنها لما كانت أمورا قصدية فلا بد من تحققها كقصد ظهرية الظهر وعصرية العصر.

الثاني ؛ الشروط الشرعية المحققة للمأمور به وصحته كالقبلة والساتر والطهارة.

الثالث : ما يكون شرطا لجزء الجزء كالجهرية والاخفاتية للقراءة وأما إذا قلنا بأن الجهرية أو الاخفاتية شرط للقراءة حال الصلاة كانت الجهرية أو الاخفاتية شرط للصلاة وليست شرطا لجزء الجزء .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo