< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/03/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : شمول قاعدة الفراغ والتجاوز للعبادات والمعاملات
المبحث الحادي عشر : شمول قاعدة الفراغ والتجاوز للعبادات والمعاملات
إذا كانت القاعدتان من صغريات أصالة عدم السهو والغفلة فهما تشملان العبادات والمعاملات . وأما بناء على التعبدية فيهما فقد ذهب المحقق النائيني إلى اختصاص قاعدة التجاوز للصلاة فقط ولا تشمل غيرها. وأما قاعدة الفراغ فلا إشكال في جريانها بعد الفراغ من العمل صلاة كانت أو غيرها. إلا أن رأي المحقق النائيني خلاف ظاهر الروايات التي يظهر منها ذكر قاعدة كلية وتطبيقها على إحدى مواردها وهي الصلاة. واحتاط السيد الوالد في خاتمة هذا البحث بعدم جريان القاعدة في غير الصلاة بناء على كونهما من التعبديات لاحتمال أن المورد وهو الصلاة قد خصص القاعدة و الضابطة الكلية التي أعطاها الإمام للسائل ومع أن المورد لا يخصص الوارد لكن لأن السؤال كان عن الصلاة فاحتمال تخصصها بالصلاة وارد، وكذلك بناء على كونهما من صغريات أصالة عدم السهو والغفلة فليس لدينا أصل يقول بتعميمهما في كل الموارد فاحتاط بعدم شمول القاعدتين لغير العبادات مع أنه في بداية المباحث عمم القاعدتين لتشمل كل الأبواب فلا بد من حمل هذا الاحتياط على الاستحباب . فلا إشكال في تقدم القاعدتين على الاستصحاب.
ومن القواعد التي تتقدم على الاستصحاب : أصالة الصحة أو قاعدة الصحة أو قاعدة أصالة الصحة. والكلام فيها يقع في جهات:
الجهة الأولى : الدليل على اعتبار القاعدة . وقد استدل بالأدلة الأربعة، الدليل الأول : القرآن الكريم، والآيات على طائفتين : طائفة لها من العموم بحيث تشمل كل الموارد وطائفة تختص ببعض الموارد ومن الأولى {يرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ }البقرة185. {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}الحج78. { إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ }الحجرات12 . فهذه الآيات شاملة لكل الموارد من العبادات والمعاملات ففي كل مورد نشك في حسنه أو قبحه أو صحته وفساده فقاعدة الصحة تجري لما يفهم منها من التسهيل والتيسير .
ومن الطائفة الأخرى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ }المائدة1 ففي كل عقد شككنا في صحته نجري قاعدة الصحة سواء كان مالكا أو مأذونا أو وكيلا . ومنها قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ}النساء29. الدالة على إجراء الصحة في التجارة.
وأستشكل على الاستدلال بهذه الآيات : أما الآيات العامة فإنها خاصة بالمؤمنين ولا تشمل غيرهم. لكن الجواب عن هذا واضح : أن الآيات في مقام الامتنان فلا تختص بالمؤمنين وهو المناسب للامتنان.
وأما الآية التي ورد فيها لفظ العقود فقد استشكل عليها بأنها خاصة بالعقود ولا يمكن تعميمها لغيرها كالتجارة لكن لفظ العقد لغة يشمل الإيقاعات وأما العقود في مصطلح الفقهاء فهي التي تحتاج إلى طرفين فيمكن تعميم الآية لكل عقد بضميمة عدم الفصل.
وأما أن الآية خاصة بالملاك فقط فيمكن كذلك تعميمها بضميمة عدم الفصل لكل عقد.
وأما ما قيل بأن التمسك بالآيات من التمسك بالعام في الشبهات المصداقية لكثرة ما ورد من التخصيص كبطلان عقد المجنون والصبي وبطلان البيع إذا كان المبيع محرما فلكثرة ما ورد من التخصيص يكون التمسك بعموم الآيات من التمسك بالعام في الشبهات المصداقية . لكن الجواب أن قاعدة الصحة لا تجري إلا بعد إحراز الموضوع في الجملة وأن العمل جرى صحيحا في الجملة أما إذا علمنا بفساده أو علمنا بعدم وقوع العمل فلا تجري قاعدة الصحة.
الدليل الثاني :من الروايات عن أمير المؤمنين " ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يقلبك عنه ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوء وأنت تجد لها في الخير سبيلا " وبمضمون هذه الرواية روايات كثيرة .
ومن هذه الروايات ما ورد فيها التعليل على أمارية اليد على الملكية كرواية مسعدة بن صدقة " يا هذا لو لم يكن كذلك لما قام للمسلمين سوق " بل قال بعضهم إن الاختلال الذي يحصل من عدم إجراء قاعدة الصحة أشد من الاختلال بعدم إجراء أمارية اليد على الملكية فإذا كانت أمارية اليد على الملكية جارية فلماذا لا تجري قاعدة الصحة. وإن كان في بعض هذه الروايات ضعف سندي إلا أن مضمونها وارد إجمالا في روايات الأئمة .
الدليل الثالث : الإجماع إلا أنه استشكل على الإجماع بأنه ليس تعبديا وكاشفا عن رأي المعصوم وكذلك فإن هذه الإجماعات حاصلة في بعض الموارد وليس في كل مورد. والجواب : إننا لا نريد تحصيل الإجماع في كل مورد فكل مورد له بحثه الخاص به ودليله الخاص به إلا أن كلمات العلماء وفعلهم من حيث المجموع تطابقت في حمل فعل الغير على الصحة وهذا المقدار يكفي ومن الشواهد على ذلك أنهم استدلوا بالسيرة القطعية العقلائية وهو مما لا نزاع فيه من أحد

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo