< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/03/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : جريان اصالة الصحة في الافعال

الجهة السادسة : عرفتم ان اصالة الصحة تجري في فعل الغير عند الشك في صحته وفساده من جهة فقد شرط او جزء او وجود مانع وما شاكل ذلك ، ولكن هل تجري اصالة الصحة في فعل الانسان نفسه فذهب بعض العلماء الى ذلك منهم السيد الوالد لان ذلك الاصل هو تسهيلي امتناني لا يختص بشيء لدفع الشك عن الانسان فجعل الشارع الاقدس ذلك الاصل امتنان وحينئذ تكون بقية القواعد التسهيلية الامتنانية كالتجاوز والفراغ واصالة عدم المانع واصالة عدم الاعادة والقضاء كلها تشترك في هذا الامر انها اصول تسهيلية امتنانيه فتكون من صغريات اصالة الصحة اذا اجريناها في فعل الانسان نفسه ، وظاهر الدليل وان كان يختص بفعل الغير كما في قوله عليه السلام (ضع امر اخيك على احسنه حتى يأتيك ما يغلبك)[1] نستفيد من مجرى هذا الاصل هو فعل الغير لا فعل الانسان الا ان هذا يشبه مفهوم اللقب وقد تقدم في بحث المفاهيم انه لا حجية في مفهوم اللقب ولا حجية فيه .

والاصل في هذه القاعدة والحكمة في تشريعها هو التسهيل والامتنان فتشترك مع باقي الاصول وكلها تشترك في ما اذا كان هناك شك والشارع يريد ان يدفع الشك عن الانسان مهما امكن من سبيل ، لكن يبقى انه اذا اجرينا اصالة الصحة في نفس فعل الانسان فلا يبقى مورد لجريان باقي القواعد والاصول بل الامر بالعكس فلو اجرينا قاعدة التجاوز في فعل الانسان فلا تبقى فائدة لأصالة الصحة ولعل الفقهاء لم يتعرضوا الى هذه الجهة وتعرض لها السيد الوالد لأجل هذا الامر .

الجهة السابعة : عرفتم ان اصالة الصحة انما تجري في العقود والايقاعات عند الشك في شروط العقد او شروط المتعاقدين او شروط العوضين الا ما كان يرجع الى العرفيات وقد تقدم التفصيل فنعتمد على اصالة الصحة في دفع ما يحتمل من الفساد في عقد او ايقاع اذا حصل من الغير وبناءً على هذا ان اصالة الصحة تكون حاكمة على الاصول العدمية الموضوعية في المقام فان كل مورد يجري فيه اصل الصحة فيه اصل عدمي كأصالة عدم النقل والانتقال وهذه الاصول اذا اجرينا اصالة الصحة فلا يبقى مورد لجريانها والسر في ذلك يرجع الى ادلة اصالة الصحة فان قلنا دليل اصالة الصحة الاخبار فان لها من الاطلاق ما يشمل موارد الاستصحابات العدمية وحينئذ الاطلاق حاكم وان قلنا ان دليل الاصل هو الاجماع كما ذهب اليه جمع من المحققين منهم الشيخ النائيني اعتمد على هذا الاجماع فان لمعقد الاجماع اطلاق يشمل حتى موارد الاستصحابات العدمية الموضوعية

واما اذا كان دليل الصحة بناء العقلاء وسيرتهم فانه انما صار شرعي بعدم ردع الشارع عن هذه السيرة والبناء وقد تقدم سابقا انه لم يرد ردع من قبل الشارع عن بناء العقلاء وحينئذ بناء العقلاء في هذا المورد عدم الاعتناء بالشك تعبدا فمعناه ان موضوع الاستصحاب يرتفع ولا يكون رادع عن هذا الاصل ، فان قلت الاستصحاب ان لم يكن امارة فهو من الاصول المحرزة واما اذا كان من الاصول المحرزة فان الاستصحابات العدمية ايضا من الاصول المحرزة فتتعارض هذه الاصول ولا يمكن الحكم بأحدهما فلابد من الرجوع الى قواعد اخرى

وقد عرفتم ان وجه تقديم اصالة الصحة هو اذا استفدنا من الاجماع والادلة واللفظية حجية الاصل ولها اطلاق فمعناه ان الشارع الغى الشك وحكم بوجود الجزء او الشرط المشكوك تعبدا فلا يبقى شك لكي نجري الاستصحاب العدمي ، وان كان اصل الصحة دليله بناء العقلاء وسيرتهم فانها قامت على الغاء الشك فاذا لم يكن شك فدليل الاستصحاب لا يجري في المورد ولا يشمله لانه لا مخصص لدليل اصالة الصحة وتشمل حتى موارد الاستصحابات العدمية

ولا ريب ولا اشكال ان اصالة الصحة هو المعتمد عند الشك في فعل من حيث الصحة والفساد الا اذا كان هناك علم يخالف هذا الاصل سواء كان العلم تفصيليا او اجماليا فهو حاكم على الاصل كذلك لو قامت بينة في المقام على بطلان ذلك الفعل فلا يمكن الاعتماد على اجراء اصالة الصحة في فعله وكذلك اذا كان امارة اخرى تدل على فساد الفعل لا يمكن الاعتماد على الصحة ، واصالة الصحة انما يعتمد عليها في ما اذا لم يكن برهان خلاف ذلك من علم او بينة او امارة تدل على الفساد كذلك القول عدم الاعتماد على الصحة اذا الغير لا يجري في حقه اصالة الصحة لكثرة الفساد عليه كما في زماننا ففي الحديث (اذا استولى الفساد على الزمان واهله فأحسن رجل الظن برجل فقد غرر)[2] فاذا كان شخص متقلب لا يأتي بفعل صحيح الا نادرا فلا وجه لحمل علمه على الصحة اذ يستلزم منه اختلال النظام وهو من الادلة التي استدل بها على اصالة الصحة .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo