< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

37/04/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : قاعدة القرعة

وقد اثير عدة شبهات حول الاستخارة :-

الشبهة الاولى : ما ذكره جمع من العامة ان الاستخارة هي من الاستقسام بالأزلام التي هي فسق وحارم وقد ورد تحريمها في الآية المباركة قد ذكر جمع من المفسرين انهم اذا ارادوا ان يقدموا على عمل او ارادوا رزقا او شيء اخر كانوا يرجعون الى الازلام ويستقسمون بها وهي الزلم التي لا ريش عليه وهي كانت عند رجل امين عندهم فيذهبون اليه فيضرب الازلام بالسهام فيخرج ما هو مقدر لهم والعامة جعلوا الاستخارة بمنزلة هذا

يجاب عن هذه الشبهة ان الآية الشريفة ذكرت فيها تفاسير عديدة ما لم تقم قرينة على تعين احدهما من نص او من الآية الشريفة فتصير مجملة وقد ورد في تفسيرها ايضا روايات اخرى من عندهم ومن عندنا فقد قالوا في الازلام انهم كانوا يرجعون الى السهام في تعين اشياء اخرى غير ما ذكروه وظاهر الاية الشريفة ان الاستقسام يرجع الى المذكورات فيها وهي قوله تعالى ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ[1] وظاهر الاية تبين المأكولات المحرمة المذكاة وغيرها والاستقسام بالأزلام يرجع الى هذه المذكورات فالآية بمعزل عن الاستخارة بالكلية لا سيما عندما قالوا ان الاستقسام بالأزلام تفسيرها عشرة اسهم لكل سهم اسم خاص الفذ والتؤم الخ ففي سنة الجدب الاغنياء يشترون جزور ويقسمونه الى عشرة اسهم ويطرحون هذه السهام عند امين يقسمه لهم فيكتبون على السهم الاول الذي هو الفذ يأخذ سهم واحد من الجزور والتؤم يأخذ اثنان وهكذا الى السابع سبعا والثلاثة الاخيرة هي فضل ليس فيها شيء فمن خرج من هذه السهام الاخيرة سهمه يغرم ثمن الجزور فيكون قمار وهو محرم فكيف ينسب الى الاستخارة فهما امران متباينان وعلى فرض التنزل وان الاية الشريفة ذكر لها معاني متعددة لا بد من تعينها من ظاهراها او من رواية وهذه الرواية رواها العامة ورواها الخاصة اذ وردة في تفسير القمي ، وقد ورد في تفسير الطبري تفسير اخر لها عن ابن اسحاق انهم كانوا يأتون الى هبل ويتوسلون ويضربون السهام والقداح عنده لاستخراج ما قسم لهم وهو عين الشرك .

الشبهة الثانية : ما ذكره المحقق الاردبيلي رحمه الله في جامع البيان قال ان الاية لا تشمل جميع انواع الاستخارة لكن تختص بهذا النوع من الاستخارة وهي ان تكون الاستخارة بالسهام تكون الاية شمل الاستخارة بالسهام اذ ان الاية ليس لها عموم يشمل كل الانواع

وبناء على ما ذكرناه ان الاية الشريفة امرها دائر بين ان تكون قمار او دائر للشرك بالله وهو التوسل بهبل وتقديم الجزور له ثم يضربون السهام والقداح من الفعل او الترك وهذا شرك اما الاستخارة فهي عبادة وتسليم الامر لله وطلب الخير منه فأين الاستخارة من هذه الامور التي ذكرت .

الشبهة الثالثة : ان الاستخارة رجم بالغيب بكل انواعها والله تبارك وتعالى يريد ان يكون الغيب له والامر بيده ولا يكشفه الا عن طريق الانبياء والمرسلين ولا طريق غير ذلك

والجواب ان الغيب شيء والاستخارة التي هي توسل بالله تعالى وتوكل عليه وتفويض الامر اليه بعد انتهاء المشاورة ولم يكن ملجئ الا اليه فكيف يكون ذلك رجم بالغيب ولا يمكن ان يخطر ببال المستخير انه بالاستخارة يريد كشف الغيب بل هو يطلب الخير .

الشبهة الرابعة : ان الروايات التي دلت على الاستخارة وهي كثيرة تقدم ذكر بعضها هي اما ضعاف السند ولا يمكن استفادة الاستحباب منها او هي ضعيفة الدلالة فلا يمكن استفادة المشروعية من هذه الروايات فضلا عن ندبها والسيرة التي تمسكوا بها من ان العلماء والصلحاء يعملون بالاستخارة لكن السيرة لا تثبت الاستحباب والمشروعية اذ ربما يعملونها برجاء المطلوبية ، فاذا ارادنا الرجوع الى قاعدة التسامح في ادلة السنن فهي تثبت الانقياد والثواب ليس اكثر من ذلك ولا تثبت الحكم والاستحباب وقد تقدم ذلك وحينئذ يبقى الامر اننا نأتي بها برجاء المطلوبية لا بداعي مشروعيتها من الشارع الاقدس

والجواب عن ذلك هو صحيح ان قاعدة التسامح في ادلة السنن لا تثبت حكما ولا تثبت صحة السند لكننا ذكرنا مرارا ان عمل الاصحاب بروايات مختلف هذا يعمل ويرى المشهور جابر لها وذاك لا يعمل ويقول ان المشهور ليس جابر وهذا خلاف متعارف قديما وعمل الاصحاب على يدل على الالتزام وسيرتهم العملية على ذلك فضلا عن الشهرة القولية وهذا العمل مما يكشف عن ثبوت استحباب في هذا المورد والاستخارة من هذا القبيل .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo