الموضوع: ذكر الشهادتين والصلاة بألفاظها المتعارفة

 بالنسبة لتتمة البحث السابق هناك رواية حبيب بن عبد الله بن جندب في أبواب التشهد الباب 2 الحديث الأول قال: قلت لأبي عبد الله اني اصلي مع هؤلاء فاعيدها فاخاف ان يتفقدوني؟ قال اذا صليت الثالثة فمكن في الأرض يديك ثم انهض وتشهد وانت قائم ثم اركع واسجد وهذه محموله على من لايستطيع مراعاة ضوابط الجماعة معهم

 فالامام (عليه السلام) هنا بيّن ان الجلوس واجب مستقل في عرض التشهد فاذا لم يتمكن من التشهد مقارنا للجلوس فعليه ان يجلس ثم يأتي بالتشهد وهذا يدل على أهمية الجلوس فان وجوبه جزئي وداخل الصلاة

 وهذه الطائفة من الروايات الدالة على ان الصلاة الفرادى كأنما لايوقعها المصلي معهم بالجماعة الصورية محمولة على عدم فطنة وقدرة الرواي على ذلك لا ان الاتيان بالصلاة فرآدى حقيقة في ضمن الجماعة معهم غير مشروعة بل هي حقيقة مشروعة وهذا نحوٌ من الجمع بين طوائف الروايات

 الرابع: الطمأنينة فيه ودلّ عليه كل ماتقدم على الطمأنينة في الجلوس بين السجدتين

 وان للطمأنينة عدّة معاني منها إقامة الصلب وعدم الهزهزة والمكث والاستقراء أي عدم الحركة بالمشي

 وقد عقد صاحب الوسائل في التشهد بابا في استحباب التورك في التشهد أو بين السجدتين ومن ضمن ماذكر في آداب التورك والجلوس الطمأنينة فيه

 الخامس: الترتيب بتقديم الشهادة الأولى على الثانية وهما على الصلاة على محمد وآل محمد كما ذكر وهذا الترتيب مذكور أيضا في الروايات الواردة والأصل لحاظه والاعتماد عليه ومراعاته لا انه يحمل على مطلق الاجتماع بين هذه الاجزاء بل الترتيب فيها ملحوظ

 وان الترتيب الذكري في الآيات والروايات يشير ويبين منشأ معين فان التعاقب الذكري في كلام الحكيم ليس اعتباطا بل هو اشارة الى منشأ معين

 السادس: الموالاة بين الفقرات والكلمات والحروف بحيث لا يخرج عن الصدق أسم التشهد

 وهذه الموالاة التي بيّنها الماتن تعتبر بقدر الصدق الذي يؤدي في صدق التشهد على هذا الكلام

 السابع: المحافظة على تأديتها على الوجه الصحيح العربي في الحركات والسكنات وأداء الحروف والكلمات وكما مرّ فان قسم من اقسام الواجبات في الصلاة هي واجبات قولية وان الاصل في الواجبات القولية هو العربية وأما بغير العربية فيحتاج الى دليل باعتبار ان اللغة العربية هي اللغة الرسمية في الدين الحنيف

 مسألة 1: لا بد من ذكر الشهادتين والصلاة بألفاظها المتعارفة فلا يجزي غيرها وإن أفاد معناها مثل ما إذا قال بدل أشهد أعلم أو أقر أو أعترف وهكذا في غيره فلابد من الاتيان بنفس لفظ الشهادة

 فاللازم في تشهد الصلاة من ذكر المادّة اللفظية للصلاة والمادة اللفظية للشهادة وهكذا في غير الكلمات

 ومن جانب آخر مرّ ان المادة اللفظية للشهادة لابد من تكرر لفظ وعنوان الشهادة في الشهادة الاولى والشهادة الثانية ومرّت الروايات على ذلك مثل معتبرة الفضل بن شاذان وغيرها

 وان هذا التشهد وارد في الأدلة والتفعل يعني فيه تغليظ في مادة ولفظ الشهادة

 وفرق بين ان يقول (اشهد ان زيد مديون) وبين ان يقول (زيد له هذه الملكية) فالفرق بينهما هو: (أشهد زيد مديون) هنا خبران مطابقيان أما (زيد مديون) فهنا خبر مطابقي وخبر التزامي

 فان في (أشهد) هو فعل وجملة (ان لا اله الاّ الله) وهذه جملة اخرى فهما خبران باعتبار ان كل جملة خبر

 أما (لا اله الاّ الله) فهو خبر واحد مطابقي وفيه خبر ضمني التزامي بأنني أعلم

 وهناك مفاد ثالث في هذا المطلب وهذا الأمر يفيد في باب الإقرار والقضاء والشهادات وباب علم الرجال وعلم العقائد

 والخبر أو المفاد الثالث هو خفي جدا ودقيق فمثلا الامام (عليه السلام) يذكر معلومه خطيرة لشخص ويوصيه بأن لايبيح بهذه المعلومة لأحد ولكنه يأتي لأصحابه ويخبرهم بالخبر فيأتي أصحابه الى الامام (عليه السلام) بأن فلان أخبرنا بهذا الأمر عنكم فيجيب (عليه السلام) كذب عليّ بل يقول (عليه السلام) ماقلت ذلك

 ولكن كلام الامام (عليه السلام) ليس من باب التقية بل كلامه حقيقة تامة فانه لايريد ترتب الآثار غير المحمودة على كلامه بعد ملاحظة جوانب الكلام

 ومثال المفاد الثالث في باب الشهادة لو كذب الشاهد فيكون ضامنا لأنه سبّب ذلك أما لو كان الشاهد هزلي فانه لايعتد بشهادته وذلك لأن المخبر عندما يخبر فيخبر بالمفاد الثالث أي إني أتعهد لك بهذا الإخبار بأنه صدق وأتعهد بمسؤولية الشهادة وهو مفاد انشائي ولذا لايعتد بخبر الهزلي لأنه لايتعهد

 مسألة 2: يجزي الجلوس فيه بأي كيفية كان ولو إقعاء وإن كان الأحوط تركه

 لقد أدركت أحد الفقهاء وهو تلميذ الشيخ عبد الكريم الحائري وأيضا تلميذ السيد البروجردي وكان مباحثا للسيد الكلبايكاني واسمه الشيخ آقا رضا المدني الكاشاني عنده كتاب براهين الحج يقول هذا الشيخ بعد ان بلغت الفقاهه درست كتاب المغني مرتين بكل أبوابه الثمانية واستفدت من ذلك استفادات عجيبة وان الشهيد الثاني يقول في منية المريد بعد ان بلغت الاجتهاد المسلم أردت ان أكون مسلطا في النحو والصرف والبلاغة فأخذ بمراجعة كتب الأدبيات وقد كان قويا في البلاغة والنحو والصرف جدا ومسلط فيها

 نعود للمسألة الثانية حيث ان الأحوط عند الماتن ترك جلسة الإقعاء في التشهد وذلك لأن جملة من الأعلام كالصدوق وصاحب الحدائق وغيرهما منعوا جلسة الإقعاء عند التشهد

 وأما معنى الاقعاء المكروه فسيأتي الكلام عنه

 ونتعرض الآن الى الأقوال في الإقعاء:

 في الخلاف للشيخ الطوسي قال الاقعاء مكروه وبه قال جميع من الفقهاء وروي ذلك عن علي (عليه السلام) وابي هريرة وقد خالف في ذلك ابن عباس حيث قال هو السنة وسيأتي ان جملة من العامة ذهبوا الى استحبابه

 وحكى في التذكرة للشافعي قول باستحباب الاقعاء بعد ان حكى عنهم وعن أبي حنيفة وابن حنبل استحباب الافتراش وان الافتراش هو غير الاقعاء وغير التورك وغير التربع

 وسنتعرض لهيئة الافتراش وهو شبيه التورك لكنه يختلف عنه