< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

35/12/16

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:قضاء الولي مافات من صلاة وصيام الميت
كان الكلام فيما فات الميت من الصلاة والصوم ومرّ ان هناك قولان في المسألة، فقول لمشهور المتأخرين من زمان صاحب السرائر والمحقق الحلي الى الآن وهو ان الولد الأكبر تشتغل ذمته بالديون العبادية بما تعلق بذمة الميت من الصلاة والصوم فيقتصرون على الأب والولد الأكبر وبعضهم يقتصر على الوالدين فقط دون غيرهما من الموتى وفيما فات بعذر، بينما قول جملة من المتقدمين وبعض المتأخرين وهو ان ولي الميت سواء كان الولد الأكبر أو غيره عليه ان يفرغ ذمة الميت من الواجبات العبادية على حذو حجة الإسلام يخرجها من التركة إلاّ ان يكون هناك متبرع للميت فيكون تفريغ ذمة الميت من جانب المتبرع وهذا القول غير المشهور وهو الصحيح
وبناء على القول غير المشهور والذي قد تبنياه فلايختلف كون الميت هو الأب أو الاُم أو الجد أو الجدة أو الخال أو العم أو غيرهم فان كان الوارث هو الوحيد لهذا الميت فالوارث يجب عليه تفريغ ذمة الميت من الصلاة والصوم بان يخرجها من تركته كما يخرج ديون الناس وكما يخرج الحج من أموال الميت
ثم انه هل يلزم الوارث والولي ان يقضي عن الميت كل صوم وصلاة فاتت الميت؟ هنا روايات متعددة خلاصتها انه هناك فرق بين مافات الميت بسبب المرض ولم يتمكن الميت من قضائه وهو العذر الذي غلب الله عليه وهو المرض الذي لم يمهله الأجل ان يقضيه بأن عاجله الأجل فالأدلة الواردة في باب الصوم هنا قالت انه لايلزمه القضاء
فالأدلة هنا فرقت بين ما فات بسبب عذر غلب الله عليه ثم لم يتمكن المكلف من القضاء فهنا لايجب القضاء أصلا الاّ حجة الاسلام حيث وردت نصوص خاصة دلت على ان الميت اذا حصلت لديه استطاعة مالية في آخر أيام حياته فيجب إخراج حجة الاسلام عنه وهذا لايلتزم به المشهور بل يلتزم به الشيخ الطوسي وبعض الأعلام وهو الصحيح، ففي خصوص الحج الأمر يختلف للنصوص الخاصة الواردة، وقد تقدم ذكر لنصوص ولابأس باعادة قرائتها:
صحيح ابي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان وماتت في شوال فأوصتني أن أقضي عنها؟ قال: هل برئت من مرضها ؟ قلت: لا، ماتت فيه، قال: لا تقضي عنها، فان الله لم يجعله عليها، قلت: فاني أشتهي أن أقضي عنها وقد أوصتني بذلك؟ قال: كيف تقضي عنها شيئا لم يجعله الله عليها، فان اشتهيت أن تصوم لنفسك فصم [1] فهنا قال (عليه السلام) في العذر الذي غلب الله عليه في ترك الأداء ولم يتمكن من الأداء فلا قضاء عليه
صحيح أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل خروج شهر رمضان ، هل يقضى عنها ؟ قال: أما الطمث والمرض فلا، وأما السفر فنعم [2] فان الطمث والمرض هما عذر غلب الله عليه فلا يقضى عنها وأما السفر فانه عذر ليس مما غلب الله عليه ففيه القضاء لأن التفويت كان باختياره، وهذا التفصيل لابأس فيه وهو الصحيح
موثقة أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل سافر في شهر رمضان فأدركه الموت قبل أن يقضيه ؟ قال: يقضيه أفضل أهل بيته[3] فإن فوت الأداء هنا بعذر اختياري، وهذا التفصيل في السفر بخلاف غير السفر هو مبنى المشهور
فانما يلزم القضاء عن الميت فيما لم يكن قد غلب الله عليه لعذر ولم يمهله الأجل فيسقط القضاء ولايلزم على ولي الميت القضاء أما اذا حصل الخلل في أحد القيدين فعموم أدلة القضاء على حالها وهذا بلافرق بين قول المشهور في حقيقة القضاء أو قول غير المشهور لأن هذا مرتبط بتعيين مااشتغلت به ذمة الميت
وجهة اخرى في البحث قد أشرنا اليها في الفصل السابق وهي ماورد في الفداء عن المعذور من الصوم كالذي استمر به المرض الى شهر رمضان الآخر فالواجب ان يُعطي الفداء، وبعض كلمات القدماء كالسيد المرتضى وكذا الشيخ الطوسي احتمل ان الفداء عن كل يوم بمد هو كناية عن الاستئجار للصيام عن الميت وهذا يظهر أيضا من بعض الروايات
وهذا الكلام ان تم فهو يدل على ان الواجبات العبادية وجوبها أعم من المباشرة أو التسبيب كحجة الاسلام فاما ان يحج بنفسه او يستنيب فالحج أما أن يأتي به أو يسبب بالإتيان عنه في حياته أو بعد مماته فالبصلاة كذلك غاية الأمر في الصلاة مادام حياً فيأتي عن نفسه واذا شارف على الموت فيوصي بها
ومع الالتزام بذلك فهذا يعني ان الصلاة واجب أعم من المباشرة والنيابة ومعه فواضح ان الصلاة واجب مالي كما في الحج فبهذا التقريب يصبح واضحا ان الواحبات العبادية ليست واجبات بدنية محضة وكذا الحال في الصوم
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إذا صام الرجل شيئا من شهر رمضان ثم لم يزل مريضا حتى مات فليس عليه شئ، وإن صح ثم مرض ثم مات وكان له مال تصدق عنه مكان كل يوم بمد، وإن لم يكن له مال صام عنه وليه [4] وهذا النص قرينة على ان كل ماورد من الفدية بمد المراد به الكناية عن الاستنابة للصوم وليس المراد به التصدق
معتبرة اسحاق بن عمار عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في رجل يجعل عليه صياما في نذر فلا يقوى قال : يعطى من يصوم عنه في كل يوم مدين[5] وهذه الرواية واضحة انه في عرف ذلك الزمان اجرة الصوم هي المدين من الطعام
معتبرة بي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له الشيخ الكبير لا يقدر ان يصوم؟ فقال: يصوم عنه بعض ولده، قلت: فإن لم يكن له ولد؟ قال: فأدنى قرابته، قلت: فإن لم يكن له قرابة؟ قال: تصدق بمد في كل يوم ، فإن لم يكن عنده شئ فليس عليه[6] وهذا كناية عن استئجار من يصوم عنه، ويؤيده ماورد وأفتى به المشهور من صوم الولي عن الصبي في الحج اذا لم يجد له هديا فان الصوم بدل الهدي

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo