< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

36/05/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الضابطة في إدراك الركعة في صلاة الجماعة
قبل الخروج من هذه المسألة وذكرنا دليل الموجب الثاني للإلتحاق بالركعة والاعتداد بالركعة وهي صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج ومر بنا كيفية تقريب ان ادراك الركوع بمفرده موجب لادراك الركعة
هنا أردنا ان نذكر أحد فنيات الاستنباط المعهودة عند الفقهاء فعندما يدخلون في بحث لاستنباط مسألة أو فصل معين يقرأون ما قيل ويقال في هذه المسألة وأيضا يقراون مسائل اخرى إما اشير اليها في الكلمات أو انهم يحدسون ويتنبهون إتصالها بهذه المسألة التي يريدون استنباطها بل إجمالا يقرأون أدلة مسائل اخرى ذات صلة وان السبب في ذلك هو انه هناك ضرورة لاستنباط هذه المسألة ان تكون عملية مسح ميداني لمسائل عديدة وقد يستلزم استنباط المسألة الواحدة لمسح ميداني لأبواب اخرى عديدة لابد من الاطلاع عليها لأن المسألة الواحدة أو الفصل الواحد غالبا هي مسألة ذات ارتباط شبكي ومنظومي لمسائل اخرى
فإن أحد مقومات الاستنباط هو الفطنة والتوجه للإرتباط الشبكي بين المسألة الواحدة وبين المسائل الاخرى فان طبيعة الابحاث الفقية بل حتى في العلوم الاخرى هناك ارتباط شبكي بين مسائل العلم الواحد أو العلم مع بقية العلوم، وهذه فائدة لابد من ان يلتفت اليها الباحث
فالرواية لتي يذكرها الانسان فيها فوائد وامور كثيرة وان كانت جهتها الاصلية جهة واحدة ولكنها تلقائيا ترتبط بجهات ومسائل عديدة فلذا دأب الشهيد الثاني ان يذكر لكل رواية فوائد متعددة وهذا الكلام يجري أيضا في عالم العقائد
وأما فروض الروايات صحيحة عبد الرحمان بن الحجاج، عن أبي الحسن (عليه السلام) في رجل صلى في جماعة يوم الجمعة فلما ركع الإمام ألجأه الناس إلى جدار أو أسطوانة فلم يقدر على أن يركع ثم يقوم في الصف ولا يسجد حتى رفع القوم رؤوسهم، أيركع ثم يسجد ويلحق بالصف وقد قام القوم أم كيف يصنع ؟ قال: يركع ويسجد لا بأس بذلك [1]فهو يعتد بالقيام الثاني دون ان يدرك الركعة الاولى فان القيام الثاني للامام لايعتد به من دون الركعة الاولى
ففي حين المأموم في صلاة الجماعة ومرتبط بصلاة الجماعة الاّ ان أفعال الامام لايعتد بها المأموم حتى يكمل ركعته الاولى فمع ان الجماعة باقية بين المأموم والامام الاّ ان المأموم لايعتد بالأفعال التي يأتي بها للامام والتي لاتكون وفق لوظيفته
فنريد هنا ان نصل الى هذا التحليل الذي بنى عليه المشهور بينما السيد الخوئي وجملة من تلاميذه لم يبنوا عليه وهو ان أصل الجماعة أمر والتوافق في أفعال المأموم والامام أمر آخر فان الصحيحة صريحة بذلك، إنما الكلام في ان المأموم لابد ان يراعي الوظيفة الصلاتية لنفسه فان الجماعة مع بقائها وارتباطه بها الاّ أنها وظيفة في المرتبة الثانية وليست وظيفتة في المرتبة الاولى فإن الجماعة أمر والاعتداد والمتابعة أمر آخر
وهذه هو الفرق بين منهج السيد الخوئي ومنهج صاحب الجواهر وبين منهج السيد الخوئي ومنهج السيد محسن الحكيم فان منهج السيد الحكيم متابعة الجواهر وكاشف اللثام فهو منهج تحليلي لايأخذ الرواية على جمود الفاظها وسطح دلالتها وهذا خطر في التعامل مع الروايات وهو التركيز على أهمية الطريق دون أهمية المتن بل لابد من معرفة المتن وارتباطه الشبكي مع بقية الروايات، فالمنهج التحليلي مهم جدا ولايصح الجمود على حرفية النص فالمراد من التفقه هو الفهم بموازينه وظوابطه الخاصة
ففرق بين انعقاد أصل صلاة الجماعة وبين المتابعة بالنسبة لمن صلى قائما وترك الركوع والسجود فلا يمكن ان نجعل انعقاد الجماعة وبقائها هو عين المتابعة وعين الاعتداد بالركعات فإن أصل انعقاد الجماعة أمر والتوافق في الركعات بين المأموم والامام هو أمر آخر فليس هما شيء واحد
ثم ان موثقة حفص بن غياث قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في رجل أدرك الجمعة وقد ازدحم الناس وكبر مع الإمام وركع ولم يقدر على السجود، وقام الإمام والناس في الركعة الثانية، وقام هذا معهم فركع الإمام ولم يقدر هذا على الركوع في الركعة الثانية من الزحام وقدر على السجود كيف يصنع؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): أما الركعة الأولى فهي إلى عند الركوع تامة، فلما لم يسجد لها حتى دخل في الركعة الثانية لم يكن ذلك له، فلما سجد في الثانية فإن كان نوى هاتين السجدتين للركعة الأولى فقد تمت له الأولى، فإذا سلم الإمام قام فصلى ركعة ثم يسجد فيها ثم يتشهد ويسلم، وإن كان لم ينو السجدتين للركعة الأولى لم تجز عنه الأولى ولا الثانية، وعليه أن يسجد سجدتين وينوي بهما للركعة الأولى وعليه بعد ذلك ركعة تامة يسجد فيها[2]فهذا الرجل قد ادرك الجماعة وائتم بالامام في صلاة الجمعة الاّ ان الناس منعوه من السجود لأجل الزحام حتى قام الامام للركعة الثانية وقد منعه الناس أيضا من ركوع الركعة الثانية، فجواب الامام (عليه السلام) هو ان نوى المتابعة فلا يعتد بالسجدتين وان نوى بهما الركعة الاولى فان السجدتين يعتد بهما وعلى المأموم ان يأتي بركعة ثانية
وتحليل هذا المتن هو ان جماعة المأموم بقيت مع انه قد فكك بين هيئة الجماعة وتطابق عدد الركعات مما يدلل على ان الشارع في هذا الجعل فرق بين جعل انعقاد أصل الجماعة وبين التطابق في تعداد الركعات ومنه يظهر ويتبين انه لايمكن في كل مورد كانت الرواية في كيفية التحاق المأموم بالامام لأجل الركعة نقول هذا لأصل إنعقاد الجماعة فلاصلة بن الأمرين، فان الروايات التي هي في مقام الاعتداد بالركعة والتطابق بين ركعات المأموم والامام فان هذا شأنه يختلف عن انعقاد وبقاء الجماعة بينما السيد الخوئي وبعض تلاميذه ربط بينهما بل حتى بعض المشهور ربط بين الأمرين
وبمراعاة التوصية التي ذكرناها اول البحث عن الاكابر من انه لابد في البحث عن مسالة معينة لابد من تابعة المسائل ومراجعة مسائل اخرى للحصول على صورة واسعة وكاملة ووسيعة ومنه يتبن تعدد حيثيىة انعقاد الجماعة وحيثية بقاء الجماعة تغايرها مع متابعة المأموم للامام وتغايرها مع تطابق ركعات المأموم للامام
وقد مرّ انه حتى مع حصول الفاصل في المتابعة الاّ ان الجماعة باقية وليس ذلك الاّ لأجل وجود الإنفاك في الحيثية بين بقاء الجماعة وبين انعقادها وتطابق واعتداد الركعات وهذا تحليل مجعولي

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo