< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ محمدالسند

36/08/20

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:لا فرق في عدم السماع بين أن يكون من جهة البعد أو من جهة كون المأموم أصم
كُنّا في قراءة الرواية الشريفة التي هي صحيحة زرارة، ومر بنا ان وظيفة المصلي في الركعتين الأخيرتين وردت فيها طوائف عديدة من الروايات سواء كان المصلي اماما أو مأموما أو منفردا
ومع الالتفات الى قرينتين وهما: أولا: ان العامة ذهبوا الى وجوب القراءة في كل ركعة حتى الثالثة والرابعة، وثانيا: اختلاف السن طوائف الروايات خصوصا على القول بأن تشريع الركعة الثالثة والرابعة هو لأجل التسبيحات الأربعة وإنما يجتزء بالقراءة من باب انها ذكر وليس لأجل تشريع القراءة فيها بل للذكر فحاكمة من حيث الجهة وحاكمة من حيث الدلالة، وصلنا الى صحيح زرارة
صحيح زرارة، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : إذا أدرك الرجل بعض الصلاة وفاته بعض خلف إمام يحتسب بالصلاة خلفه جعل أول ما أدرك أول صلاته إن أدرك من الظهر أو من العصر أو من العشاء ركعتين وفاتته ركعتان قرأ في كل ركعة مما أدرك خلف إمام في نفسه بأم الكتاب وسورة، فإن لم يدرك السورة تامة أجزأته أم الكتاب فإذا سلم الامام قام فصلى ركعتين لا يقرأ فيهما، لان الصلاة إنما يقرأ فيها في بالأولتين في كل ركعة بأم الكتاب وسورة، وفي الأخيرتين لا يقرأ فيهما، إنما هو تسبيح وتكبير وتهليل ودعاء ليس فيهما قراءة، وإن أدرك ركعة قرأ فيها خلف الامام، فإذا سلم الامام قام فقرأ بأم الكتاب وسورة ثم قعد فتشهد، ثم قام فصلى ركعتين ليس فيهما قراءة [1] وهذه الصحيحة من ضمن الطائفة الأخيرة الناظرة الى عدم تشريع القراءة في الأصل
ويوجد لسان آخر من الطائفة الأخيرة دال على مفروغية التخيير مطلقا في الامام والمأموم والمنفرد فهذه دالة على التخيير صراحة وبالتالي هي قرينة على حمل الأمر التعييني في القراءة أو في التسبيح حمله على الندب لااللزوم لأن هذه الطائفة صريحة في مشروعية التخيير فالتعيين لأجل التفضيل وليس لأجل أصل المشروعية
ونحن لو لم نخدش فيما دل على القراءة فلا نخدش من جهة وزاوية جهة الصدور الذي مرّ انه فيه خدشة باعتبار ان العامة يذهبون الى ذلك
ولسان ثالث في الطائفة الأخيرة وهذا اللسان مروي في الباب الواحد والخمسون من أبواب القراءة في الصلاة وان هذا اللسان الثالث نص على مشروعية التسبيح في أصل التشريع ومشروعية القراءة في الأخيرتين، فهذا اللسان الثالث حاكم دلالة وجهة على الطوائف الاخرى
مسألة 2: لا فرق في عدم السماع بين أن يكون من جهة البعد أو من جهة كون المأموم أصم، أو من جهة كثرة الأصوات أو نحو ذلك[2]وان عدم الفرق هذا يسوغ مشروعية القراءة اخفاتا بدرجة انه يقرأ لنفسه وهذا لامانع من الالتزام به
فانه اذا لم يسمع قراءة الامام كما مر فيرجح له ان يكون متشاغلا بشيء سواء بالقراءة أو بالاذكار فان التعليل الذي ورد قرينة على تعميم موضوع عدم السماع
مسألة 3: إذا سمع بعض قراءة الإمام فالأحوط الترك مطلقا[3]فلو سمع بعض القراءة يكون عزيمة عليه ترك القراءة مطلقا ووجه اخر انه مادام يسمع فلا يقرأ ويبدأ بالقراة متى ما انقطع السماع؟
احتاط المصنف بالترك مطلقا فبمجرد ان يسمع فليس له القراءة، والوجه فيه وجود صحيحة قتيبة وموثقة سماعة وهو انه لو سمع المأموم بمثل الهمهمة فلا يقرأ لأن الهمهمة يعني انه يسمع بعض القراءة
ولكن هذا الاستدلال غير تام، فمن قال ان الهمهمة هي السماع التام في بعض القراءة دون البعض فقد يسمع بصورة الهمهمة في كل القراءة، ولو سلمنا فمن قال ان لاتقرأ هي مطلقة بل نقول ان لاتقرأ ناظرة الى صورة السماع
وفي هذا القول الثاني شواهد فان كثير من الأدلة توجد اذا سمعت والظاهر منه تحقق السماع الفعلي، ويدعمه ماورد في صحيحة معاوية بن وهب ففيها ان أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يصلي صلاة الصبح وكان خلفه من يقطع قرائته بقراءة القران الكريم
لابد هنا من توضيح نقطة صناعية فقهية ثمينة وقد ذكرها الميرزا النائيني في اللباس المشكوك، وهي: معرفة كيفية تركب موضوعات الأحكام وهذا البحث نفيس جدا ويجري في كل أبواب الفقه وان الغرض من إثارة هذا المبحث عند الأعلام هو ان المكلف اذا رأى موضوع مركب من عدة أجزاء كما في صلاة المسافر، فان تركب هذا الموضوع كيف يكون تركّبه؟
فمن الاحتمالات لهذا التركب مثلا كون الأفطار مبطل للصوم فهل ان مسمى حدوث الإفطار مفطر أو ان الإفطار حدوثا وبقاء هو المفطر؟ هنا من الواضح ان صرف الإفطار مبطلا للصوم فقد اُخذ هنا الافطار بنحو مسمى الحدوث ولم يؤخذ مجموع الحدوث مع البقاء هو المبطل للصيام فلا حاجة للبقاء
فمثلا في صلاة المسافر قد اُخذت الثمان فراسخ مجموعا ولم تؤخذ بعضا وهل هذا يعني ان المسافر ليس له الإفطار الاّ بعد طي الثمانية فراسخ أو انه يمكنه الإفطار في بداية الثمان فراسخ، وهذا رسم هندسي لترتيب الموضوعات في أبواب الفقه فلو كان المسافر لم يطوي الثمانية فراسخ فلا يسوغ له التقصير أما اذا كان ناويا للفراسخ الثمانية من الأول فانه يجوز له التقصير من البداية
لذا صاحب الجواهر مع جرته في الفتوى وعدم وسوسته في الفتوى فنراه في صلاة المسافر يكثر من الاحتياط ففي أكثر الموارد يقول بالاحتياط لصعوبة القيود الثمانية الماخوذة في موضوع الحكم فليست كلها على شاكلة واحدة فان لكل واحد من هذهالشروط نغمته الخاصة فلابد من التوليف بين هذه النغمات الثمانية
وان الشيخ جعفر كاشف الغطاء معروف عنه بانه جرئ في الفقه لقوته وحافظته فنراه مع جرئته في صلاة المسافر نراه يقول كثيرا بالاحتياط في صلاة المسافر وذلك لأن تركيب موضوع صلاة المسافر فيه الكثير من التعقيدات وان باب صلاة المسافر هو كمثال وإلاّ فان الكلام يجري أيضا في باب الحيض وباب الربا وغير ذلك
فهذه بحوث راجعة الى طبيعة التركيب في موضوعاتها وهذا من أسرار الاجتهاد فلابد من التمعن والتحذيق فان فراسة الاجتهاد تدب في علمية الانسان في هذه الموارد

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo