< قائمة الدروس

بحث الأصول آيةالله السيد محمود الهاشمي‌الشاهرودي

33/01/23

بسم الله الرحمن الرحیم

كان الكلام فِي تبدل الحكم الظَّاهِرِيّ إلى الأصل الْعَمَلِيّ الإلزامي فِي دوران الأمر بين المتباينين فِي العلم الإجمالي وذلك بأن يرىٰ المجتهد مثلاً أن صرف كثرة السفر (ولو كان لأجل السياحة) كاف لإتمام الصَّلاَة، ثُمَّ يتراجع عن هذا المبنى ويحصل لديه العلم الإجمالي بأن الواجب عليه إما القصر وَإِمَّا التمام. فإذا كان ذلك قبل الْعَمَل يجب عليه الإتيان بالقصر والتمام معاً؛ لأَنَّ العلم الإجمالي دائر بين متباينين وهو مُنَجّز. فيقع البحث فِي فروض ثلاثة أخرى:

     الفرض الأَوَّل: وقد تَقَدَّمَ وهو أن يتبدل رأيه بعد الإتيان بالعمل فيسقط الحكم الظَّاهِرِيّ عن الْحُجِّيَّة ويحصل لديه علم إجمالي، وذكرنا أن هذا العلم الإجمالي غير مُنَجز وذلك لتشكله بعد الإتيان بأحد طرفيها، فيكون الطَّرف الآخر في حكم المشكوك، اللهم إلا إذا حصل علم إجمالي آخر تدريجي والَّذِي سيأتي بيانه.

     الفرض الثانِي: أن يحصل لديه تبدل الحكم الظَّاهِرِيّ والعلم الإجمالي قبل الإتيان بالعمل، وَحَيْثُ أَنَّه لم يَتُِمّ الإتيان بأي طرف من طرفي التكليف يبقى العلم الإجمالي مُنَجّزاً ويجب عليه أن يصليها قَصْراً وتماماً أَيْضاً، وهذا الاحتياط واجب عقلاً.

وَحِينَئِذٍ إذا لم يسلك طريق الاحتياط، بل امتثل أحد الطرفين فقط وانقضى الوقت، فهل يجب عليه القضاء أم لا؟ لأن الإتيان بالطرف الآخر داخل الوقت كان مُنَجّزاً عليه (من باب مُنَجِّزِيَّة العلم الإجمالي) وقد تركه متعمداً، ووجوب القضاء هنا أولى منه فِيما إذا حصل التبدل لديه بعد الوقت والذي سيأتي في الفرض الثالث، ولعل البعض يفتي فِي هذا الفرض بوجوب القضاء أَيْضاً.

أَمَّا سَيِّدُنَا الأُسْتَاذُ الشَّهِيدُ & فقد ذكر فِي هذا الفرض خمسة أوجه ثُمَّ يناقش جميعها؛ فَإِنَّ المبنى فِي الإفتاء بوجوب القضاء فقهياً أحد هذه الوجوه الخمسة:

     الوجه الأَوَّل: ما تَقَدَّمَ فِي الصُّورَة الأولى (أي: فِي تبدل الحكم الظَّاهِرِيّ بالاستصحاب) من أَنَّ الأداء حيث كان وظيفةً ظاهرية لِلْمُكَلَّفِ داخل الوقت وقد فاتته يقيناً، إذن يشمله دليل >اقض ما فات كما فات< ويثبت فِي حقه وجوب القضاء الظَّاهِرِيّ.

     ولكن لا يمكن مساعدة هذا الوجه فِي المقام؛ لأَنَّهُ كان يوجد هناك تكليف شرعي ظاهري (استصحابي) بالأداء وقد فاته، ولكن لا يوجد هكذا أمر شرعي بالأداء فِي المقام، وَإِنَّمَا الموجود هو حكم العقل بمنجزية العلم الإجمالي ووجوب الاحتياط، وهو لَيْسَ حُكْماً شَرْعِيّاً كي يصدق فوت الأمر الأدائي، أي: إن موضوع >اقض ما فات< أمر شَرْعِيّ (ولو كان ظَاهِرِيّاً) وهنا لا يوجد لدينا أمر شرعي بإعادة طرف العلم الإجمالي داخل الوقت، بل يوجد لدينا احتياطٌ واشتغال عَقْلِيّ، والأحكام العقلية بالمنجزية أو بوجوب الطاعة وامتثال أوامر المولى لا تدخل فِي إطار >كُلّ ما حكم به العقل حكم به الشَّرْع< حتَّى يثبت الحكم الشَّرْعِيّ الظَّاهِرِيّ بالاحتياط، بل تصح هذه الملازمة فِي المبادئ التَّصَوُّرِيَّة للأحكام، ولكن حينما نَتَحَدَّثُ عن الإطاعة والامتثال لا تجري قاعدة الملازمة؛ لأَنَّهُ (كما تَقَدَّمَ فِي مَحَلّه) يلزم منه التسلسل أو اللَّغوية؛ ؛ لأَنَّهُ لو أمر الشَّارِع بلزوم إطاعة أوامره وأحكامه فَسَوْفَ يحتاج هذا الأمر أَيْضاً إلى حكم آخر بوجوب إطاعته وهكذا حتَّى يتسلسل. إذن، فلا يوجد لدينا حكم شرعي حتى ظاهري بأداء ما فات حتَّى يتكوّن لدينا موضوعُ >اقض ما فات<.

طَبْعاً، لو فهم المجتهد الإطلاقَ من مثل رواية زرارة المتقدمة (مَتَى اسْتَيْقَنْتَ أَوْ شَكَكْتَ فِي فَرِيضَةٍ أَنَّكَ لَمْ تُصَلِّهَا... صَلَّيْتَهَا)([1] )وذلك لأن موردها الشَّكّ فِي الامتثال وهو حكم عَقْلِيّ أيضاً كالعلم الإجمالي الَّذِي يحكم فيه العقل بالاحتياط، فمن يرى اطلاقها لموارد العلم الإجمالي ويستفيد من >صليتها< وجوبَ الصَّلاَة الأعم من الإعادة والقضاء، فيؤدي إلى وجوب القضاء فِي المقام؛ لأَنَّهُ لم يؤخذ فِي موضوع الأمر بـ>صليتها< أَنْ يوجد استصحاب أو أمارة عَلَىٰ وُجُوبِ الإعادة، بل اكتفى بمجرد الشَّكّ فِي الامتثال لكي تؤدي الصَّلاَةَ.

إذن، يكون الْمَوْضُوع >مطلقُ الشَّكّ< وهو موضوع حكم العقل بالاشتغال. طَبْعاً، يجب علينا أن لا نتخذ هذا الأمر أمراً إِرْشَادِيّاً إلى حكم العقل، وَإِنَّمَا نتخذه تَعَبُّداً شَرْعِيّاً بوجوب الإعادة داخل الوقت والقضاء خارج الوقت؛ إذ فِي هذه الحالة يشمل المقام أَيْضاً.

إذن، لو آمن شخص بهذا الاستظهار فَسَوْفَ يثبت وجوب القضاء خارج الوقت فِي ما نحن فيه، وهذا ما يجب تنقيحه ودراسته فِي الفقه.

     الوجه الثَّانِي: هو استصحاب عدم الإتيان بالواجب والفريضة داخل الوقت، وذلك بناءً عَلَىٰ مبنى من يرىٰ أن موضوع القضاء هو >عدم الإتيان بالفريضة< لا عنوان >الفوات< الوجودي والَّذِي لَيْسَ له حالة سابقة،و قد تقدم أن بعض الفقهاء قد اتخذ >الفوات< عُنْوَاناً مشيراً إلى عنوان >عدم الإتيان< و أن الموضوعَ عَدَمِيٌّ، ففي هذه الحالة يقال بجريان استصحاب عدم الإتيان بالفريضة داخل الوقت؛ لأَنَّ الْمُكَلَّف يشك فِي أَنَّهُ هل امتثل الفريضةَ أم لا؟ لأَنَّهُ يحتمل أن يكون الطَّرف الآخر (الَّذِي لم يمتثله) فريضةً، فيستصحب أَنَّهُ لم يأت بها. وهذا الوجه يصح عند من يرىٰ موضوعَ وجوب القضاء عَدَمِيّاً.

     وقد يورد عَلَىٰ هذا الوجه أَنَّ موضوع القضاء لَيْسَ عبارة عن عدم الإتيان بالفريضة والواجب بما هو واجب، بل عدم الإتيان بواقع عنوان الفريضة الَّذِي كان وَاجِباً، ومعلوم تَحَقُّق عنوان >صلاة الظهر< كما أن عنوان >الجمعة< معلوم العدم (وكذلك الأمر فِي مثال القصر والتمام).

إذن، لَيْسَ الشَّكّ فِي عنوان واقع الفريضة، بل نقطع بالإتيان بأحدهما ونقطع بعدم الإتيان بالآخر، فيكون استصحاب عدم الاتيان بذاك العنوان من استصحاب الفرد الْمُرَدَّد الَّذِي لا يصح جريانه؛ لأَنَّهُ لا يوجد فيه شك، وَبِالتَّالِي لا يصح جريان استصحاب عدم الإتيان بالفريضة حتَّى بناءً عَلَىٰ مبنى من يتخذ موضوع القضاء عَدَمِيّاً.

     الوجه الثَّالِث: تكوين العلم الإجمالي التدريجي؛ لأَنَّ الْمُكَلَّف قبل الإتيان بالعمل حينما حصل لديه علم إجمالي ولم يكن قد امتثل أي طرفٍ من الطرفين بعدُ، كان لديه علمان إجماليان:

أحدهما علم إجمالي دفعي الَّذِي يفيد أن الواجب عليه داخل الوقت إما القصر وَإِمَّا التمام.

والآخر علم إجمالي تدريجي يَدُلّ عَلَىٰ أَنَّهُ إما يجب عليه التمام الآن أداءً أو إذا لا يأت بالقصر فِي داخل الوقت فَسَوْفَ يجب عليه قضاء القصر، أي: هناك علم إجمالي آخر مفاده وجوب الطَّرف الآخر الَّذِي يريد امتثاله الآن، أو أن الطَّرف الآخر الَّذِي لا يريد أن يمتثله الآن سوف يصبح وَاجِباً عليه خارج الوقت. وهذا العلم الإجمالي التدريجي مُنَجَّز كالعلم الإجمالي الدفعي. وإذا امتثل طرفاً يجب عليه أن يأتي بالطرف الآخر أَيْضاً فِي الوقت الاستقبالي، ولا يتحول الثَّانِي إلى الشَّكّ البدوي؛ لأَنَّ طرف العلم الإجمالي كان تدريجياً منذ البداية وبات مُنَجَّزاً، من أول الأمر فيجب الإتيان به فيما بعد.

     والجواب عن هذا الوجه واضح أَيْضاً؛ لأَنَّ هذا العلم الإجمالي التدريجي إذا كان مُطْلَقاً وعَلَىٰ كُلّ تقدير لكان مُنَجَّزاً، ولكن وجوب القضاء فِي المقام كان متوقفاً عَلَىٰ أن لا يأت الْمُكَلَّف بالصلاة الثَّانية داخل الوقت ويعلم أَنَّهُ لن يأت بها، كما إذا كان يريد منذ البداية أن يترك طرفاً مُعَيَّناً، ففي هذه الفرضية يحصل لديه علم إجمالي تدريجي، خِلاَفاً لمن لم يقصد ذلك منذ البداية كما هو الغالب فهو لا يحصل لديه هذا العلم الإجمالي التدريجي؛ لأَنه لم يكن محرَزاً منذ البداية تحقق أحد الطرفين معيناً، فلا يحصل العلم الإجمالي التدريجي، فهذا الوجه غير تَامّ فِي جميع الفروض.

     الوجه الرَّابِع: مبني عَلَىٰ القول بأن القضاء بالأمر الأَوَّل أو القول بتعدد المطلوب، وهذا معناه أن القضاء يرجع بروحه إلى الأمر الأَوَّل، فلو تَمَّ هذا المبنى فَسَوْفَ يصبح القضاء وَاجِباً هنا؛ لأَنَّ القضاء فِي واقعه أداء وليس بقضاء، وكان يعلم من الأَوَّل أن مطلوب المولى إما هو القصر وَإِمَّا التمام وأن الإتيان بالعمل داخل الوقت هو المطلوب الثَّانِي للمولى، والوقتُ لَيْسَ قيداً للمطلوب الأَوَّل. إذن،يكون فعل القصر خارج الوقت هو الطَّرف الآخر للعلم الإجمالي الدفعيفيجب أن يأتي به؛ لأَنَّ الإتيان بكلا الطرفين واجب عقلاً.

     ولكن هذا المبنى غير تَامّ فإنه لا دليل عَلَىٰ تَعَدّد المطلوب، بل يخالفه ظاهر الروايات وبعض القواعد كقاعدة الحيلولة الَّتِي فصّلت بين الشَّكّ داخل الوقت وخارج الوقت.

     الوجه الخامس: نشوء علم إجمالي تدريجي آخر فِي مثل الواجبات التكرارية كصلاة الجمعة والظهر،كما إذا أتى الْمُكَلَّفُ بصلاة الجمعة داخل الوقت مِنْ دُونِ أن يصلي الظهر منه، ويتكرر هذا التكليف له فِي كُلّ يوم جمعةٍ، فيحصل هنا علم إجمالي آخر بأنه إذا كانت صلاة الظهر هي الواجبة فيجب أن يقضيها الْمُكَلَّف، وإذا كان الواجب هو صلاة الجمعة فيجب عليه أن يأت بها فِي يوم الجمعة المقبل، وهذا علم إجمالي تدريجي بين متباينين وهو مُنَجّز أَيْضاً؛ ذلك لأَنَّنا نقطع بمجيء يوم الجمعة المقبل.و افترضنا أَنَّهُ يعلم بعدم السفر فِي ذاك اليوم أَيْضاً و العلم الإجمالي التدريجي مُنَجَّز كذلك، بل إذا لم يأت بقضاء الظهر من يوم الجمعة الماضي فَسَوْفَ يتشّكل لديه علم إجمالي دفعي بوجوب قضاء صلاة الظهر من يوم الجمعة الماضي أو صلاة الجمعة الحالية.

وكذلك الأمر فِي مثال العلم الإجمالي بين القصر والتمام حيث أن الْمُكَلَّف إذا علم بحدوث كثرة السفر لديه لأجل السياحة يحصل لديه علم إجمالي تدريجي.

هذه وجوه خمسة لإثبات وجوب القضاء فِي الفرض الثَّانِي من الفروض الثَّلاَثة، أي: لِمَنْ حصل تبدّل حكمه الظَّاهِرِيّ إلى علم إجمالي قبل الإتيان بالعمل فأوجب عليه الطرفين عَقْلاً، ولٰكِنَّهُ فِي مقام الْعَمَل لم يأت إلا بطرف واحد إلى أن انقضى الوقتُ.

     الفرض الثالِث: أَنْ يَكُونُ الحكم الظَّاهِرِيّ ونشوء العلم الإجمالي بين المتباينين بعد الوقت مِنْ دُونِ أَنْ يَكُونَ لديه علم إجمالي مُنَجَّز داخل الوقت وَإِنَّمَا الموجود عنده هو الحكم الظَّاهِرِيّ الأَوَّل الَّذِي امتثله.

     أَمَّا الوجوه الخمسة فلا يجري شيء منها فِي هذا الفرض:

     أَمَّا الوجه الأَوَّل فلا يأتي فِي هذا الفرض وذلك لأنَّ الطَّرف الَّذِي تركه الْمُكَلَّف كان داخل الوقت ولم يكن مُنَجّزاً عليه لا شَرْعاً ولا عَقْلاً، كما أن الشَّكّ حصل لديه بعد انقضاء الوقت، فلا تشمله رواية زرارة وأمثالها.

     وَأَمَّا الوجه الثَّانِي فكان يجري فِي المقام لولا ورود إشكال الفرد الْمُرَدَّد عليه؛ ذلك لتمامية استصحاب عدم الإتيان بالفريضة داخل الوقت فِي هذا الفرض أَيْضاً؛ لأَنَّ الْمُكَلَّف يحتمل أن ما جاء به لم يكن فريضةً.

     وَأَمَّا الوجه الثَّالِث (وهو جريان العلم الإجمالي التدريجي من البداية بين أداء طرفٍ وبين قضاء طرف آخر إن لم يأت به داخل الوقت) فلا يَتُِمّ فِي هذا الفرض؛ لأَنَّ هذا العلم الإجمالي إِنَّمَا يحصل هنا بعد أن خرج الوقت وسقط الطَّرف الآخر الَّذِي هو تكليف أدائي، فلا يكون مُنَجّزاً.

     وَأَمَّا الوجه الرَّابِع فهو غير تَامّ فِي هذا الفرض أَيْضاً؛ ذَلِكَ لأَنَّهُ حتَّى لو كان القضاء بالأمر الأَوَّل وكان الشَّكّ فِي القضاء كَالشَّكِّ فِي الأداء، لكن لا يتكوّن العلم الإجمالي الدفعي المنجز؛ لأَنَّهُ نشأ بعد الْعَمَل بطرفٍ واحدٍ وسقوط التكليف فيه فيكون كالفرض الأَوَّل من الفروض الثَّلاَثة الَّذِي لا يكون العلم الإجمالي فيها مُنَجَّزاً بعد الإتيان بأحد الطرفين.

     وَأَمَّا الوجه الخامس: فيتم فِي هذا الفرض؛ لأَنَّ العلم الإجمالي التدريجي أو الدفعي مرتبط بالتكاليف الَّتِي ما أتى بها الْمُكَلَّف بعدُ، إذن يكون مُنَجّزاً.

إذن، لو تَمَّ الوجه الثَّانِي والوجه الخامس من تلك الوجوه فَسَوْفَ يَتُِمّان فِي هذا الفرض أَيْضاً، ومن هنا قلنا إن القضاء يُنفى فِي الفرض الثَّالِث بطريق أولى وإن القول بالقضاء فِي الفرض الثَّانِي أَيْضاً بطريق أولى لتمامية الوجوه الثَّلاَثة الأخرى لإثبات وجوب القضاء فيه، وَالَّتِي لا تَتُِمّ فِي الفرض الثَّالِث، كما يَتُِمّ الوجهُ الخامس (وهو العلم الإجمالي التدريجي الثَّانِي) فِي الفرض الأَوَّل (أي: فِي تبدل الحكم الظَّاهِرِيّ داخل الوقت بعد الانتهاء من الْعَمَل) فحسب ويقتضي الإعادةَ داخل الوقت كما تقدم.

ويجدر بنا الإشارة هنا إلى أن الْمُكَلَّف لو لم يحصل لديه العلم الإجمالي التدريجي المذكور فِي هذا الفرض (كمثال السفر) لا يجب عليه الإعادةُ داخل الوقت (فِي المثال: لا يجب عليه فِي الوقت أن يُعيد الصَّلاَة الَّتِي لم يصلها قَصْراً)؛ ؛ لأَنَّهُ من جانب حصل لديه العلم الإجمالي الدفعي بعد الْعَمَل بأحد الطرفين فلا يكون مُنَجّزاً، ومن جانب آخر لم يكن العلمُ الإجمالي التدريجي حاصلاً لديه لعدم العلم بكثرة السفر، ولكن إن صادفته كثرةُ السفر السياحي فَسَوْفَ يحصل لديه علم إجمالي دفعي بوجوب قضاء الصَّلاَة قَصْراً بِالنِّسْبَةِ إلى سفره السابق أو بوجوب أداء الصَّلاَة تماماً فِي هذا السفر السياحي، وهذا بدوره يُعَدُّ علماً إجمالياً مُنَجَّزاً يُنجِّزُ قضاء صلاة السفر السابق أيضاً.

والواقع أن فِي هذه الحالة ينفى وجوب أدائها فِي الوقت ويُثبت وجوب قضائه خارج الوقت، وهذه المفارقة تقتضيها الأُصُول العمليةُ بأن لا تكون إعادة فريضة مشكوكة داخل الوقت واجبةً بينما يجب قضاؤها فِي خارج الوقت ولا ضير في الالتزام بذلك.

 


[1] - العاملي.، وسائل الشيعة: ج4، ص283

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo