< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

35/01/30

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: صلاة المسافر

الشرط الرابع: أن لا يكون من قصده في أوّل السير، أو في أثنائه إقامة عشرة أيام قبل بلوغ الثمانية وأن لا يكون من قصده المرور على وطنه كذلك، والا أتم، لأن الإقامة قاطعة لحكم السفر، والوصول الى الوطن قاطع لنفسه، فلو كان من قصده ذلك من حين الشروع أو بعده أو لم يكن قاصدا للمسافة، وكذا يتم لو كان متردداً في نية الإقامة، أو المرور على الوطن قبل بلوغ الثمانية .
نعم لو لم يكن ذلك في قصده، ولا متردداً فيه، إلا أنه يحتمل عروض مقتضي لذلك في الاثناء، لم يناف عزمه على المسافة، فيقصر . نظير ما إذا كان على المسافة إلا أنه لو عر ض في الأثناء مانع - من لص أو عدّو أو مرض أو نحو ذلك – يرجع، ويحتمل عروض ذلك، فإنه لا يضر بعزمه وقصده .

الشرط الرابع : إذا قلنا بأن هذا الشرط ناظر الى ابتداء قصد المسافة، فإننا نقول من الأساس - وقبل الاستدلال بما سيأتي مما استدل به الفقهاء (رض) - كيف يمكن الاجتماع بين قصد السفر وقصد الإقامة، أو المرور على الوطن، إذ إنهما متباينان عرفاً، ولا أقل من الشك في حصول قصد المسافة الشرعية، وكيف تشمله أدلة القصر مع عدم احراز الموضوع وهو قصد المسافة، ولكن مع هذا استدلوا على ما في المتن،
بالاجماع تارة،
وباصالة التمام ثانيا
وبكل من صحيح زرارة (ره) محمد بن علي بن الحسين باسنادة عن حماد (بن عيسى) عن حريز (بن عبد الله) عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: من قدم قبل التروية بعشرة ايام وجب عليه اتمام الصلاة وهو بمنزلة أهل مكة، فإذا خرج الى مني وجب عليه التقصير، فإذا زاد البيت أثم الصلاة، وعليه اتمام الصلاة اذا رجع الى منى حتى ينفر[1] صحيحة السند.
وايضاً بصحيح علي بن جعفر عن اخيه عليه السلام،
(محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن العمركي، عن علي بن جعفر، عن أبي الحسن ( عليه السلام )، قال : سألته عن الرجل يدركه شهر رمضان في السفر فيقيم الايام في المكان، عليه صوم ؟ قال : لا، حتى يجمع على مقام عشرة أيام، وإذا أجمع على مقام عشرة أيام صام وأتم الصلاة .
قال : وسألته عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان وهو مسافر، يقضي إذا أقام في المكان ؟ قال : لا، حتى يجمع على مقام عشرة أيام . [2]
وهي صحيحة السند
. هذا خلاصة الادلة على المطلوب.
واستشكل السيد الحكيم في مستمسكه على الاجماع : بعدم حجية ما لم يوجب العلم بالحكم . وفيه : انه يكفي حصول الاطمئنان العرفي وهو حاصل بل اعتبروا ان هذا الشرط هو من المتسالم عليه وقالوا كلمة واحدة بان كل من اراد السفر الشرعي واراد ان يقيم عشرة ايام او يمر بوطنه فإنه يتم وأن عليه ان ينوي من جديد عند سفره عن وطنه أو محل اقامته، فإن لم يكن الباقي مسافة ولو مع العود فعليه التمام.
واستشكل ايضا على اصالة التمام : بأنه محكوم لعموم وجوب التقصير على المسافر.
وفيه : ان التمسك بأدلة القصر في المقام من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، اذ ليس المراد السفر العرفي بل الشرعي وهو مشكوك.
وأما ما يمكن ان يستشكل على صحيحة زرارة من جهة المتن بعد التسليم في اعتبار الرواية من جهة السندة - بأن ذيل الرواية «فاذا زار البيت»... مما قائل له فتسقط عن الاعتبار من هذه الجهة.
ونقول بان ديدن الفقهاء قديماً وحديثاً على جواز التفكيك في اجزاء الخبر الواحد ببعضه بالاخذ وطرح البعض الآخر من حيث الجحية.
ويكفينا في المقام للدلالة على المطلوب الاخذ بصدر الرواية دون ذيلها والله العالم وخلاصة الكلام كما اسلفنا ان كل من يقيم عشرة ايام فانه ينقطع عن عنوان كونه مسافراً موضوعاً وليس حكماً فقط كما اشار اليه السيد الماتن (قده) وذهب اليه السيد الخوئي (رض) وهكذا الحال فيمن يمر على وطنه قبل بلوغ الثمانية فراسخ فانه يتم وهو قاطع للسفر اجماعاً وهكذا الحال في بقية ما ذكره الماتن في بقية المسألة من كونه مترددا في نية الاقامة عشرة ايام في الطريق او يحتمل المرور على الوطن قبل بلوغ المسافة فانه كفيل بانهدام الشرط الثاني (قصد قطع المسافة) ويعلم من خلال هذا بقية الكلام في المسألة المذكورة.

مسألة 25: لو كان حين الشروع في السفر، أو في أثنائه قاصداً للإقامة، أو المرور على الوطن قبل بلوغ الثمانية، لكن عدل بعد ذلك عن قصده، أو كان متردداً في ذلك، وعدل عن ترديده الى الجزم بعد الامرين، فإن كان ما بقي مسافة في نفسه، أو مع التلفيق بضم الإياب قصّر، وإلا فلا. فلو كان ما بقي بعد العدول الى المقصد أربع فراسخ، وكان عازماً على العود ولو لغير يومه قصّر في الذهاب والمقصد والاياب، بل وكذا لو كان اقل من أربعة، بل ولو كان فرسخاً فكذلك على الأقوى من وجوب القصر في كل تلفيق من الذهاب والاياب، وعدم اعتبار كون الذهاب أربعة أو أزيد، كما مر.

25 - هذه المسألة برّمتها متكررة وقد تقدم الكلام في مضمونها مع ادلتها ويأتي بالمسألة اللاحقة (26) جزء منها، ولكن على كل حال لا داعي أبداً (على الأقل) تكرار قوله في السطر الأول منها «أو في أثنائه» وذلك لمخالفة المصنف (رض) نفسه في رأيه هنا حيث جزم وأفتى بالتقصير واستشكل في المسألة اللاحقة ودعا الى الاحتياط كما مر في الشرط الثالث.
وعلى أي حال، نعيد باختصار: لو كان حين الشروع في السفر قاصداًللاقامة او المرور على الوطن، او يحتمل ذلك قبل بلوغ الثمانية، لكن عدل بعد ذلك عن قصده وعزم على ترك الأمرين (عدم المرور على الوطن وعدم الاقامة عشرة) أيام قبل بلوغ الثمانية، فإن كان ما بقي - بعد العزم والجزم - مسافة ولو ملفقة (ذهاباً وإياباً) فإن عليه ان يقصّر، لأنه عازم على قطع المسافة الشرعية، أي ان شروط التقصير تامة بوضوح .
واما ان لم يكن ما بقي - بعد العزم والجزم- مسافة شرعية، فإن عليه ان يتم صلاته، لأن قصده السفر وعزمه عليه بدأ من الآن، ما لا تتحقق شرائط السفر، فإنه لم يقصر المسافة بعد هذا القصد وقد اسلفنا بحسب ما اخترنا من كفاية التلفيق بشرط أن لا يقل كل من الذهاب والاياب عن الاربعة.

مسألة 26: لو لم يكن من نيته في أول السفر الاقامة او المرور على الوطن، وقطع مقداراً من المسافة، ثم بدا له ذلك قبل بلوغ الثمانية، ثم عدل عما بدا له وعزم على عزم الأمرين، فهل يضم ما مضى الى ما بقي اذا لم يكن ما بقي بعد العدول عما بدا له مسافة؟ يقصر اذا كان المجموع مسافة، ولو بعد اسقاط ما تخلل بين العزم الاول والعزم الثاني اذا كان قطع بين العزمين شيئاً - اشكال خصوصا في صورة التخلل، فلا يترك الاحتياط بالجمع، نظير ما مرّ في الشرط الثالث.

26 - ألفتنا النظر الى كون المسألة متكررة، مع الاختلاف الوارد في رأيه (قده) في كل من المسألتين وقبل الدخول في الشرط الخامس، لا بأس بأن نذكر بعض الفروع في المقام ومنها:
1 - المراد من المرور على الوطن هو الوصول الى داخل حد الترخص لا خارجه، والا فهو باقٍ على سفره نعم لايشتراط الدخول الى حارته فضلا عن داره وعتبة بيته كما ذكره البعض وهو مما لا شاهد له . وهنا فالمرور على الوطن من القواطع للسفر مطلقاً ماشياً، راكباً، او بالطائرة .
2 - ان ما نعنيه من القصر في المرور على الوطن او قصد المرور هو ما تقدم فيما ذهبنا اليه من أن المراد من القصد هو مطلق العلم بالشيء وهنا العلم . بهما وليس المراد من القصد خصوص الاصطلاحي منه . وبذلك ندخل المكره والمجبر في عموم الحكم .
3 - لو كان من قصده المرور على الوطن، فأخطأ الطريق أو لأي سبب آخر لم يمر به وجب التمام وذلك لعدم تحقق قصد المسافة منه في المقدار الذي يكون بين مبدأ سيره وبلده، واما ان كانت المتبقية مسافة ولو تلفيقاً فإنه يقصر، والا فلا والحمد لله رب العالمين .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo