< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

35/03/05

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: صلاة المسافر
الشرط الخامس:
(أن لا يكون السفر حراماً، وإلا لم يقصِّر، سواء كان نفسه حراماً، كالفرار من الزحف، وإباق العبد، وسفر الزوجة بـ(دون) إذن الزوج في غير الواجب، وسفر الولد مع نهي الوالدين في غير الواجب، وكما اذا كان السفر مضراً، وكما اذا نذر عدم السفر مع رجحان تركه ونحو ذلك، أو (أم) كان غايته مجرماً، كما اذا سافر لقتل نفسه محترمة، او للسرقة، أو للزنا، أو لاعانة ظالم، أو لأخذ مال الناس ظلماً ونحو ذلك، وزما اذا لم يكن لأجل المعصية، لكن تتفق أثنائه، مثل الغيبة، وشرب الخمر، والزنا، ونحو ذلك مما ليس غاية للسفر، فلا يوجب التمام، بل يجب معه القصر والإفطار).
شرط (5): في المسألة قضيتان:
الأولى: أن يكون السفر نفسه حراماً.
والثانية: أن يكون غايته محرّماً وأمثلة الأولى، كالفرار من الزحف، واباق العبد...، والثانية كالسفر لقتل نفس محترمة، أو للسرقة والزنا...، وهناك قضية اخرى ذكرها الماتن (قده) وهي ليست دخيلة في عنوان السفر لا بنفسه ولا لغايته، بل تقع المعصية اتفاقاً في أثناء السفر كما لو اتفق وشرب الخمر في اثناء سفره أو استغاب شخصاً وغير ذلك، فهذه مما لا خلاف في شمول ادلة الترخيص لها من أحد، وهي موافقة لمقتضى القواعد، أما في القضيتين الأوليتين فلم يُفرِّق السيد الماتن (قده) من جهة الحكم لهما وهو وجوب التمام وعدم شمول الترخيص لهما.
وما يُستدل به على الأولى بانها أولاً موضع اجماع واتفاق بين الاعلام، وقد ادعاه اكثر من واحد، كما عن المعتبر، والخلاف، والتذكرة والمنتهى، والذخيرة، ومجمع البرهان، وغيرها. وثانيا هناك عدة روايات منها: صحيح عمّار بن مروان (محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن عمار بن مروان، عن أبي عبدالله ( عليه السلام )، قال : سمعته يقول : من سافر قصر وأفطر إلا أن يكون رجلا سفره إلى صيد أو في معصية الله، أو رسولا لمن يعصي الله، أو فطلب عدو أو شحناء أو سعاية أو ضرر على قوم من المسلمين)[1].
وهذه الرواية صحيحة السند وهي عن عمّا بن مروان اليشكري، وهو ثقة وهو واحد لا أكثر وإن كان وقع البعض في الخلط بينه وبين الكلبي وهو ليس موجوداً توعلى فرض فهما واحد والمتفق بـ(الكلبي) فهو محمد بن مروان وهو مجهول لا يعول عليه.
أما من حيث الدلالة، فتحمل كلمة (في) معصية الله على معناها الظرفي فحسب فتدل على أن السفر ح بنفسه حرام دون تجشم في غير وجه كأن تحتمل ان (في) بمعنى (الى) أو بمعنى السببية، ولو كان كذلك لذك الإمام عليه السلام ذلك وقال الى معصية ولم يقل في معصية. وذلك ي كون في معصية الله معطوفة على قوله (الى صيد) كما نسب الى الشهيد الثاني (ره) وسيأتي بيان ذلك في طي البحث لاحقاً.
ومن الأدلة ايضاً، رواية (موثق) وبإسناده عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير،عبيد بن زرارة،عن عبيد بن زرارة قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) (عن الرجل يخرج إلى الصيد، أيقصر أو يتم ؟ قال : يتم لانه ليس بمسير حق )[2]. (ومثقة بالحسن بن علي بن فضلال عن عبد الله بن بكير...) واما صدر الرواية أحمد بن محمد فالمراد منه بن عيسى لأنه الطريق الى الحسين بن علي بن فضال عند الشيخ الصدوق، وأبي عمرو الكشي وليس بن خالد طريقاً الى ابن فضال.
هذا من جهة السند، أما جهة الدلالة فهي واضحة في دلالتها على أن التمام حكم من لم يكن مسيرُه حق وعلى هذا فتقرأ في مسيرٍ حق بالتنوين ليكون سفر، بنفسه محرماً بخلاف ما لو قرأناها بمسير حق بالكسر ليكون غاية سفره الحرام وهذا ليس كالقراءة الأولى فهي غريبة الاستعمال، ولوأراد الامام )عليه السلام( ذلك لقال «الى مسيرِ حق» حتى تبدل على الغاية.
وتمام الكلام يجري في مرسلة ابن ابي عمير عن مولانا أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: )لا يفطر الرجل في شهر رمضان إلا في سبل حق» بالتنوين ليكون بنفسه حراماً([3]،. والرواية مقبولة عندي ليكون ابن ابي عمر لا يروي الا عن ثقة. ومن الادلة ايضاً خبر ابن بكير: محمد بن يعقوب، عن محمد بن الحسن (الصفار) عن سهل بن زياد، عن علي بن اسباط، عن عبد الله بان بكير، قال: سألت ابا عبد الله (عليه السلام ) (عن الرجل يتصيد اليوم واليومين والثلاثة، أيقصر الصلاة ؟ قال : لا، إلا أن يشيع الرجل أخاه في الدين، فان الصيد مسير باطل لا تقصر الصلاة فيه، وقال : يقصر إذا شيع أخاه )[4]. ولا يضر كونها عن سهل فالاقوى وثاقته عندي وأما دلالة فهي واضحة في وجوب التمام على من كان سفره في باطل كالتصيد للتعليل، وم الادلة ايضاً موثقة سماعة: الشيخ في التهذيب بسنده الصحيح عن محمد بن علي بن محبوب عن أحمد (بن محمد بن عيسى) هن الحسين (بن سعيد)، هعن (أخيه) الحسن عن زرعة (بن محمد الحضرمي) عن سماعة قال:( سألته عن المسافر ـ إلى أن قال ـ ومن سافر قصّر الصلاة وأفطر إلا أن يكون رجلا مشيعا لسلطان جائر أو خرج إلى صيد أو إلى قرية له تكون مسيرة يوم يبيت إلى أهله لا يقصر ولا يفطر) [5].
وهي موثقة بزرعة وسماعة وكل منهما ثقة.
وأما دلالتها فهي واضحة في وجوب التمام على من كان سفره محرماً كتشييع السلطان الجائر. وهكذا هناك العديد من الروايات بهذا المضمون فراجع. وقد أعرضنا عن أكثرها لكونها لا تخلو من اشكال أو خدشة في سندها أو مضمونها.
ولكن ما ذكرناه فيه الكفاية خصوصا مع ضم الاجماع اليه وأما ما نسب الى الشهيد الثاني (ره) فلم يثبت نقله وعلى افتراضه فيكون ما ذهب اليه (ره) هو انه استشكل في ثبوت حكم التمام على من كان سفره محرماً بذاته. وذلك لان رواية عمار بن عمروان بقوله عليه السلام (و في معصية الله) معطوفة على قوله (الى صيد) يكون على ذلك (في) بمعنى (إلى) وعليه فلا يكون السفر بنفسه محرما بل غايته الحرام، إذن كأن الشهيد (ره) يفرِّق بين قوله (الفر المعصية) وبين (السفر الى المعصية) لكون السفر غير المعصية ومن ثم فلا دليل على وجوب التمام على من كان سفره بنفسه محرماً، ويرد عليه اولاً: كما قلنا بعدم ثبوت النسبة اليه (ره).
وثانياً: لو كانت (معصية الله) معطوفة على (الى صيد) لما ذكر الامام كلمة (في) قبل كلمة (معصية) فإنها أوفق الى العطف على ما قبلها، وعلى أي حال فلا وجه لاحتمال كهذا فيه من التجشم والتكلف ما لا يخفى.
بالاضافة الى وجود روايات ونصوص اخرى تدل بوضوح على وجوب التمام على من كان سفره بنفسه محرماً (كالفرار من الزحف) وإباق العبد وغيره منضماً اليه معاقد الاجماع التي تقدمت آنفاً.
هذا كله في القضية الأولى. (لو كان السفر بنفسه محرما).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo