< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

36/01/25

بسم الله الرحمن الرحیم

مسألة (24) : ( اذا تحققت الإقامة وتمت العشرة أولاً، وبدا للمقيم الخروج الى ما دون المسافة، ولو ملفقة، فللمسألة صور : الأولى : أن يكون عازماً على العود الى محل الاقامة واستئناف اقامة عشرة أخرى . وحكمه : وجوب التمام في الذهاب والإياب، ومحل الإقامة الأولى . وكذا اذا كان عازماً على الإقامة في غير محل الإقامة الأولى، مع عدم كون ما بينهما مسافة . الثانية : أن يكون عازماً على عدم العود الى محل الإقامة، وحكم : وجوب القصر إذا كان ما بقي من محل إقامته الى مقصده مسافة، أو كان مجموع ما بقي مع العود الى بلده أو بلد آخر مسافة، ولو كان ما بقي اقل من أربعة، على الأقوى من كفاية التلفيق، ولو كان الذهاب أقل من أربعة .
الثانية: أن يكون عازماً على العود الى الاقامة، من دون قصد اقامة مستأنفة، لكن من حيث ان منْزلٌ من منازله في سفره الجديد، وحكمه : وجوب القصر أيضاً في الذهاب والمقصد ومحل الاقامة .
الرابعة : أن يكون عازماً على العود اليه من حيث أنه محل اقامته، بأن لا يكون حين الخروج معرضاً عنه، بل أراد قضاء حاجة في خارجه والعود اليه ثم انشاء السفر منه ولو بعد يومين، أو يوم، بل أو أقل، والأقوى في هذه الصورة البقاء على التمام في الذهاب، والمقصد، والإياب، ومحل الإقامة ما يُنشئ سفراً . وان كان الاحوط الجمع في الجميع خصوصا في الاياب، ومحل الاقامة .
الخامسة: أن يكون عازما على العود الى محل الاقامة، لكن مع التردد في الاقامة بعد العود وعدمها . وحكمه ايضاً وجوب التمام . والاحوط الجمع، كالصورة الرابعة .
السادسة: أن يكون عازماً على العود، مع الذهول عن الإقامة وعدمها . وحكمه ايضاً : وجوب التمام، والأحوط الجمع كالسابقة .
السابعة : أن يكون متردداً في العود وعدمه، أو ذاهلاً عنه . ولا يترك الاحتياط بالجمع فيه في الذهاب والمقصد والإياب ومحل الإقامة، إذا عاد اليه الى أن يعزم على الإقامة، أو ينشئ السفر . ولا فرق في الصور التي قلنا فيها بوجوب التمام بين أن يرجع الى محل الإقامة في يومه، أو ليلته، أو بعد أيام .
هذا كله اذا بدا له الخرج الى ما دون المسافة، بعد العشرة أو في أثنائها، بعد تحقق الإقامة، واما اذا كان من عزمه الخروج في حال نية الإقامة، فقد مر أنه ان كان من قصده الخروج والعود مما قريب، وفي ذلك اليوم من غير ان يبيت خارجا عن محل الاقامة، فلا يضر بقصد اقامته، ويتحقق معه، فيكون حاله بعد ذلك حال من بدا له . وأما ان كان من قصده الخروج الى ما دون المسافة في ابتداد نية، مع البيتوتة هناك ليلة أو أيد، فيشكل معه تحقق الاقامة، والاحوط الجمع من الاوّل الى الآخر . الا اذا نوى الاقامة دون القصد المذكور جديداً، أو يخرج مسافراً )[1] .
- نرتب الكلام في هذه المسألة بحسب الصور التي ذكرها الماتن (قده) بالتالي:

- أما الصورة الأولى : فهي مورد إتفاق ولا خلاف فيها كما ذكره الشيخ المفيد (ره) في مسائله الغرية، والشهيد الثاني (ره) في كتابيه، روض الجنان، والمقاصد العلية، وذلك لكونه لم يتحقق منه السفر الشرعي وهو غير قاصد له، وقد تقدم منّا بان المقيم يأخذ حكم الحاضر كما ان حاضر موضوعا كذلك . وهو بمنزلة اهل البلد لما تقدم من صحيحة زرارة عن مولانا أبي جعفر (عليه السلام) : ( وبإسناده عن حماد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : من قدم قبل التروية بعشرة أيام وجب عليه إتمام الصلاة وهو بمنزلة أهل مكة، فاذا خرج إلى منى وجب عليه التقصير، فاذا زار البيت أتم الصلاة، وعليه إتمام الصلاة، اذا رجع إلى منى حتى ينفر .)[2] فإذا ما صلى رباعية تامة فلا يقصر بعد ذلك حتى يسافر وهذا موقع اتفاق الفقهاء .
وهكذا الكلام فيما لو كان عازماً على الإقامة في غير محل الإقامة الأولى مع عدم كون ما بينهما مسافة .

- أما الصورة الثانية : في مفروض المسألة أن المسافة من محل اقامته الى مقصوده ولو بالتلفيق أو الى محل اقامته الثانية ان كانت مسافة شرعية يقصِّر وإلا فلا . لانه قاصد لقطع المسافة ومع تحقق سائر الشرائط للتقصير فلا محالة أنه تشمله أدلة وجوب القصر، وهذا موضع اتفاق عندهم . نعم نقدم منا ان المعتبر في التلفيق أن لا يكون الذهاب أقل من أربعة فراسخ، والمراد بالتلفيق هنا، الذهاب والعود الى وطنه وبلد آخر، لا العود الى محل اقامته السابقة، لفرض انه لا يعود اليها كما في مفروض الحال في عدم نية للرجوع اليها .

- اما الصورة الثالثة : فهو ما ذهب اليه الشيخ وابو الصلاح الحلبي، والقاضي ابن البراج الطرابلسي الشامي من طلاب الشيخ والسيد المرتضى (ره) واختاره العلامة (ره) في كتبه، ونسبه الشهيد (ره) الى المتأخرين، طبقاً الى مكان آخر أو الى وطنه، ثم في حال رجوعه الى البلد الآخر ومرّ به ثانية وبقيه فيه مدة قصيرة، فلا يصلي تماماً فيه، بناء على القول بمطلق التلفيق، فانه يقصر في الذهاب والاياب ومحل الاقامة، اذا قصد السفر من حين خروجه من بلد الإقامة . ولكن على ما اخترناه من لزوم ان يكون كل من الذهاب والاياب أربعة فراسخ على الاقل، ان يبقى في الذهاب والمقصد على التمام لكون مسافة الذهاب الى المقصد اقل من اربعة فراسخ وهذا بحسب الافتراض، لم يصدق عليه انه مسافر بعد عدم سفره من محل اقامته المسافة الشرعية فلما يقصر في الذهاب وفي المقصد وذهابه بمقصده الثاني ليس جزءاً من سفره الى وطنيه فلما نحسبه شروعا في السفر؟ بل الشروع في السفر يكون من حين تركه لمقصده الثاني ورجوعه الى وطنه. نعم في الاياب يقصر لأنه خرج من بلد الاقامة وتلبس بالسفر فتشمله صحيحة أبي ولاد أضاف الى التمسك باطلاق أدلة التقصير في السفر عنه الشك .
هذا كله في ما لو كان قد اتى رباعية تامة ولم يقم عشرة ايام بخلاف ما لو لكن قد صلى رباعية تامة فانه يرجع الى التقصير في بلد الاقامة والذهاب والمقصود والاياب .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo