< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

36/06/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الطلاق.
يشترط في الزوج المطلق البلوغ على الأحوط والعقل.[1]

قوله ( قده ) : ( .... والعقل )
لا ينبغي الاشكال في اشتراط العقل في المقام ولهذا ادعي الاجماع عليه كما ورد في جواهر الشيخ ( قده )، وذلك لكونه من الشروط العامة للتكاليف وبها تتم الاثار المترتبة على الفعل والقول، والادلة العامة عليه كثره ومنها : ( حديث رفع القلم ) سواءً قلنا بانها رفع المؤاخذة والعقوبة فحسب لعدم اهليته، ام قلنا بان الموضوع اعم فقد استدل بعدة روايات منها :

( محمد بن يعقوب، عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار وعن أبي العباس الرزاز، عن أيوب بن نوح، وعن حميد بن زياد، عن ابن سماعة وعن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن صفوان، عن أبي خالد القماط قال: قلت لا عبد الله عليه السلام: رجل يعرف رأيه مرة وينكره أخرى، يجوز طلاق وليه عليه؟ قال: ما له هو لا يطلق؟ قلت: لا يعرف حد الطلاق ولا يؤمن عليه إن طلق اليوم أن يقول غدا: لم أطلق، قال: ما أراه إلا بمنزلة الامام يعني الولي ورواه الصدوق بإسناده، عن صفوان بن يحيى مثله.)[2]

( وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، وبكير، ومحمد بن مسلم، وبريد، وفضيل بن يسار، وإسماعيل الأزرق، ومعمر بن يحيى، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام: أن الموله " المدله خ ل " ليس له طلاق ولا عتقه عتق.)[3]

( وعنه، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه أو الصبي أو مبرسم أو مجنون أو مكره.
عبد الكريم، عن الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن طلاق المعتوه الذاهب العقل أيجوز طلاقه؟ قال: لا، وعن المرأة إذا كانت كذلك أيجوز بيعها وصدقتها؟
قال: لا. ورواه الشيخ بإسناده عن عبد الكريم بن عمرو، ورواه الصدوق أيضا كذلك.)[4]

( محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن عبد الله الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن طلاق السكران وعتقه، فقال: لا يجوز قال: وسألته عن طلاق المعتوه، قال: وما هو؟ قال: قلت: الأحمق الذاهب العقل قال: لا يجوز، قلت: فالمرأة كذلك يجوز بيعها وشراؤها؟ قال: لا)[5]
( وعن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن طلاق المعتوه الذاهب العقل أيجوز طلاقه؟ قال: لا، وعن المرأة إذا كانت كذلك أيجوز بيعها وصدقتها؟ قال: لا.)[6]

( وعنه، عن محمد بن سهل، عن زكريا بن آدم قال: سألت الرضا عليه السلام عن طلاق السكران والصبي والمعتوه والمغلوب على عقله ومن لم يتزوج بعد فقال: لا يجوز)[7]

والمراد بالمجنون هو من زال عقله زوالاً دائماً لاي سبب كان وهو المطبق، واما لو كان الزوال منقطعاً وادوارياً فربما يسمى بالمعتوه انسجاماً مع تفسير اهل اللغة له حيث انهم يعتبرون بانه ليس فاقداً للعقل بالمرة بل ناقص العقل كما ذكر الفيومي في كتاب المصباح المنير : ( عَتِهَ (عَتَهاً ) مِنْ بَابِ تَعِبَ و ( عَتَاهاً ) بِالْفَتْحِ نَقَصَ عَقْلُهُ مِنْ غَيْرِ جُنُونٍ أَوْ دَهَشٍ)[8].
وربما يطلق على كل من الفاقد له وعلى من نقص عقله كما ذهب اليه صاحب القاموس : ( عته كعني عَتها وعُتها وعُتاهاً بضمها فهو معتوه نقص عقله أو فُقد أو دهش ) [9].
وإذا كان الأمر كذلك يمكن التوفيق بين ما تقدم من الروايات وبين ما رواه أبو بصير عن مولانا أبي عبد الله الصادق ( عليه السلام )
( وباسناده عن حماد، عن " بن خ ل " شعيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن المعتوه أيجوز طلاقه؟ فقال: ما هو؟ قال: فقلت: الأحمق الذاهب العقل، فقال: نعم )[10].

بأن نحملها على ناقص العقل وهو الأحمق أو المجنون الإدواري ( ناقص العقل ) حال إفاقته عن جنونه فيصح منه الطلاق حينئذ .
ولا تصل النوبة الى التعارض فالتساقط والعمل بالترجيح كما ذهب اليه البعض وذلك لما قدمنا من جهة ومن جهة أخرى لإعراض الأصحاب عن العمل بها . ولقيام الإجماع عليه كما تقدم.

قوله ( قده ) : ( والإختيار ).
الإختيار في مقابل الإكراه فضلاً عن الإجبار والإضطرار .
ويدل عليه عدة روايات منها :

( محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن طلاق المكره وعتقه فقال: ليس طلاقه بطلاق ولا عتقه بعتق، فقلت: إني رجل تاجر أمر بالعشار ومعي مال، فقال: غيبه ما استطعت وضعه مواضعه، فقلت: فان حلفني بالطلاق والعتاق، فقال: احلف له، ثم أخذ تمرة فحفر بها من زبد كان قدامه فقال: ما أبالي حلفت لهم بالطلاق والعتاق أو آكلها.)[11]

( وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير أو غيره، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: لو أن رجلا مسلما مر بقوم ليسوا بسلطان فقهروه حتى يتخوف على نفسه أن يعتق أو يطلق ففعل لم يكن عليه شئ.)[12]


( وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن معاوية ابن وهب، عن إسماعيل الجعفي في حديث أنه قال لأبي جعفر عليه السلام: أمر بالعشار فيحلفني بالطلاق والعتاق، قال: احلف له.)[13]


(وعنه، عن أحمد، عن ابن محبوب، عن يحيى بن عبد الله بن الحسن، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: لا يجوز طلاق في استكراه ولا تجوز يمين في قطيعة رحم " إلى أن قال: " وأنما الطلاق ما أريد به الطلاق من غير استكراه ولا إضرار.)[14]
ويمكن الإستدلال عليه أيضاً بحديث الرفع .
ولا بد من تحقق الإكراه الموجب لبطلان ما يترتب عليه من طلاق وعتق وغيره بشروط
مقومة لمعذورية الإكراه تكليفاً ورفعه وضعاً .
منها ( من هذه الشروط المقومة ) : قدرة المكرِه بالكسر على فعل ما توعد به، وعن المكرَه بالفتح عن دفع ذلك عن نفسه ولو بالفرار أو الإستعانة بالغير، وأن ما توعد المكرِه به مضراً بحال المكرَه وبماله وبأهله وأقربائه وإخوانه المؤمنين بحسب الحال ضرراً معتداً به وليس منه الضرر القليل المحتمل غير المؤثر على وضعه وسير حياته .

طلاق المكره :
بقي أنه لو أكره على الطلاق فطلق ناوياً فالاوفق للأدلة عدم صحة الطلاق، فلا يقال بأن الطلاق يقع صحيحاً لأن المناط قصده ونيته كما أختاره العلامة في التحرير والشهيد الثاني في الروضة وفي المسالك قال : بأنه الأصح لحصول اللفظ والقصد ولأن القصد لا إكراه عليه، بل يقال : بأنه لو لم يكره عليه لما طلَّق فالرافع للطلاق هو الإكراه والإجبار ومنشؤه ذلك، وعقد المكره باطل نصاً وإجماعاً،وينسجم ذلك مع ما رواه يحي بن عبد الله بن الحسن المتقدمة.

( عن أحمد، عن ابن محبوب، عن يحيى بن عبد الله بن الحسن، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: لا يجوز طلاق في استكراه ولا تجوز يمين في قطيعة رحم " إلى أن قال: " وأنما الطلاق ما أريد به الطلاق من غير استكراه ولا إضرار.)[15]
والله العالم .

قوله ( قده ) : ( والقصد ) .
لا إشكال فيه وعليه الإجماع كما عن صاحب الجواهر ( قده ) وعليه جملة من النصوص :
منها :
( محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، عن اليسع قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في حديث: ولو أن رجلا طلق على سنة وعلى طهر من غير جماع وأشهد ولم ينو الطلاق لم يكن طلاقه طلاقا.)[16]

( عن أحمد. عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن اليسع، عن أبي عبد الله عليه السلام، وعن عبد الواحد بن المختار، عن أبي جعفر عليه السلام أنهما قالا: لا طلاق إلا لمن أراد الطلاق.)[17]( وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا طلاق إلا ما أريد به الطلاق)[18].

( محمد بن الحسن بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن محمد بن الربيع الأقرع، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا طلاق إلا لمن أراد الطلاق. )[19]

( وعنه، عن أخويه، عن أبيهما، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة عن عبد الواحد بن المختار الأنصاريقال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لاطلاق إلا لمن أراد الطلاق.)[20]

بقي أنه لو إدعى المطلِّق عدم القصد،فللأصحاب قولان : أحدهما بالقبول منه لإخباره عن نيته إذ لا يمكن الإطلاع عليها إلا من قبله،وهذا حسنٌ لو قلنا بأنه هناك إجمال في قوله. وثانيهما : عدم القبول منه،وذلك لأنا أُمرنا بأن نأخذ بظاهر قول العاقل المختار وإلا لأختلت النظم ولسرى ذلك على كافة المعاملات كالبيع وغيره من العقود والإيقاعات،وظاهر كلمات القوم الإتفاق على عدم قبول قوله في عدم القصد فيها،وإختصاص الطلاق بذلك مشكل وعليه فالأقوى عدم قبول قوله في عدم قصده لما قاله .
نعم يمكن عدُ ذلك منه رجوعاً فيما لو كانت في العدة الرجعية وأما في البائن فالمسألة في غاية الإشكال .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo