< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

36/07/15

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الطلاق.

مسألة 8 :لو أوقع الطلاق عن إكراه ثم تعقبه الرضا لم يفد ذلك في صحته وليس كالعقد.[1]

8 - أقول : تقدم في كتاب البيع أنه لو أكره على بيع متاعه مثلاً ثم تعقبه بالرضا فإنه يصح منه ذلك، وهنا لا يصح منه الطلاق إذا أُكره عليه وتعقبه بالرضا وذلك لوجود الفرق بينهما.
ذكر المشهور الى صحة عقد المكرَه إذا تعقبه بالرضا، دون الطلاق، وعليه فرَّقوا بين العقود والإيقاعات في المقام والمسألة محل بحث وكلام. ومن ثم تمسكوا بدليل صحة عقد الفضولي في البيع من جهة أنه لو وقع البيع فضولياً من أحد واجاز ورضي صاحب العين لوقع البيع صحيحاً وقالوا بأن صحة عقد المكرَه بعد تحقق الرضا وإن جاء متأخراً فإنه يصح بطريق أولى، وربما قصدوا بذلك أنه في الفضولي لا يقع القصد حين بيع الفضولي من البائع أصلاً بخلاف المكرَه فإنه يتحقق القصد على المشهور ولو بقصده البيع نتيجة الإكراه.(هذا هو وجه الاولوية )
هذا وقد ذهب المشهور للإستدلال على صحة بيع الفضولي بالإطلاقات من الآيات ﴿ أوفوا بالعقود [2] ﴿ احل الله البيع[3] والروايات (الحسن بن علي بن شعبة في ( تحف العقول ) عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله )، أنه قال في خطبة الوداع : أيها الناس، إنما المؤمنون إخوة، ولا يحل لمؤمن مال أخيه إلا عن طيب نفسٍ منه. )[4].

وقالوا بأنه لو رضي المكرَه بما فعله صح العقد، لأنه حقيقي، فيؤثر أثره، مع إجتماع باقي شرائط البيع وهو طيب النفس، ولا دليل على لزوم إقتران طيب النفس حال العقد، بل يكفي تحققه تقدَّم عليه أو تقارن أو تأخر، واستدلوا بشكل خاص بقضية عروة البارقي في المستدرك . فإن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عندما أعطى عروة ديناراً ليشتري شاة، فإشترى به شاتين، ثم باع بطريقه إحداهما بدينار، ولما أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ). وأخبره بما فعل قال له : ( بارك الله تعالى لك في صفقة يمينك ).[5]

ولكن لا بد من تنقيح المسألة وتحقيق الحال في ما هو مقتضى القاعدة في شأن الفضاله قبل التعرض للنصوص الخاصة في الفضولي.
فهل أن مقتضى القاعدة صحة الفضالة بما هي بحيث يكون تصرف الفضولي صحيحاً في كل شيء وتترتب عليه آثار بيعه عند الإجازه سواءً كان بيعاً أو هبة أم زواجاً، أم طلاقاً، إلا ما خرج بالدليل.
أو أن مقتضاها بطلان الفضالة، والإجازة لا تنفع في المقام إلا ما خرج بالدليل وهذا متوقف على تنقيح حال ما إذا قلنا بأنه تارة نقول بإمكان صدور عقد إنشائي صحيح ممّن لا يملك حق التصرف وأنه لا يختص ذلك بالمالك للعين وحينئذ بيع الفضولي نافذ عند إجازة المالك، وعليه فالرضا من المالك شرط لنفاذ العقد لا لإنشائه.
وطوراً نقول : بأن العقد لا يمكن صدوره إلا من مالك حق التصرف فقط أو الوكيل، وعلى الأول، نحكم بصحة المعاملات التي يجريها الفضولي مطلقاً إلا إذا ثبت بدليل خاص كآية أو رواية أو إجماع على بطلانه في مورد خاص، كما في الطلاق مثلاً، وسيأتي أن العتق يصح فيه.
وعلى الثاني : نحكم ببطلان معاملة الفضولي مطلقاً إلا ما قام عليه الدليل بصحته كما في البيع.
ذهب صاحب الجواهر ( قده ) الى الأول بقوله ( المنسوب الى علمائنا أن عقد الفضولي صحيح، لإندراجه بعد الرضا بالبيع مثلاً، والعقد، والتجارة عن تراض، فيشمله ما دل على الصحة واللزوم من الكتاب والسنه والإجماع ضرورة عدم توقف صدق أسمائها - أسماء البيع والعقد والتجارة - على صدور اللفظ من غير الفضولي، ولا شيء في الأدلة ما يدل على إعتبار سبق الرضا، أو مقارنته )[6].
وهو الأقرب في النظر، فإن خلو العقد عن إذن المالك لا يوجب نفي إسم العقد والبيع عنه، وكما قدمنا قبل قليل فإن الرضا شرطٌ لنفاذ العقد لا لإنشائه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo