< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

37/03/03

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الطلاق.
مسألة (4): المطلقة ثلاثاً إذا نكحت زوجاً آخر وفارقها بموت أو طلاق حلت للزوج الأول وجاز له العقد عليها بعد انقضاء عدتها من الثاني فإذا طلقها ثلاثاً حرمت أيضا حتى تنكح زوجاً آخر وإن كان ذلك الزوج هو الثاني في الثلاثة الأولى، وهكذا تحرم عليه بعد كل طلاق ثالث، وتحل بنكاح الغير بعده وإن طلقت مائة مرة، نعم لو طلقت تسعاً طلاق العدة بالتفسير الذي أشرنا إليه حرمت عليه أبداً، وذلك بأن طلقها ثم راجعها ثم واقعها ثم طلقها في طهر آخر ثم راجعها ثم واقعها ثم طلقها في طهر آخر، فإذا حلت للمطلق بنكاح زوج آخر وعقد عليها ثم طلقها كالثلاثة الأولى ثم حلت بمحلل ثم عقد عليها ثم طلقها ثلاث كالأوليين حرمت عليه أبداً، ويعتبر فيه أمران: أحدهما - تخلل رجعتين، فلا يكفي وقوع عقدين مستأنفين ولا رجعة وعقد مستأنف في البين، الثاني - وقوع الموافقة بعد كل رجعة، فطلاق العدة مركبها من ثلاث طلقات: اثنتان منها رجعية وواحدة بائنة، فإذا وقعت ثلاثة منه حتى كملت تسع طلقات حرمت عليه أبدا، هذا والأحوط الاجتناب عن المطلقة تسعاً مطلقاً وإن لم تكن الجميع طلاق عدة.[1]

تابع مسألة4 - ولو سلمنا بوثاقة بعض ما تقدم من روايات في عموم الحكم للطلاق العدي وغيره، إلا أن ما يمنع من الأخذ بها، الإجماع إن تم.
والعديد من الروايات الصحيحة الصريحة في خصوص إرادة الطلاق العدي، منها ما رواه معلى بن خنيس:
-(وعن حميد بن زياد، عن عبيد الله بن أحمد، عن ابن أبي عمير، عن عبدالله بن المغيرة، عن شعيب الحداد، عن المعلى بن خنيس، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في رجل طلق امرأته، ثمّ لم يراجعها حتى حاضت ثلاث حيض، ثمّ تزوّجها، ثمّ طلقها فتركها حتى حاضت ثلاث حيض، ثمّ تزوجها ثمّ طلقها من غير أن يراجع، ثمّ تركها حتى حاضت ثلاث حيض، قال: له أن يتزوجها أبداً ما لم يراجع ويمس)[2].
ومنها ما رواه رواة إبراهيم بن عبد الرحمان عن مولانا موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد قال: سُئل أبي عليه السلام عمّا حرّم الله عز وجل من الفروج في القرآن الى أن قال: وتزوج الرجل المرأة قد طلقها للعدة تسع تطليقات.
-(محمد بن علي بن الحسين في (الخصال): عن الحسن بن حمزة العلوي، عن محمد بن يزداد، عن عبدالله بن أحمد، عن سهل بن صالح، عن إبراهيم بن عبد الرحمن، عن موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد (عليهم السلام) قال: سئل أبي (عليه السلام) عما حرم الله عزّ وجلّ من الفروج في القرآن وعما حرم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في سنته؟ قال: الذي حرم الله عزّ وجلّ من ذلك أربعة وثلاثون وجها سبعة عشر في القرآن وسبعة عشر في السنة فأما التي في القرآن فالزنا قال الله عزّ وجلّ: (ولا تقربوا الزنا) ونكاح امرأة الاب قال الله عزّ وجلّ: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) و (امهاتكم وبناتكم واخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الاخ وبنات الاخت وامهاتكم اللاتي أرضعنكم واخواتكم من الرضاعة وامهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاّتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الاختين إلا ما قد سلف) والحائض حتى تطهر قال الله عزّ وجلّ: (ولا تقربوهن حتى يطرهن) والنكاح في الاعتكاف قال الله عزّ وجلّ: (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) وأمّا التي في السنّة فالمواقعة في شهر رمضان نهاراً وتزويج الملاعنة بعد اللعان، والتزويج في العدّة، والمواقعة في الاحرام، والمحرم يتزوج أو يزوّج، والمظاهر قبل أن يكفر، وتزويج المشركة، وتزويج الرجل امرأة قد طلقها للعدة تسع تطليقات، وتزويج الامة على الحرّة، وتزويج الذمية على المسلمة، وتزويج المرأة على عمّتها، وتزويج الامة من غير إذن مولاها، وتزويج الامة على من يقدر على تزويج الحرّة، والجارية من السبي قبل القسمة، والجارية المشتركة، والجارية المشتراة قبل أن تستبرئها، والمكاتبة التى قد أدت بعض المكاتبة)[3]
وخلاصة الكلام: أنه يمكن علاج الأمر بأن نقيد إطلاقات الروايات المستفاد منها عموم الحكم ببعض الروايات المتقدمة التي يمكن حملها على خصوص الطلاق العدي، بل يمكن القول بأن القدر المتيقن من هذه الأخبار هو كون المراد من حصول التسع تطليقات خصوص الطلاق العدي.
مع الإستعانة ببركة الإجماع إن تم ورد بعض الروايات الى البعض الآخر.
إلا أن الإحتياط كما ذكر الماتن (قده) مما لا ينبغي تركه لأجل ذهاب البعض الى إطلاقات الروايات المفيدة لعموم الحكم.

مسألة (5): إنما يوجب التحريم الطلقات الثلاث إذا لم تنكح في البين زوجاً آخر، وأما إن تزوجت للغير انهدم حكم ما سبق وتكون كأنها غير مطلقة، ويتوقف التحريم على إيقاع ثلاث طلقات مستأنفة.[4]

مسألة 5 -ما ورد في المتن من إنهدام الحكم مما سبق فيما لو تزوجت المطلقة بعد طلاقها الأول من غيره فمات عنها أو طلقها وإنتهت عدتها فرجعت الى زوجها الأول ثم طلقها ثانية فتزوجت أيضاً من غيره وهكذا فإن ذلك يوجب هدم الطلاق السابق.
وإن ما قلناه سابقاً من تحريمها عليه بعد الطلقات الثلاث حتى تنكح زوجاً غيره، إنما لأجل ما دلت عليه الآية الكريمة والروايات المتقدمة، فيما لو لم تتزوج من غيره بعد كل طلاق.
وأما معه (لو تزوجت للغير إنهدم حكم ما سبق وتكون كأنها غير مطلقة) فيدل عليه
–(محمّد بن يعقوب، عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن محمّد بن زياد، وصفوان، عن رفاعة، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: سألته عن رجل طلق امرأته حتى بانت منه، وانقضت عدتها ثمّ تزوجت زوجاً آخر، فطلّقها أيضاً، ثمّ تزوجت زوجها الاوّل، أيهدم ذلك الطلاق الأوّل؟ قال: نعم)[5].
-(عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن البرقي، عن عبدالله بن المغيرة، عن عمرو بن ثابت، عن عبدالله بن عقيل بن أبي طالب، قال: اختلف رجلان في قضية علي (عليه السلام) وعمر في امرأة طلقها زوجها تطليقة أو اثنتين، فتزوّجها آخر، فطلقها، أو مات عنها، فلما انقضت عدتها تزوجها الأوّل، فقال عمر: هي على ما بقي من الطلاق، وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): سبحان الله يهدم الثلاث، ولا يهدم واحدة)[6]
-(عن البرقي، عن القاسم بن محمّد الجوهري، عن رفاعة بن موسى، قال: قلت لابي عبدالله (عليه السلام): رجل طلق امرأته تطليقة واحدة فتبين منه ثمّ يتزوجها آخر، فيطلقها على السنة فتبين منه، ثمّ يتزوجها الاوّل، على كم هي عنده؟ قال: على غير شيء، ثمّ قال: يا رفاعة! كيف؟ إذا طلقها ثلاثاً، ثمّ تزوّجها ثانية استقبل الطلاق، فإذا طلقها واحدة كانت على اثنتين؟!)[7]
–(وعن فضالة، والقاسم ـ جميعا ـ عن رفاعة، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: سألته عن المطلقة تبين، ثمّ تزوج زوجاً غيره؟ قال: انهدم الطلاق)[8].
_(وعن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن جرير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سأله بعض أصحابنا ـ وأنا حاضر ـ عن رجل طلق امرأته تطليقة واحدة، ثمّ تركها حتى بانت منه، ثمّ تزوجها الزوج الأوّل، قال: فقال: نكاح جديد، وطلاق جديد، وليس التطليقة الأوّلى بشيء، هي عنده على ثلاث تطليقات مستأنفات)[9].
هذا ولكن هناك طائفة من الروايات الصحيحة (لا أقل البعض منها) على خلاف ما تقدم من روايات في الطائفة: الأولى، وتدل على عدم الهدم، منها:
-(عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن حماد عن الحلبي، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل طلق امرأته تطليقة واحدة، ثمّ تركها حتى مضت عدتها، فتزوجت زوجاً غيره ثمّ مات الرجل أو طلقها فراجعها زوجها الأوّل، قال: هي عنده على تطليقتين باقيتين)[10].
–(عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن منصور عن أبي عبدالله (عليه السلام) في امرأة طلقها زوجها واحدة أو اثنتين، ثمّ تركها حتى تمضي عدّتها، فتزوّجها غيره، فيموت أو يطلّقها، فتزوجها الأوّل، قال: هي عنده على ما بقي من الطلاق)[11].
-(عن صفوان، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام): إن علياً (عليه السلام) كان يقول في الرجل يطلق امرأته تطليقة، ثمّ يتزوجها بعد زوج: إنها عنده على ما بقي من طلاقها)[12].
–(أحمد بن محمّد بن عيسى في (نوادره) عن النضر، عن عاصم، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن رجل طلق امرأته تطليقة، ثمّ نكحت بعده رجلاً غيره، ثمّ طلّقها، فنكحت زوجها الأوّل، قال: هي عنده على تطليقة)[13].

هذا وقد ذهب المشهور الى الأخذ بمدلول الطائفة الأولى من الروايات رغم كونها أضعف سنداً من الطائفة الثانية بخلاف الطائفة الثانية فإنه كما عرفت أقوى سنداً من الأولى وفيها الصحيح المعتبر.
أقول: نحن مع المشهور في المقام وذلك لإعراض الأصحاب عن العمل بمدلول الطائفة الأولى، بل لإستقرار المذهب على مدلول الثانية.
وقد ذهب الشيخ (قده) الى كون الطائفة الثانية يحتمل فيها أحد الوجهين:
1 – يمكن حمل الطائفة الثانية إما على كون الزوج الثاني لم يدخل بها أو كان زواجهُ متعة لا دائماً كما سيأتي الدليل على إشتراطه في المسألة القادمة (6) أو حملها على ما لو لم يكن الزوج الثاني بالغاً كما سيأتي في (ن . م) أبواب 7 – 8 – 9 .
-(عن علي بن أحمد، عن عبدالله بن محمّد، قال: قلت له: روي عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الرجل يطلق امرأته على الكتاب والسنّة، فتبين منه بواحدة، وتتزوّج زوجاً غيره، فيموت عنها، أو يطلّقها، فترجع إلى زوجها الأوّل، أنّها تكون عنده على تطليقتين، وواحدة قد مضت، فكتب (عليه السلام): صدقوا)[14].
–(وروى بعضهم: أنها تكون عنده على ثلاث مستقبلات، وأن تلك التي طلقت ليست بشيء؛ لأنها قد تزوجت زوجا غيره، فوقّع (عليه السلام) بخطه: لا)[15].
–(عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن منصور عن أبي عبدالله (عليه السلام) في امرأة طلقها زوجها واحدة أو اثنتين، ثمّ تركها حتى تمضي عدّتها، فتزوّجها غيره، فيموت أو يطلّقها، فتزوجها الأوّل، قال: هي عنده على ما بقي من الطلاق)[16].
2 – أن تكون محمولة على التقية، لما دلت عليه رواية عبد الله بن عقيل بن أبي طالب المتقدمة (ن . م) ب 6 ح 3 .
-(عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن البرقي، عن عبدالله بن المغيرة، عن عمرو بن ثابت، عن عبدالله بن عقيل بن أبي طالب، قال: اختلف رجلان في قضية علي عليه السلام وعمر في امرأة طلقها زوجها تطليقة أو اثنتين، فتزوّجها آخر، فطلقها، أو مات عنها، فلما انقضت عدتها تزوجها الأوّل، فقال عمر: هي على ما بقي من الطلاق، وقال: أمير المؤمنين (عليه السلام): سبحان الله يهدم الثلاث، ولا يهدم واحدة)[17].
وهذا ما أورده صاحب الوسائل (قده) تعليقاً على حديث (10) من ( ن. م ). والله أعلم بحقائق الحال.





BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo