< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

37/03/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الطلاق، فصل في عدة الفراق طلاقاً كان أو غيره.

مسألة (1): لا عدة على من لم يدخل بها ولا على الصغيرة، وهي من لم تكمل التسع وإن دخل بها، ولا على اليائسة سواء بانت في ذلك كله بطلاق أو فسخ أو هبة مدة أو انقضائها[1]

مسألة 1 - لا عدة على طائفة من النساء 1 – غير المدخول بها – 2 – الصغيرة – 3 – اليائسة.

أما الأولى: يدل عليه مضافاً الى الإجماع – قوله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا [2]

والنصوص الشريفة الوارده بشكل مستفيض يهون ضعف البعض منها:

–(محمّد بن يعقوب عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: العدة من الماء) .[3] -(عن أحمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، وعليّ بن رئاب، عن زرارة، عن أحدهما (عليهما السلام) في رجل تزوج امرأة بكراً، ثمّ طلقها قبل أن يدخل بها ثلاث تطليقات، كل شهر تطليقة، قال: بانت منه في التطليقة الأوّلى، واثنتان فضل، وهو خاطب، يتزوَّجها متى شاءت وشاء بمهر جديد، قيل له: فله أن يراجعها، إذا طلقها تطليقة قبل أن تمضي ثلاثة أشهر؟ قال: لا، إنّما كان يكون له أن يراجعها، لو كان دخل بها أولاً، فأما قبل أن يدخل بها فلا رجعة له عليها، قد بانت منه ساعة طلقها) .[4] -(وعن أبي العباس الرزاز، عن أيوب بن نوح، وعن حميد ابن زياد، عن ابن سماعة ـ جميعا ـ عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها تطليقة واحدة، فقد بانت منه وتزوج من ساعتها إن شاءت)[5] .-(وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها، فليس عليها عدة تزوج من ساعتها إن شاءت، وتبينها تطليقة واحدة، وإن كان فرض لها مهرا فنصف ما فرض)[6] .

كلها صحاح سنداً واضحة دلالةً.

وسيأتي في عدة الوفاة أنها مطلقة تشمل غير المدخول بها أيضاً.

أما الثانية: (الصغيرة) يدل عليه -مضافاً الى الإجماع- روايات عديدة وكثيرة منها:

- رواية عبد الرحمان بن الحجاج:

-(عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): ثلاث تتزوجن على كل حال: التي لم تحض، ومثلها لا تحيض، قال: قلت: وما حدها؟ قال: إذا أتى لها أقل من تسع سنين، والتي لم يدخل بها، والتي قد يئست من المحيض، ومثلها لا تحيض، قلت: وما حدها؟ قال: إذا كان لها خمسون سنة)[7] .

البعض ضعفها بسهل إلا ان الامر بسهل سهل والقول بوثاقته هو المختار.

-صحيحة عبد الرحمان بن الحجاج:

-(محمّد بن الحسن بإسناده عن علي بن الحسن، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: ثلاث يتزوجن على كل حال: التي قد يئست من المحيض، ومثلها لا تحيض، قلت: ومتى تكون كذلك؟ قال: إذا بلغت ستّين سنة فقد يئست من المحيض ومثلها لا تحيض، والتي لم تحض ومثلها لا تحيض، قلت: ومتى يكون كذلك؟ قال: ما لم تبلغ تسع سنين، فانّها لا تحيض، ومثلها لا تحيض، والتي لم يدخل بها)[8] .

فالشاهد في الروايتين كون الصغيرة التي لم تبلغ التسع لا عدة عليها وإن كان الخلاف في اليائس فالرواية الأولى تحدها بخمسين عاماً.

والرواية الثانية تحدها بستين، وسيأتي الكلام عن حد اليائس.

وأيضا يدل على عدم العدة على الصغيرة مرسلتي جميل بن دراج:

-(عن علي بن حديد، عن جميل بن دراج، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (عليهما السلام) في الرجل يطلق الصبية التي لم تبلغ، ولا يحمل مثلها، فقال: ليس عليها عدّة، وإن دخل بها)[9] .-(محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (عليهما السلام) في الرجل يطلق الصبية التي لم تبلغ، ولا يحمل مثلها، وقد كان دخل بها، والمرأة التي قد يئست من المحيض، وارتفع حيضها فلا يلد مثلها، قال: ليس عليهما عدّة، وإن دخل بهما)[10] .

ويدل عليه أيضاً رواية حماد بن عثمان:

-(وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن حماد بن عثمّان، (عمن رواه)، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الصبية التي لا يحيض مثلها، والتي قد يئست من المحيض، قال: ليس عليهما عدّة، وإن دخل بهما)[11] .

نعم ورد بعض الروايات تفيد ان للصغيرة عدة مثل:

–(عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن عبدالله بن جبلة، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: عدة التي لم تبلغ الحيض ثلاثة أشهر، والتي قد قعدت من المحيض ثلاثة أشهر)[12] .

-(محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن ابن سنان، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال في الجارية التي لم تدرك الحيض، قال: يطلقها زوجها بالشهور، قيل: فإن طلقها تطليقة، ثمّ مضى شهر، ثمّ حاضت في الشهر الثاني، قال: فقال: إذا حاضت بعد ما طلقها بشهر ألقت ذلك الشهر، واستأنفت العدة بالحيض، فإن مضى لها بعد ما طلقها شهران، ثمّ حاضت في الثالث، تمّت عدتها بالشهور، فاذا مضى لها ثلاثة أشهر فقد بانت منه، وهو خاطب من الخطّاب، وهي ترثه ويرثها ما كانت في العدة)[13] .

-(عن سعد، عن محمّد بن بندار، عن ماجيلويه، عن محمّد بن علي الصيرفي، عن يزيد بن إسحاق شعر، عن هارون بن حمزه الغنوي، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن جارية حدثة طلقت ولم تحض بعد، فمضى لها شهران، ثمّ حاضت، أتعتد بالشهرين؟ قال: نعم، وتكمل عدتها شهرا، فقلت: أتكمل عدتها بحيضة؟ قال: لا، بل بشهر يمضي عدتها على ما يمضي عليها أولها)[14] .

-(وبالإسناد عن عبد الكريم، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: عدة التي لم تحض، والمستحاضة التي لا تطهر ثلاثة أشهر، وعدّة التي تحيض، ويستقيم حيضها ثلاثة قروء، والقروء جمع الدم بين الحيضتين)[15] .

وهذه الروايات، لا يخفى أن البعض منها تحمل على خصوص المسترابة، وهي التي لا تحيض وهي في سن من تحيض، كما نقل الثقة الكليني (ره) عن معاوية بن حكيم في الكافي[16] ، وهذا ما فعله الشيخ (ره) في تهذيبه[17] .

وأما باقي الروايات، وهي قليلة جداً إما أنها ضعيفة سنداً فترد لأجل ذلك وإما أن تحمل على التقية لذهاب العوام الى وجوب العدة فيها وإما أنها تحمل على إستحباب العدة في المقام فراجع وتدبّر.

وأما الثالثة: (ولا على اليائسة) يدل عليه مضافاً للآية الكريمة:

(وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا)[18] .

والواضح من قيد (إن إرتبتم)، الشك في بلوغ المرأة سن اليأس وعدمه، كما لو إنقطع الدم عنها وشككنا في كونه لليأس أو لأي عارض آخر، فما لم نقطع ببلوغها سن اليأس فعدتها ثلاثة أشهر.

وعليه فاليائس قطعاً لا عدة لها والمشكوك في يئسها فعدتها ثلاثة أشهر وفاقاً للصحيح من النصوص التي تقدمت عند كلامنا عن الصغيرة كروايتي عبد الرحمان بن الحجاج وروايتي جميل بن درّاج:

-(عن علي بن حديد، عن جميل بن دراج، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (عليهما السلام) في الرجل يطلق الصبية التي لم تبلغ، ولا يحمل مثلها، فقال: ليس عليها عدّة، وإن دخل بها)[19] .-(محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما (عليهما السلام) في الرجل يطلق الصبية التي لم تبلغ، ولا يحمل مثلها، وقد كان دخل بها، والمرأة التي قد يئست من المحيض، وارتفع حيضها فلا يلد مثلها، قال: ليس عليهما عدّة، وإن دخل بهما)[20] .

وأما الروايات التي يظهر منها خلاف ذلك كخبر أبي بصير المتقدم:

–(عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن عبدالله بن جبلة، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: عدة التي لم تبلغ الحيض ثلاثة أشهر، والتي قد قعدت من المحيض ثلاثة أشهر)[21] .

وغيره من الأخبار كرواية حمزةالغنوي:

-(عن سعد، عن محمّد بن بندار، عن ماجيلويه، عن محمّد بن علي الصيرفي، عن يزيد بن إسحاق شعر، عن هارون بن حمزه الغنوي، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن جارية حدثة طلقت ولم تحض بعد، فمضى لها شهران، ثمّ حاضت، أتعتد بالشهرين؟ قال: نعم، وتكمل عدتها شهرا، فقلت: أتكمل عدتها بحيضة؟ قال: لا، بل بشهر يمضي عدتها على ما يمضي عليها أولها)[22] .

فلا بد من حملها على التقية لموافقتها لمذهب العامة، أو كما قلنا آنفاً تحمل على الإستحباب جمعاً.

بقي: أنه لو أقدمت المرأة على إخرج رحمها رأساً، ولم تبلغ الخمسين أو الستين لموضع الخلاف في بلوغها سن اليأس، فهل عليها العدة، أو، لا؟ لأنه قد يقال أن رحمها يصير كرحم اليائس بل أفسد منه.

الأقوى ثبوت العدة عليها، وذلك لأن لكل إمرأة عدة سوى ما خرج بالدليل الخاص من غير المدخول بها والصغيرة واليائس كما تقدم وما عداهن تثبت لهن العدة.

ولا نقيس اليائس على من أخرجت رحمها رأساً لعدم الولد أو إستعمال أي دواء لإعقام المرأة، أو إفساد نطفة الرجل بالوسائل الحديثة والأدوية العصرية، وما شابه ذلك؛ فإن ذلك من الحكمة وليست هي العلة لثبوت العدة وعدمها ولا يدور الحكم مدار الحكمة. بل ظاهر الأخبار المتقدمة التعبد في ثبوت الإعتداد بالأشهر بمن لا تحيض ومثلها تحيض، وهذا هو الأوفق بالإحتياط مضافاً الى أنه مع الشك في ثبوت العدة وعدمها، فنرجع الى الأصل وهو عموم كا دل من أن (إذا أدخله وجب الغسل والمهر والعدة) فراجع.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo