< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

37/04/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الطلاق، القول في العدد. (أقسام العدد)، القول في عدة الوفاة

مسألة (4): يجب على المرأة في وفاة زوجها الحداد ما دامت في العدة والمراد به ترك الزينة في البدن بمثل التكحيل والتطيب والخضاب وتحمير الوجه والخطاط ونحوها، وفي اللباس بلبس الأحمر والأصفر والحلي ونحوها وبالجملة ترك كل ما يعد زينة تتزين به للزوج وفي الأوقات المناسبة له في العادة كالأعياد والأعراس ونحوهما، ويختلف ذلك بحسب الأشخاص والأزمان والبلاد، فيلاحظ في كل بلد ما هو المعتاد والمتعارف فيه للتزيين نعم لا بأس بتنظيف البدن واللباس، وتسريح الشعر، وتقليم الأظفار، ودخول الحمام، والافتراش بالفراش الفاخر والسكنى في المساكن المزينة، وتزيين أولادها وخدمها[1] ..

مسألة 4- أما ثبوت أصل الحداد للمرأة على زوجها المتوفيَّ عنها، فهو مما لا خلاف فيه إجماعاً عند المسلمين كافة حتى صار من المسلمات عندهم وعليه النصوص الكثيرة الآتيه.

ومعنى الحداد لغة من الحد وهو المنع، وإصطلاحاً إمتناعها عن التزيين.

ومما لا إشكال فيه أيضاً إختلاف مفهوم التزيين بإختلاف الأقوام والعصور والأمصار، فكلما صدق عنوان الزينة لحقه الحكم بحرمته على المرأة المتوفىَّ عنها زوجها، لعدم وجود ضابطة كليه في الشرع عمّا هو من الزينة ممّا ليس منه، وما ذكر من كيفيته بلسان الأدلة الشرعية فإنما هو من باب لحاظه العرفي في زمانه أنه كذلك.

ويدل على وجوبه كل من صحيح الفضلاء عن أبي جعفر (عليه السلام):

-(محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علي ابن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام) في الرجل يموت، وتحته امرأة، وهو غائب، قال: تعتد من يوم يبلغها وفاته)[2] .

وأيضاً معتبرة حسن بن زياد:

-(عن أبي علي الاشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، وعن أبي العباس الرزاز، عن أيوب بن نوح ـ جميعاً ـ عن صفوان، عن ابن مسكان، عن الحسن بن زياد، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال في المرأة إذا بلغها نعي زوجها: تعتد من يوم يبلغها، إنّما تريد أن تحد له)[3] .

وصحيحتي زرارة وصحيحة محمد بن مسلم:

-(محمّد بن يعقوب عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: إن مات عنها ـ يعني: وهو غائب ـ فقامت البينة على موته، فعدّتها من يوم يأتيها الخبر أربعة أشهر وعشراً ؛ لأن عليها أن تحد عليه في الموت أربعة أشهر وعشراً، فتمسك عن الكحل والطيب والاصباغ)[4] .

-(عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن القاسم بن عروة، عن زرارة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: المتوفى عنها زوجها ليس لها أن تطيب، ولا تزيّن حتّى تنقضي عدَّتها أربعة أشهر وعشرة أيام)[5] .-(محمّد بن الحسن بإسناده عن سعد، عن محمّد بن أبي الصهبان، عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبدالله بن بكير، عن محمّد بن مسلم، قال: ليس لاحد أن يحد أكثر من ثلاث، إلاّ المرأة على زوجها حتى تنقضي عدتها)[6] .

وأما ما استثناه الماتن (قده) من تنظيف البدن واللباس وتسريح الشعر ودخول الحمام، والإفتراش بالفراش الفاخر، والسكنى بالمساكن المزيد وتزيين الأولاد والخدم وغيرهم، فإنما لعدم صدق كون ذلك من التزيين المحرّم عليها بعنوان حدادها على زوجها، فلا مانع منه، وللأصل. والله العالم.

 

مسألة (5): الأقوى أن الحداد ليس شرطاً في صحة العدة، بل هو تكليف مستقل في زمانها، فلو تركته عصياناً أو جهلاً أو نسياناً في تمام المدة أو بعضها لم يجب عليها استئنافها وتدارك مقدار ما اعتدت بدونه[7] .

مسألة 5 -الأقرب كما في المتن وذلك لعموم الأدلة الدالة على أن عدة المتوفى عنها زوجها تنقضي بانتهاء المدة المضروبة لها، ولعموم قوله تعالى (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)[8] .

ولأصالة البراءة عن وجوب تدارك العدة فيما لو عصت وتزينت فضلاً عما لو تزينت جهلاً أو نسياناً، بالإضافة الى عدم المنافاة بين فعل المعصية بتزينها في عدة الوفاة وتركها للحداد وبين إنقضاء العدة الواجبة المضروبة لها وجواز التزويج بعد ذلك.

ومنه يعلم عدم الوجه فيما إختاره صاحب الجواهر (ره) ومال إليه بقوله:

(ولكن الإنصاف عدم خلوه عن الوجه، خصوصاً مع ملاحظة الإحتياط وقاعدة وجوب الشيء في الشيء والنصوص المتكثرة التي ستسمع جملة منها في تعليل وجوب الإعتداد عليها عند بلوغ الخبر، بخلاف المطلقة بوجوب الحداد عليها اي في عدتها بخلافها، بل قال أبو جعفر (عليه السلام) في خبر زرارة منها: إن مات – يعني: وهو غائب – فقامت البينة على موته، فعدتها من يأتيها الخبر أربعة أشهر وعشراً، لأن عليها أن تحد عليه في الموت أربعة أشهر وعشراً، فتمسك عن الكحل والطيب والأصباغ. لا أقل من الشك في إنقضاء العدة بدونه، فتأمل جيداً)[9] .

وأيضاً رواية: -(محمّد بن يعقوب عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: إن مات عنها ـ يعني: وهو غائب ـ فقامت البينة على موته، فعدّتها من يوم يأتيها الخبر أربعة أشهر وعشراً ؛ لان عليها أن تحد عليه في الموت أربعة أشهر وعشراً، فتمسك عن الكحل والطيب والاصباغ)[10] .

وفيه: أن الشرطية تحتاج الى إثباتها في الشيء الواجب وغيره ومع عدم الدليل عليه فمقتضى القاعدة عدم الشرطية كما هو واضح.

وعليه فالحداد واجبٌ مستقلٌ لا شرطي كما في المتن منه (قده) والله العالم.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo