< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

37/04/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الطلاق، القول في العدد. (أقسام العدد)، القول في عدة الوفاة

مسألة (8): لا إشكال في أن مبدأ عدة الطلاق من حين وقوعه حاضراً كان الزوج أو غائبا بلغ الزوجة الخير أم لا، فلو طلقها غائباً ولم يبلغها إلا بعد مضي مقدار العدة فقد انقضت عدتها، وليس عليها عدة بعد بلوغ الخبر، ومثل عدة الطلاق عدة الفسخ والانفساخ على الظاهر، وكذا عدة وطء الشبهة وإن كان الأحوط الاعتداد من حين ارتفاع الشبهة بل هذا الاحتياط لا يترك، وأما عدة الوفاة فإن مات الزوج غائباً فهي من حين بلوغ الخبر إليها، ولا يبعد عدم اختصاص الحكم بصورة غيبة الزوج، بل يعم صورة حضوره إن خفى عليها موته لعلة، فتعتد من حين إخبارها بموته.[1]

مسألة 8 - يشير السيد الماتن (قده) في هذه المسألة الى الفرق بين حساب البدء بعدة الطلاق والبدء بعدة الوفاة.

وأعتبر (ره) أن بدء عدة الطلاق من حين وقوعه وهو الحق بلا فرق بين ما لو كان الزوج حاضراً أو غائباً وذلك للإجماع في الأول والشهرة العظيمة التي كادت أن تكون إجماعاً في الثاني.

والنصوص الشرعية عديدة على إثبات المقام منها صحيحة محمد بن مسلم:

-(محمّد بن يعقوب، عن (محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد)، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): إذا طلق الرجل وهو غائب فليشهدعلى ذلك، فإذا مضى ثلاثة أقراء من ذلك اليوم فقد انقضت عدتها)[2] .-(عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: سألته عن الرجل يطلق امرأته وهو غائب عنها، من أي يوم تعتد به؟ فقال: إن قامت لها بيّنة عدل أنها طلقت في يوم معلوم وتيقّنت، فلتعتد من يوم طلّقت، وإن لم تحفظ في أي يوم وفي أيّ شهر، فلتعتدّ من يوم يبلغها)[3] .

-(عبدالله بن جعفر في (قرب الإسناد): عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الرضا (عليه السلام)، قال: سأله صفوان ـ وأنا حاضر ـ عن رجل طلق امرأته وهو غائب فمضت أشهر، فقال: إذا قامت البينة أنه طلقها منذ كذا وكذا، وكانت عدتها قد انقضت، فقد حلت للأزواج، قال: فالمتوفى عنها زوجها، فقال: هذه ليست مثل تلك هذه تعتد من يوم يبلغها الخبر؛ لأنّ عليها أن تحد)[4] .

وما قيل بأن عدة المطلقة في غياب الزوج إنما يكون من حين بلوغها الخبر مردود بأن الموجب للطلاق ليس إلا الطلاق وليس البلوغ لإطلاق الأدلة وعدم وجود ما يوجب التقييد وهذا ما عليه المشهور وسيأتي تفسير الفرق بينها وبين عدة الوفاة التي تبدأ من حين بلوغها الخبر لأن عليها الحداد ولا حداد على المطلقة.

وهكذا الحال بالنسبة الى عدة الفسخ (كما لو فسخ العقد لظهور العيب) وعدة الإنفساخ (كما لو حصل الإرتداد مثلاً ).

وذلك بتنقيح المناط في الجميع، وهو أن عدة المرأة يحصل بسببه وهو زوال حلية الوطىء المحترم ويحصل بوقوعه. سواءً كان طلاقاً أو فسخاً أم إنفساخاً أو حتى الموت، غاية ما في الأمر أن في عدة الوفاة حيث أنها متوقفة عل الحداد فلا بد من العلم بالوفاة لتعتد وتحد، وبذلك نخرج عن ذلك مع قيام الدليل الخاص على أن عدة المتوفى عنها زوجُها من حين بلوغ الخبر وسيأتي، نعم إحتاط السيد الماتن (قده) في مبدأ عدة وطىء الشبهة من حين إرتفاع الشبهة، ولكن الأقوى هو ذلك لأن سبب العدة للموطوءة شبهة إنما يكون من حين إرتفاعها وليس من الشروع في وطىء الشبهة كما واضح.

وأما عدة وفاة الغائب ومن بحكمه فالمشهور شهرة عظيمة بل أدعي عليه الإجماع من أكثر من واحد – على أنها من حين بلوغ الخبر.

وذلك بالإضافة الى الإجماع النصوص الصحيحة الصريحة الكثيرة في المقام وهي:

-(محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علي ابن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام) في الرجل يموت، وتحته امرأة، وهو غائب، قال: تعتد من يوم يبلغها وفاته)[5] . مصححة

-(عن أحمد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: التي يموت عنها زوجها، وهو غائب، فعدتها من يوم يبلغها إن قامت البيّنة، أو لم تقم)[6] . صحثحة الا على مبنء مطن-(عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن زرارة، ومحمّد بن مسلم، وبريد بن معاوية، عن أبي جعفر (عليه السلام)، انه قال في الغائب عنها زوجها إذا توفي قال: المتوفى عنها تعتد من يوم يأتيها الخبر؛ لانّها تحد عليه)[7] .

-(عبدالله بن جعفر في (قرب الإسناد): عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الرضا (عليه السلام)، قال: سأله صفوان ـ وأنا حاضر ـ عن رجل طلق امرأته وهو غائب فمضت أشهر، فقال: إذا قامت البينة أنه طلقها منذ كذا وكذا، وكانت عدتها قد انقضت، فقد حلت للازواج، قال: فالمتوفى عنها زوجها، فقال: هذه ليست مثل تلك هذه تعتد من يوم يبلغها الخبر؛ لأنّ عليها أن تحد)[8] .

وأما ما يمكن أن يظهر منه المعارضة لما تقدم:

-(محمّد بن الحسن بإسناده عن علي بن الحسن، عن السندي بن محمّد البزاز، عن أبي البختري وهب بن وهب، عن جعفر، عن أبيه، عن علي (عليه السلام)، أنه سئل عن المتوفى عنها زوجها إذا بلغها ذلك، وقد انقضت عدّتها، فالحداد يجب عليها، فقال علي (عليه السلام): إذا لم يبلغها ذلك حتى تنقضي عدّتها، فقد ذهب ذلك كلّه، وتنكح من أحبت)[9] .

-(عن محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن (الحسن بن زياد)، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن المطلقة يطلّقها زوجها، ولا تعلم إلاّ بعد سنة، والمتوفى عنها زوجها، ولا تعلم بموته إلاّ بعد سنة، قال: إن جاء شاهدان عدلان فلا تعتدّان، وإلا تعتدان)[10] .-(عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن صفوان، عن (عبيد الله)، عن الحلبي، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: قلت له: امرأة بلغها نعي زوجها بعد سنة أو نحو ذلك، قال: فقال: إن كانت حبلى فأجلها أن تضع حملها، وإن كانت ليست بحبلى فقد مضت عدَّتها، إذا قامت لها البينة أنه مات في يوم كذا وكذا، وإن لم يكن لها بينة فلتعتد من يوم سمعت)[11] .

فالبعض منها ضعيف السند والآخر إما مطروح بترك العمل به من الأصحاب أو محمول بطرق أخرى.

وأما قوله (قده): (ولا يبعد عدم إختصاص الحكم بصورة غيبة الزوج، بل يعم صورة حضوره إن خفي عليها موته لعلة، فتعتد من حين إخبارها بموته)، فهذا هو المتعين لعدم كون الغيبة مأخوذة على نحو الموضوعية ولا وجود موضوعية للغيبة بل من الواضح أنها مأخوذة على نحو الطريقية وأن كل من تعذر أو تعسّر عليه الإطلاع على حقيقة الحال فهو كالغائب.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo