< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

37/06/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الطلاق.

القول في الرجعة

( وهي رد المطلقة في زمان عدتها إلى نكاحها السابق، ولا رجعة في البائنة ولا في الرجعية بعد إنقضاء عدتها )[1] .

وما ذكره الماتن (قده) هو موضوع الرجعة، وإرجاع الزوج طليقته في زمان عدتها هو المراد من (الرجعة) ذي الأثر شرعاً، وهي من الإيقاعات تحصل بكلٍ من القول، والفعل وسيأتي بيانه.

وأما مشروعيتها فالأصل في الدلالة عليه قوله تعالى: ﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ [2] .

مضافاً إلى إجماع المسلمين، والروايات في المقام كثيرة جداً منها:

-(محمّد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه ـ جميعاً ـ عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) ـ في حديث ـ قال: وأما طلاق العدة الذي قال الله عزّ وجلّ: (فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة) فاذا أراد الرجل منكم أن يطلق امرأته طلاق العدة فلينتظر بها حتى تحيض وتخرج من حيضها، ثمّ يطلقها تطليقة من غير جماع بشهادة شاهدين عدلين، ويراجعها من يومه ذلك إن أحب أو بعد ذلك بأيام قبل أن تحيض ويشهد على رجعتها ويواقعها حتى تحيض، فاذا حاضت وخرجت من حيضها طلقها تطليقة اخرى من غير جماع يشهد على ذلك، ثمّ يراجعها أيضا متى شاء قبل أن تحيض، ويشهد على رجعتها ويواقعها، وتكون معه إلى أن تحيض الحيضة الثالثة، فاذا خرجت من حيضتها الثالثة طلقها التطليقة الثالثة بغير جماع ويشهد على ذلك، فاذا فعل ذلك فقد بانت منه، ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، قيل له: وإن كانت ممن لا تحيض ؟ فقال: مثل هذه، تطلق طلاق السنة)[3] . -(عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، أو غيره، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ـ في حديث ـ قال: وأما طلاق الرجعة فأن يدعها حتى تحيض وتطهر، ثمّ يطلقها بشهادة شاهدين، ثمّ يراجعها ويواقعها، ثمّ ينتظر بها الطهر فاذا حاضت وطهرت أشهد شاهدين على تطليقة اُخرى، ثمّ يراجعها ويواقعها، ثمّ ينتظر بها الطهر، فاذا حاضت وطهرت أشهد شاهدين على التطليقة الثالثة، ثمّ لا تحل له أبدا حتى تنكح زوجا غيره، وعليها أن تعتد ثلاثة قروء من يوم طلقها التطليقة الثالثة، فان طلقها واحدة بشهود على طهر، ثمّ انتظر بها حتى تحيض وتطهر، ثمّ طلقها قبل أن يراجعها لم يكن طلاقه الثانية طلاقا ؛ لانه طلق طالقاً، لأنه إذا كانت المرأة مطلقة من زوجها كانت خارجة من ملكه حتى يراجعها، فاذا راجعها صارت في ملكه ما لم يطلقها التطليقة الثالثة، فاذا طلقها التطليقة الثالثة فقد خرج ملك الرجعة من يده، فان طلقها على طهر بشهود ثمّ راجعها وانتظر بها الطهر من غير مواقعة فحاضت وطهرت، ثمّ طلقها قبل أن يدنسها بمواقعة بعد الرجعة لم يكن طلاقه لها طلاقاً؛ لانه طلقها التطليقة الثانية في طهر الأوّلى، ولا ينقضي الطهر إلاّ بمواقعة بعد الرجعة، وكذلك لاتكون التطليقة الثالثة إلا بمراجعة ومواقعة بعد الرجعة، ثمّ حيض وطهر بعد الحيض، ثمّ طلاق بشهود حتى يكون لكل تطليقة طهر من تدنيس المواقعة بشهود. ورواه علي بن إبراهيم في (تفسيره) ـ كما مرّ ـ نحوه، وزاد في أثنائه: وهما يتوارثان ما دامت في العدة)[4] .

وأيضاً:

-(عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن اذينة، عن زرارة، وبكير ابني أعين، محمّد بن مسلم، وبريد بن معاوية العجلي، والفضيل بن يسار، وإسماعيل الازرق، ومعمر بن يحيي بن سام كلهم سمعه من أبي جعفر، ومن ابنه (عليهما السلام) بصفة ما قالوا، وإن لم أحفظ حروفه، غير أنه لم يسقط عني جمل معناه: أن الطلاق الذي أمر الله به في كتابه وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله)، انه إذا حاضت المرأة، وطهرت من حيضها، أشهد رجلين عدلين قبل أن يجامعها على تطليقة، ثمّ هو أحق برجعتها ما لم تمض لها ثلاثة قروء، فان راجعها كانت عنده على تطليقتين، وإن مضت ثلاثة قروء قبل أن يراجعها فهي أملك بنفسها، فان أراد أن يخطبها مع الخطاب خطبها، فان تزوجها كانت عنده على تطليقتين، وما خلا هذا فليس بطلاق)[5] .

هذا في الرجعية في زمان عدتها.

وأما إذا كان الطلاق بائناً أو رجعية إنقضت عدتُها فلا رجعة إليها إلا بعقد جديد بعد إنقضاء العدة فيكون واحد من الخطاب.

ويدل عليه: الإجماع أولاً والنصوص الشريفة منها:

-(عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن اذينة، عن زرارة، وبكير ابني أعين، محمّد بن مسلم، وبريد بن معاوية العجلي، والفضيل بن يسار، وإسماعيل الازرق، ومعمر بن يحيي بن سام كلهم سمعه من أبي جعفر، ومن ابنه (عليهما السلام) بصفة ما قالوا، وإن لم أحفظ حروفه، غير أنه لم يسقط عني جمل معناه: أن الطلاق الذي أمر الله به في كتابه وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله)، انه إذا حاضت المرأة، وطهرت من حيضها، أشهد رجلين عدلين قبل أن يجامعها على تطليقة، ثمّ هو أحق برجعتها ما لم تمض لها ثلاثة قروء، فان راجعها كانت عنده على تطليقتين، وإن مضت ثلاثة قروء قبل أن يراجعها فهي أملك بنفسها، فان أراد أن يخطبها مع الخطاب خطبها، فان تزوجها كانت عنده على تطليقتين، وما خلا هذا فليس بطلاق)[6] .

-(عن النضر بن سويد، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إذا أراد الرجل الطلاق طلقها (في قبل عدتها) عدّتها من غير جماع، فانه إذا طلقها واحدة، ثمّ تركها حتى يخلو أجلها أو بعده، فهي عنده على تطليقة، فان طلقها الثانية، وشاء أن يخطبها مع الخطّاب، إن كان تركها حتى خلا أجلها، وإن شاء راجعها قبل أن ينقضي أجلها، فان فعل فهي عنده على تطليقتين، فان طلقها ثلاثاً فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، وهي ترث، وتورث ما دامت في التطليقتين الأوّلتين)[7] .

مسألة (1): الرجعة إما بالقول، وهو كل لفظ دل على إنشاء الرجوع كقوله: " راجعتك إلى نكاحي " ونحوه، أو دل على التمسك بزوجيتها كقوله: " رددتك إلى نكاحي " أو " أمسكتك في نكاحي " ويجوز في الجميع إسقاط قوله " إلى نكاحي " و " في نكاحي " ولا يعتبر فيه العربية، بل يقع بكل لغة إذا أفاد المعنى المقصود، وإما بالفعل بأن يفعل بها ما لا يحل إلا للزوج بحليلته، كالوطء والتقبيل واللمس بشهوة أو بدونها.[8]

مسألة 1 – ظاهر إطلاقات الأدلة من الآية المتقدمة وآية: (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا)[9] .

وهكذا الروايات المتقدمة هو أن الرجوع يتحقق بأي لفظ مفهمٍ لذلك وهذا ما عليه العرف وحينئذٍ لا يفرق بين كونه باللغة العربية أو بغيرها من اللغات وهكذا بأي لفظ يفهم منه ذلك، والأدلة خالية من القيد والشرط وعليه فلا يحتاج إلى أن يضم إلى الرجوع كلمة (إلى نكاحي، أو في نكاحي).

هذا إذا كان الرجوع بالقول.

وأما بالفعل: فكما ذكر الماتن (قده) من الأمثلة التي يفعل بها ما يحل للزوج فعله بحليلته كالوطئ والتقبيل واللمس بشهوة، وهذه الأفعال مما لا يحل لغير الزوج أن يفعلها بها، والمناط في ذلك بخلاف ما لو فعل المذكورات ساهياً أو غافلاً أو نائماً حيث أنه لا يكون قاصداً للفعل من الأساس.

وأما اللمس بلا شهوة، ومع الغفلة والسهو أو الإتفاق فسيأتي حكمها.

ويتحقق إرجاع الأخرس طليقته إليه بالإشارة، بإعتبار أن الشارع نزل إشارته منزلة قوله كما تقدم في أول كتاب الطلاق عند الكلام في الصيغة، ويصح بالفعل منه كما في غيره.

ويصح الرجوع بالكتابة إن كانت مفهمة ومعبّرة ومأمونة من التحريف والتزوير وذلك لأنها تفيد المقصود ويتحقق بها الرجوع لذلك.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo