< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

38/02/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب اللعان.

مسألة (2):لا يجوز للرجل قذف زوجته بالزنا مع الريب، ولا مع غلبة الظن ببعض الأسباب المريبة، بل ولا بالشياع ولا باخبار ثقة، نعم يجوز مع اليقين، لكن لا يصدق إذا لم تعترف به الزوجة ولم تكن بينة، بل يحد حد القذف مع مطالبتها إلا إذا أوقع اللعان الجامعة للشروط الآتية. فيدرأ عنه الحد[1] .

 

مسألة 2 – الأدلة الشرعية والأصل هو عدم جواز قذف المرأة بالزنا سواءً كانت زوجته أم كانت أجنبية إلا إذا رأى بأم عينه وتيقن بذلك وإلا فلو رمى أجنبية بذلك ولم يكن عنده البينة أربعة شهود - حتى ولو كان على يقين من ذلك – ترتب عليه حد القذف والفسق إلا مع التوبة والإصلاح، وأما إذا كانت المرمية بذلك هي زوجته فقد تقدم عدم حاجة الشهود الأربعة بل يلاعنها ليُدرأ عنه حد القذف. ومع ذلك فلا يجوز شرعاً أن يقذفها بالزنا مع الظن ولو لبعض القرائن المريبة، لعدم حجيتها ما لم تُفد علماً وهكذا الحال فلا يجوز التعويل على خبر الثقة بالمقام لعدم حجيته في الموضوعات الخارجية التي تحتاج إلى البينة.

وعلى أي حال فلا بد من الرؤية والمشاهدة وإلا حَرُم القذف ويدل عليه الروايات المعتبرة في المقام منها:

-صحيحة ابي بصير:

-(محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام)، أنّه قال في الرجل يقذف امرأته: يجلد، ثمّ يخلى بينهما، ولا يلاعنها حتى يقول: انه قد رأى بين رجليها من يفجر بها)[2] .

-صحيحة محمد بن مسلم:

-(عن حماد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال: سألته عن الرجل يفتري على امرأته، قال: يجلد، ثمّ يخلى بينهما، ولا يلاعنها حتّى يقول: أشهد أني رأيتك تفعلين كذا وكذا)[3] .

-صحيحة الحلبي:

-(عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام)، قال: إذا قذف الرجل امرأته فانه لا يلاعنها حتى يقول: رأيت بين رجليها رجلا يزني بها)[4] .

-معتبرة علي بن محبوب:

-(عن محمّد بن علي بن محبوب، عن الكوفي، عن (الحسن بن يوسف)، عن محمّد بن سليمان، عن أبي جعفر الثاني (عليه‌ السلام)، قال: قلت له: كيف صار الرجل إذا قذف امرأته كانت شهادته أربع شهادات بالله، وإذا قذفها غيره أب أو أخ أو ولد أو غريب جلد الحدّ، أو يقيم البينة على ما قال؟ فقال: قد سئل أبو جعفر عن ذلك، فقال: إن الزوج إذا قذف امرأته فقال: رأيت ذلك بعيني، كانت شهادته أربع شهادات بالله، وإذا قال: إنه لم يره قيل له: أقم البينة على ما قلت، وإلا كان بمنزلة غيره، وذلك ان الله تعالى جعل للزوج مدخلا لا يدخله غيره والد ولا ولد، يدخله بالليل والنهار، فجاز له أن يقول: رأيت، ولو قال غيره: رأيت، قيل له: وما أدخلك المدخل الذي ترى هذا فيه وحدك؟ أنت متّهم، فلا بد من أن يقيم عليك الحد الذي أوجبه الله عليك)[5] .

وأما قول الماتن (قده): (إلا إذا أوقع اللعان الجامع للشروط الآتيه، فيدرأ عنه الحد) فيدل عليه ما تقدم من الآية الكريمة:

﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴿3﴾ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴿4﴾ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿5﴾ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ﴿6﴾ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ ﴿7﴾ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ﴿8﴾ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴿9﴾ [6] .-ومعتبرة الفضيل:

-(عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن ابن سنان، عن العلاء، عن الفضيل، قال: سألته عن رجل افترى على امرأته قال: يلاعنها فان أبى أن يلاعنها جلد الحد وردت إليه امرأته، وإن لاعنها فرّق بينهما، ولم تحل له إلى يوم القيامة، والملاعنة أن يشهد عليها أربع شهادات بالله اني رأيتك تزنين، والخامسة يلعن نفسه إن كان من الكاذبين، فان أقرت رجمت، وإن أرادت أن تدرأ عنها العذاب شهدت أربع شهادات بالله انه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، فان كان انتفى من ولدها الحق بأخواله يرثونه، ولا يرثهم إلا أن يرث امه، فان سماه أحد ولد زنا جلد الذي يسميه الحد)[7] .

-ورواية زرارة:

-(عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن المثنى، عن زرارة، قال: سئل أبو عبد الله (عليه‌ السلام) عن قول الله عزّ وجلّ: (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم، قال: هو القاذف الذي يقذف امرأته، فإذا قذفها ثمّ أقر أنه كذب عليها جلد الحد، وردت إليه امرأته، وإن أبى إلا أن يمضي فيشهد عليها أربع شهادات بالله انه لمن الصادقين، والخامسة يلعن فيها نفسه إن كان من الكاذبين، وإن أرادت أن تدرأ عن نفسها العذاب ـ والعذاب: هو الرجم ـ شهدت أربع شهادات بالله انه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، فإن لم تفعل رجمت وإن فعلت درأت عن نفسها الحد، ثمّ لا تحل له إلى يوم القيامة، قلت: أرأيت إن فرق بينهما ولها ولد فمات، قال: ترثه أمّه، فان ماتت امه ورثه أخواله، ومن قال: إنه ولد زنا جلد الحد، قلت: يرد إليه الولد إذا أقرّ به؟ قال: لا، ولا كرامة، ولا يرث الابن ويرثه الابن)[8] .

وفيها من الدلالة ما يُغنى المقام . والحمد لله رب العالمين.

 

مسألة (3):يشترط في ثبوت اللعان بالقذف أن يدعي المشاهدة، فلا لعان فيمن لم يدعها ومن لم يتمكن منه كالأعمى، فيحدان مع عدم البينة، وأن لا تكون له بينة، فإن كانت تتعين إقامتها لنفي الحد ولا لعان[9] .

مسألة 3 – أما قوله (قده) باشتراط المشاهدة في ثبوت اللعان، فإنما لأجل كون المشاهدة تقوم مقام البينة ولأجل ما تقدم من النصوص الدالة على ذلك:

-صحيحة ابي بصير:

-(محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام)، أنّه قال في الرجل يقذف امرأته: يجلد، ثمّ يخلى بينهما، ولا يلاعنها حتى يقول: انه قد رأى بين رجليها من يفجر بها)[10] .

-صحيحة الحلبي:

-(عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام)، قال: إذا قذف الرجل امرأته فانه لا يلاعنها حتى يقول: رأيت بين رجليها رجلا يزني بها)[11] .

وأما من لم يتمكن من المشاهدة كالأعمى، فلا لعان في المقام وذلك لانتفاء البصر والمشاهدة فلا لعان.

إن قلت: إن المشاهدة والمعاينة الواردة في الاخبار إنما هي طريق لحصول العلم، فإذا علم الأعمى بذلك كفى بثبوت اللعان.

قلت: إنه أشبه بالمصادرة على المطلوب وأول الكلام أنها مأخوذة على نحو الطريقية مع إمكان ادعائها على نحو الموضوعية للأصل إن تم.

وأما قوله (قده): (فيحدان مع عدم البينة) فذلك لعموم الأدلة الدالة على حد القذف مع عدم البينة مضافاً إلى الاجماع على ذلك.

أو شهادة أحدهم أربع شهادات بالله... إن لم يكن له بينة كما دلت عليه الآية الكريمة مضافاً إلى النصوص العديدة في المقام.

وأما قوله (قده): (فإن كانت له بينة تتعين إقامتها لنفي الحد ولا لعان).

نقول: مع وجود المشاهدة والبينة تُقدم البينة على اللعان لنفي الحد ولا لعان وذلك لأن الملاعنة بديل البينة وتقوم مقامها مع عدمها، فمع وجودها لا تصل النوبة إلى الملاعنة.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo