< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

38/04/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الخمس.

مسألة (7): إنما يجب الخمس في الغوص والمعدن والكنز بعد إخراج ما يغرمه على الحفر والسبك والغوص والآلات ونحو ذلك، بل الأقوى اعتبار النصاب بعد الاخراج[1] .

مسألة 7- وذلك لما تقدم من أن الغنيمة يجب فيها الخمس بعد المؤونة، وهذه المذكورات يصدق عليها (ما غنمتم) فيتوقف على إستثناء المؤونة مثل ما ذكر الماتن (قده) في المسألة، هذا مضافًا إلى ورود جملة من النصوص من أن الخمس بعد المؤونة منها:

-(محمّد بن الحسن بإسناده عن سعد بن عبد الله، عن أبي جعفر، عن علي بن مهزيار، عن محمّد بن الحسن الأشعري قال: كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني (عليه‌ السلام) أخبرني عن الخمس، أعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل وكثير من جميع الضروب وعلى الصناع؟ وكيف ذلك؟ فكتب بخطّه: الخمس بعد المؤونة)[2] .

-(وعنه قال: كتب إليه إبراهيم بن محمّد الهمداني: أقرأني علي كتاب أبيك فيما أوجبه على أصحاب الضياع أنّه أوجب عليهم نصف السدس بعد المؤونة، وأنّه ليس على من لم يقم ضيعته بمؤونته نصف السدس ولا غير ذلك، فاختلف من قبلنا في ذلك فقالوا: يجب على الضياع الخمس بعد المؤونة مؤونة الضيعة وخراجها لا مؤونة الرجل وعياله. فكتب ـ وقرأه علي بن مهزيار ـ: عليه الخمس بعد مؤونته ومؤونة عياله، وبعد خراج السلطان)[3] .

 

ويمكن الإستدلال أيضًا بصحيحة زرارة المتقدمة، وإن وردت في المعدن لكنها صريحة في إطلاقها بأن الخمس مختص بالمصفى وما يبقى بعد إخراج ما يصرفه المكلف فخراج ما يجب فيه الخمس.

-(عن محمّد بن علي بن محبوب، عن العبّاس بن معروف، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه‌ السلام) قال: سألته عن المعادن ما فيها؟ فقال: كلّ ما كان ركازاً ففيه الخمس وقال: ما عالجته بمالك ففيه ـ ما أخرج الله سبحانه منه من حجارته مصفّى ـ الخمس)[4] .

هذا مع تسالم الأصحاب على وجوب الخمس بعد المؤونة وتقدم إعتبار النصاب بعد إخراج المؤونة فلا نعيد.

وقد تم بعون الله تعالى الكلام عن الرابع ممّا يجب الخمس فيه وهو (الغوص).

وسيأتي الكلام عن الخامس مما يجب فيه الخمس وهو (مازاد عن مؤونة السنة). إن شاء الله تعالى.

الخامس: ما يفضل عن مؤونة السنة له ولعياله من الصناعات والزراعات وأرباح التجارات، بل وسائر التكسبات ولو بحيازة مباحات أو استنماءات أو استنتاجات أو ارتفاع قيم أو غير ذلك مما يدخل في مسمى التكسب، ولا ينبغي ترك الاحتياط باخراج خمس كل فائدة وإن لم يدخل في مسمى التكسب، كالهبات والهدايا والجوائز والميراث الذي لا يحتسب، وكذا فيما يملك بالصدقة المندوبة، وإن كان عدم التعلق بغير أرباح ما يدخل في مسمى التكسب لا يخلو من قوة، كما أن الأقوى عدم تعلقه بمطلق الإرث والمهر وعوض الخلع، والاحتياط حسن، ولا خمس فيما ملك بالخمس أو الزكاة وإن زاد عن مؤونة السنة، نعم يجب الخمس في نمائهما إذا قصد بابقائهما الاسترباح والاستنماء لا مطلقا[5] .

 

الخامس: إبتداءً لا بد من كلمة، قبل البدء في مناقشة مسائل المتن للمصنف (قده)، وهي قضية تحليل الخمس عند الشيعة إنما مطلقًا كما يفهم من بعض الروايات الآتية. أو في خصوص هذا القسم (ما يفضل من مؤونة السنة) أو خصوص حصة الإمام (عليه السلام)، أو كما ذهب البعض في التفريق بين زمن الحضور وزمن الغيبة للإمام (عليه السلام) أو إباحة حصة الإمام (عليه السلام) دون سهم السادة (أعزهم المولى) أو إباحة خصوص الأنفال دون ما يجب فيه الخمس، أو تحليل الشيعة مما تعلق الخمس به مما يصل إليهم من الكفار والمخالفين وممن لا يعتقد بوجوب الخمس من الإمامية (أعزهم المولى) أقوال وآراء وهذا ما جرت سيرة العلماء، بذكر روايات التحليل عند الحديث عن هذا القسم.

وللوقوف على باب حقيقة الأمر نذكر أولاً الروايات التي دلت على وجوب الخمس في هذا القسم ونلحقها بالروايات الدالة على التحليل.

ما يدل على تعلق الخمس بهذا العنوان وثبوته وضعًا.

الشهرة العظيمة بل نقل بعض الأصحاب أنه إجماعي كما في الغنية، بل قيل أنه لم ينسب الخلاف إلا إلى ابن جنيد وابن عقيل وهو على إفتراض صحة النسبة اليهما وما هو الظاهر من عبارتهم لا يقدح بالإجماع على إفتراض تحققه في هذا القسم مما يجب فيه الخمس.

ويدل عليه جملة من الأخبار منها: خبر محمد بن الحسن الأشعري.

-(محمّد بن الحسن بإسناده عن سعد بن عبد الله، عن أبي جعفر، عن علي بن مهزيار، عن محمّد بن الحسن الأشعري قال: كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني (عليه‌ السلام) أخبرني عن الخمس، أعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل وكثير من جميع الضروب وعلى الصناع؟ وكيف ذلك؟ فكتب بخطّه: الخمس بعد المؤونة)[6] .

ومنها موثق سماعة:

-(عن أحمد بن محمّد، عن علي بن مهزيار، عن علي بن محمّد بن شجاع النيسابوري، أنّه سأل أبا الحسن الثالث (عليه‌ السلام) عن رجل أصاب من ضيعته من الحنطة مائة كرّ ما يُزكّى، فأخذ منه العشر عشرة أكرار وذهب منه بسبب عمارة الضيعة ثلاثون كرّاً وبقي في يده ستّون كرّاً، ما الذي يجب لك من ذلك؟ وهل يجب لأصحابه من ذلك عليه شيء؟ فوقع (عليه‌ السلام): لي منه الخمس ممّا يفضل من مؤونته)[7] .

صحيحة علي بن مهزيار:

-(عن علي بن مهزيار قال: قال لي أبو علي ابن راشد، قلت له: أمرتني بالقيام بأمرك وأخذ حقّك فأعلمت مواليك بذلك، فقال لي بعضهم: وأيّ شيء حقّه؟ فلم أدر ما اُجيبه؟ فقال: يجب عليهم الخمس، فقلت: ففي أيّ شيء؟ فقال: في أمتعتهم وصنائعهم، قلت: والتاجر عليه والصانع بيده؟ فقال: إذا أمكنهم بعد مؤونتهم)[8] .

-(وعنه قال: كتب إليه إبراهيم بن محمّد الهمداني: أقرأني علي كتاب أبيك فيما أوجبه على أصحاب الضياع أنّه أوجب عليهم نصف السدس بعد المؤونة، وأنّه ليس على من لم يقم ضيعته بمؤونته نصف السدس ولا غير ذلك، فاختلف من قبلنا في ذلك فقالوا: يجب على الضياع الخمس بعد المؤونة مؤونة الضيعة وخراجها لا مؤونة الرجل وعياله. فكتب ـ وقرأه علي بن مهزيار ـ: عليه الخمس بعد مؤونته ومؤونة عياله، وبعد خراج السلطان)[9] .

صحيحة علي بن مهزيار:

-(عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد وعبد الله بن محمّد جميعاً، عن علي بن مهزيار قال: كتب إليه أبو جعفر (عليه‌ السلام) ـ وقرأت أنا كتابه إليه في طريق مكة ـ قال: إنّ الذي أوجبت في سنتي هذه وهذه سنة عشرين ومائتين، فقط لمعنى من المعاني، أكره تفسير المعنى كلّه خوفاً من الانتشار، وساُفسّر لك بعضه إن شاء الله إنّ مواليّ ـ أسأل الله صلاحهم ـ أو بعضهم قصّروا فيما يجب عليهم، فعلمت ذلك فأحببت أن اُطهّرهم واُزكّيهم بما فعلت في عامي هذا من أمر الخمس (في عامي هذا)، قال الله تعالى :خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ولم اُوجب ذلك عليهم في كلّ عام، ولا اُوجب عليهم إلاّ الزكاة التي فرضها الله عليهم، وإنّما أوجبت عليهم الخمس في سنتي هذه في الذهب والفضة التي قد حال عليهما الحول، ولم اُوجب ذلك عليهم في متاع ولا آنية ولا دواب ولا خدم ولا ربح ربحه في تجارة ولا ضيعة إلاّ ضيعة ساُفسّر لك أمرها، تخفيفاً منّي عن مواليّ، ومنّاً منّي عليهم لما يغتال السلطان من أموالهم ولما ينوبهم في ذاتهم، فأمّا الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كلّ عامّ، قال الله تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الجَمْعَانِ وَاللهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ والغنائم والفوائد يرحمك الله فهي الغنيمة يغنمها المرء والفائدة يفيدها، والجائزة من الإِنسان للإِنسان التي لها خطر، والميراث الذي لا يحتسب من غير أب ولا ابن، ومثل عدوّ يصطلم فيؤخذ ماله، ومثل مال يؤخذ ولا يعرف له صاحب، وما صار الى مواليّ من أموال الخرمية الفسقة، فقد علمت أنّ أموالاً عظاماً صارت إلى قوم من موالي، فمن كان عنده شيء من ذلك فليوصل إلى وكيلي، ومن كان نائياً بعيد الشقّة فليتعمّد لإيصاله ولو بعد حين، فإنّ نية المؤمن خير من عمله، فأمّا الذي اُوجب من الضياع والغلاّت في كلّ عام فهو نصف السدس ممّن كانت ضيعته تقوم بمؤونته، ومن كانت ضيعته لا تقوم بمؤونته فليس عليه نصف سدس ولا غير ذلك)[10] .

موثقة سماعة:

-( محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان، عن سماعة قال: سألت أبا الحسن (عليه‌ السلام) عن الخمس؟ فقال: في كلّ ما أفاد الناس من قليل أو كثير)[11] .

-(عن الريّان بن الصلت قال: كتبت إلى أبي محمّد (عليه‌ السلام): ما الذي يجب عليّ يا مولاي في غلّة رحى أرض في قطيعة لي، وفي ثمن سمك وبردي وقصب أبيعه من أجمة هذه القطيعة؟ فكتب: يجب عليك فيه الخمس، إن شاء الله تعالى)[12] .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo