< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

38/04/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الخمس.

الخامس: ما يفضل عن مؤونة السنة له ولعياله من الصناعات والزراعات وأرباح التجارات، بل وسائر التكسبات ولو بحيازة مباحات أو استنماءات أو استنتاجات أو ارتفاع قيم أو غير ذلك مما يدخل في مسمى التكسب، ولا ينبغي ترك الاحتياط باخراج خمس كل فائدة وإن لم يدخل في مسمى التكسب، كالهبات والهدايا والجوائز والميراث الذي لا يحتسب، وكذا فيما يملك بالصدقة المندوبة، وإن كان عدم التعلق بغير أرباح ما يدخل في مسمى التكسب لا يخلو من قوة، كما أن الأقوى عدم تعلقه بمطلق الإرث والمهر وعوض الخلع، والاحتياط حسن، ولا خمس فيما ملك بالخمس أو الزكاة وإن زاد عن مؤونة السنة، نعم يجب الخمس في نمائهما إذا قصد بابقائهما الاسترباح والاستنماء لا مطلقا[1] .

 

تابع الخامس:

ويدل على التحليل روايات عديدة واضحة وصريحة وكثير منها صحيح منها:

صحيح الفضلاء:

-(محمّد بن الحسن بإسناده عن سعد بن عبد الله، عن أبي جعفر ـ يعني: أحمد بن محمّد بن عيسى ـ عن العبّاس بن معروف، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن أبي بصير وزرارة ومحمّد بن مسلم كلّهم، عن أبي جعفر (عليه‌ السلام) قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه‌ السلام): هلك الناس في بطونهم وفروجهم لأنّهم لم يؤدّوا إلينا حقّنا، ألا وإنّ شيعتنا من ذلك وآباءهم في حلّ)[2] .

ومنها مارواه زرارة:

-(محمّد بن علي بن الحسين في (العلل) عن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن العبّاس بن معروف، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه‌ السلام) أنّه قال: إنّ أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) حللهم من الخمس ـ يعني: الشيعة ـ ليطيب مولدهم)[3] .

وهاتان الروايتان مطلقتان من هذه الجهة وغير مختصتين باي احتمال من الاحتمالات الاتية.

ومنها صحيح النصري:

-(عن أحمد بن محمّد ابن أبي نصر، عن أبي عمارة، عن الحارث بن المغيرة النصري عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام) قال: قلت له: إنّ لنا أموالاً من غلاّت وتجارات ونحو ذلك، وقد علمت أن لك فيها حقّاً؟ قال: فلم أحللنا إذاً لشيعتنا إلاّ لتطيب ولادتهم، وكلّ من والى آبائي فهو في حلّ ممّا في أيديهم في حقّنا فليبلغ الشاهد الغائب)[4] .

ومنها: خبر ضريس الكناسي:

-(عن أبي جعفر، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن عمر بن أبان الكلبي، عن ضريس الكناسي قال: قال أبو عبد الله (عليه‌ السلام): أتدري من أين دخل على الناس الزنا؟ فقلت: لا أدري، فقال: من قبل خمسنا أهل البيت، إلاّ لشيعتنا الأطيبين فإنّه محلّل لهم ولميلادهم)[5] .

ومنها خبر سالم بن مكرم:

-(عن أبي جعفر، عن الحسن بن علي الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي سلمة سالم بن مكرم وهو أبو خديجة، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام) قال: قال رجل وأنا حاضر: حلّل لي الفروج؟ ففزع أبو عبد الله (عليه‌ السلام)، فقال له رجل: ليس يسألك أن يعترض الطريق إنّما يسألك خادماً يشتريها، أو امرأة يتزوّجها، أو ميراثاً يصيبه، أو تجارة أو شيئاً أعطيه، فقال: هذا لشيعتنا حلال، الشاهد منهم والغائب، والميّت منهم والحيّ، وما يولد منهم إلى يوم القيامة فهو لهم حلال، أما والله لا يحلّ إلاّ لمن أحللنا له، ولا والله ما أعطينا أحداً ذمّة، (وما عندنا لأحد عهد) ولا لأحد عندنا ميثاق)[6] .

-(عن أبي جعفر، عن محمّد بن سنان، عن صباح الأزرق، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما‌ السلام) قال: إنّ أشدّ ما فيه الناس يوم القيامة أن يقوم صاحب الخمس فيقول: يا ربّ خمسي، وقد طيّبنا ذلك لشيعتنا لتطيب ولادتهم ولتزكو أولادهم)[7] .

ومنها مصححة يونس بن يعقوب:

-(عن أبي جعفر، عن محمّد بن سنان، عن يونس بن يعقوب قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه‌ السلام) فدخل عليه رجل من القماطين، فقال: جعلت فداك، تقع في أيدينا الأرباح والأموال وتجارات نعلم أنّ حقّك فيها ثابت، وأنّا عن ذلك مقصّرون، فقال أبو عبد الله (عليه‌ السلام): ما أنصفناكم إن كلّفناكم ذلك اليوم)[8] .

عطفًا على ما تقدم، فصفوة القول في المسألة المستفادة من جمع الروايات المتعارضة مع ضم بعضها لبعض يمكن أن يقع في أمور:

1 – أنه وبغض النظر عن البحث التفصيلي في سند ودلالة كل رواية على حدى فإن كل من الطائفتين (الروايات الموجبة والروايات المبيحة) تشتمل على روايات صحيحة سندًا وصريحة دلالةً وهذا مما لا ينبغي الشك فيه.

ومع التأمل بنظرة منصفة بعيدة عن مخلفات الذهن، أو الإنجرار والتقليد للآخرين مهما كانوا ذوي باع طويل في هذا الفن نقول ان ترجيح القول بالوجوب على الإباحة عند التعارض لأجل الرجوع إلى الآية المباركة التي تثبت أصل التشريع للخمس يمكن النقاش فيه من جهة انه ربما يقال بإختصاص معنى الغنيمة بخصوص غنائم دار الحرب، وربما يئيده بعض الروايات التي تشتمل على عطف الغنيمة على الكنوز والمعادن والغوص، نظرًا إلى ظهور العطف في المغايرة، لولا إشتمال الآية الكريمة على قوله تعالى (ما غنمتم) التي تفيد العموم، مع عدم صرفها إلى خصوص ما ذكرنا.

2 – الواضح من الأدلة كون الخمس هو من حق الرسول (صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله) ولذي القربى وهم أقرباؤه (عليهم السلام)، وعليه فهو أشبه بالملك الشخصي، يمكن أن يسقطوه عن شيعتهم (أعزهم المولى)، إما كليًا أو جزئيًا كما إختاره بعض الأصحاب وسيأتي بيانه، وهذا بخلاف الزكاة فإنه ملك للفقراء والمساكين وأبناء السبيل وبقية الأصناف الثمانية الواردة في آية ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [9] فالخمس لهم (عليهم السلام)، وهذا مستفاد من الروايات الصحيحة المفيدة لكونه في بعض عبائرها (الخمس لنا) وعدم صرفه من قبل المكلف نفسه بل لابد من إيصاله لهم (عليهم السلام) وهم يضعونه حيثما يشاؤون وقد ورد أنهم كرسول الله (صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله) يأخذون منه ما يشاؤون والباقي يوزعونه لمن يرون.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo