< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

38/08/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القول في الأنفال

وهي ما يستحقه الإمام عليه السلام على جهة الخصوص لمنصب إمامته كما كان للنبي صلى الله عليه وآله لرئاسته الإلهية، وهي أمور: منها -كل ما لم يوجف عليها بخيل وركاب أرضا كانت أو غيرها، انجلى عنها أهلها أو سلموها للمسلمين طوعا.ومنها الأرض الموات التي لا ينتفع بها إلا بتعميرها وإصلاحها لاستيجامها أو لانقطاع الماء عنها أو لاستيلائه عليها أو لغير ذلك، سواء لم يجر عليها ملك لأحد كالمفاوز أو جرى ولكن قد باد ولم يعرف الآن، ويلحق بها القرى التي قد جلى أهلها فخربت كبابل والكوفة ونحوهما، فهي من الأنفال بأرضها وآثارها كالأحجار ونحوها، والموات الواقعة في الأرض المفتوحة عنوة كغيرها على الأقوى، نعم ما علم أنها كانت معمورة حال الفتح فعرض له الموتان بعد ذلك ففي كونها من الأنفال أو باقية على ملك المسلمين كالمعمورة فعلا تردد وإشكال لا يخلو ثانيهما من رجحان.ومنها -أسياف البحار وشطوط الأنهار، بل كل أرض لا رب لها على إشكال في إطلاقه وإن لا يخلو من قرب وإن لم تكن مواتا بل كانت قابلة للانتفاع بها من غير كلفة كالجزائر التي تخرج في دجلة والفرات ونحوهما.ومنها -رؤوس البجال وما يكون بها من النبات والأشجار والأحجار ونحوها، وبطون الأودية، والآجام، وهي الأراضي الملتفة بالقصب والأشجار من غير فرق في هذه الثلاثة بين ما كان في أرض الإمام عليه السلام أو المفتوحة عنوة أو غيرهما، نعم ما كان ملكا لشخص ثم صار أجمة مثلا فهو باق على ما كان. ومنها ما كان للملوك من قطائع وصفايا.ومنها -صفو الغنيمة كفرس جواد، وثوب مرتفع، وسيف قاطع، ودرع فاخر، ونحو ذلك.ومنها -الغنائم التي ليست بإذن الإمام عليه السلام.ومنها -إرث من لا وارث له.ومنها المعادن التي لم تكن لمالك خاص تبعا للأرض أو بالاحياء.[1]

القول في الأنفال: وهي ما يستحقه الإمام (عليه السلام) على جهة الخصوص لمنصب إمامته، كما كان للنبي (صلى الله عليه وآله) لرئاسته الإلهية، وهي امور:

-الأنفال جمع لمفردة (نفل) ساكنًا ومتحركًا وهي بمعنى الزيادة وسيأتي بأنها تشمل كل الموارد التسعة الآتية بعد قليل.

وهي من مختصات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن بعده للإمام (عليه السلام) وذلك للآية الكريمة: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [2]

وللروايات المستفيضة بل المتواترة عند المسلمين كافة.

منها رواية محمد بن ابي نصر:

-(وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الرضا (عليه‌ السلام) قال: سُئل عن قول الله عزّ وجلّ: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ؟ فقيل له: فما كان لله، فلمن هو؟ فقال: لرسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم)، وما كان لرسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) فهو للإِمام)[3] .

-(محمّد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات) عن عمران بن موسى، عن موسى بن جعفر قال: قرأت عليه آية الخمس فقال: ما كان لله فهو لرسوله وما كان لرسوله فهو لنا)[4] .

-(محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الرضا (عليه‌ السلام) قال: سئل عن قول الله عزّ وجلّ: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ) فقيل له: فما كان لله، فلمن هو؟ فقال: لرسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله)، وما كان لرسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم) فهو للإِمام، فقيل له: أفرأيت إن كان صنف من الأصناف أكثر وصنف أقلّ، ما يصنع به؟ قال: ذاك إلى الإِمام، أرأيت رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم) كيف يصنع أليس إنّما كان يعطي على ما يرى؟ كذلك الإِمام)[5] .

ومنها صحيحة محمد بن مسلم:

-(عن سندي بن محمّد، عن علاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه‌ السلام) قال: سمعته يقول: الفيء والأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة الدماء، وقوم صولحوا وأعطوا بأيديهم، وما كان من أرض خربة أو بطون أودية فهو كلّه من الفيء، فهذا لله ولرسوله، فما كان لله فهو لرسوله يضعه حيث شاء، وهو للإِمام بعد الرسول، وأمّا قوله: (وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ) قال: ألا ترى هو هذا؟ وأمّا قوله: (مَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ) فهذا بمنزلة المغنم، كان أبي يقول ذلك وليس لنا فيه غير سهمين: سهم الرسول وسهم القربى، ثمّ نحن شركاء الناس فيما بقي)[6] .

-(علي بن الحسين المرتضى في رسالة (المحكم والمتشابه) نقلاً من (تفسير النعماني) بإسناده الآتي عن علي (عليه السلام)، بعدما ذكر الخمس وأنّ نصفه للإِمام، ثمّ قال: إنّ للقائم بأمور المسلمين بعد ذلك الأنفال التي كانت لرسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم)، قال الله عزّ وجلّ: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ للهِ وَالرَّسُولِ) وإنّما سألوا الأنفال ليأخذوها لأنفسهم فأجابهم الله بما تقدّم ذكره، والدليل على ذلك قوله تعالى (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) أي الزموا طاعة الله في أن لا تطلبوا ما لا تستحقّونه، فما كان لله ولرسوله فهو للإِمام (وله نصيب آخر من الفيء، والفيء يقسّم يقسمين: فمنه ما هو خاصّ للإِمام) وهو قول الله عزّ وجلّ في سورة الحشر: (مَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) وهي البلاد التي لا يوجف عليها بخيل ولا ركاب، والضرب الآخر ما رجع إليهم ممّا غصبوا عليه في الأصل، قال الله تعالى: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) فكانت الأرض بأسرها لآدم ثمّ هي للمصطفين الذين اصطفاهم الله وعصمهم فكانوا هم الخلفاء في الأرض، فلمّا غصبهم الظلمة على الحقّ الذي جعله الله ورسوله لهم وحصل ذلك في أيدي الكفّار وصار في أيديهم على سبيل الغصب حتى بعث الله رسوله محمّداً (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) فرجع له ولأوصيائه، فما كانوا غصبوا عليه أخذوه منهم بالسيف فصار ذلك ممّا أفاء الله به، أي ممّا أرجعه الله إليهم)[7] .

ويستفاد من مجموع هذه الروايات أن ما كان لله فهو للرسول وما كان للرسول فهو للإمام (عليه السلام) ومن ثم فهي عبارة عن الأمور التي يستحقها الإمام لمنصب إمامته كما كانت للنبي (صلى الله عليه وآله). لرئاسته الإلهية، والنبوة والإمامة زائدة على الأمور الأخرى.

والأنفال يمكن جمعها بالأمور التسعة الآتية:

1 – منها: (كل ما لم يوجف عليها بخيل وركاب؛ أرضًا كانت أو غيرها، انجلى عنها أهلها أو سلموها للمسلمين طوعًا).

وذلك بالإضافة إلى الإجماع، والنصوص المستفيضة.

ومنها: -(عن أبي جعفر، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: سألته عن الأنفال؟ فقال: كلّ أرض خربة أو شيء يكون للملوك فهو خالص للإِمام وليس للناس فيها سهم، قال: ومنها البحرين لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب)[8] .

ومنها موثقة علي بن الحسن بن فضال:

-(عن علي بن الحسن بن فضّال، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام) قال: قلت له: ما يقول الله: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ للهِ وَالرَّسُولِ)؟ وهي كلّ أرض جلا أهلها من غير أن يحمل عليها بخيل ولا رجال ولا ركاب فهي نفل لله وللرسول)[9] .

ومنها:-(عن إبراهيم بن هاشم، عن حمّاد بن عيسى، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام) أنّه سمعه يقول: إنّ الأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة دم، أو قوم صولحوا وأعطوا بأيديهم، وما كان من أرض خربة، أو بطون أودية، فهذا كلّه من الفيء والأنفال لله وللرسول، فما كان لله فهو للرسول يضعه حيث يحبّ..)[10]

-(محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام) قال: الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، أو قوم صالحوا، أو قوم أعطوا بأيديهم، وكلّ أرض خربة، وبطون الأودية، فهو لرسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله)، وهو للإِمام من بعده يضعه حيث يشاء)[11] .

-(عن ابن محبوب، عن معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد الله (عليه‌ السلام): السريّة يبعثها الإِمام فيصيبون غنائم، كيف يقسّم؟ قال: إن قاتلوا عليها مع أمير أمّره الإِمام عليهم أخرج منها الخمس لله وللرسول وقسم بينهم ثلاثة أخماس، وإن لم يكونوا قاتلوا عليها المشركين كان كل ما غنموا للإِمام يجعله حيث أحبّ)[12] .

 

2 – منها: (الأرض الموات التي لا ينتفع بها إلا بتعميرها وإصلاحها، لإستجامها...).

وذلك لما تقدم من الإجماع والنصوص ومنها قول مولانا ابي الحسن الاول (عليه السلام) في خبر حماد (الانفال كل ارض خربة باد أهلها).

وأما ما ذكره الماتن من موارد في المسألة فذلك لكون المرجع في الموات والخراب إنما هو العرف وهو الحاكم في ذلك كله.

وإطلاق الأدلة يشمل جميع ما ذكره الماتن من الموارد في المسألة.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo