< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

39/02/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القصاص.

(تابع) مسألة (14): لو سحره فقتل وعلم سببية سحره له فهو عمد إن أراد بذلك قتله، وإلا فليس بعمد بل شبهه، من غير فرق بين القول بأن للسحر واقعية أو لا، ولو كان مثل هذا السحر قاتلا نوعا يكون عمدا ولو لم يقصد القتل به[1] .

4 – ولا بد من التمايز بين الألفاظ الواردة في معانيها لكل من السحر والشعبذه والتسخير للأرواح، والتمايز يحصل من خلال شرح الأسماء لها وبذلك يتضح الحال، فالسحر: هو تصرف الساحر في بدن المسحور أو في عقله ونفسه بأفعال واقوال معينة كالأوراد وكتابة الطلسمات وما شابه وربما له صور اُخرى يطلق عليها السحر عرفًا كما ورد في بعض الروايات بأن الطبابة من السحر[2] . وهذا غير المعجزات التي يأتي بها الأنبياء (عليهم السلام) وإن كانت خارقة للعادة وهي تصدر عنهم بإرادة المولى تعالى وهكذا الكرامة التي تنشأ عن الأولياء الصالحين والمؤمنين العارفين فإن ذلك لطف من الله تعالى لإظهار كرامة عباده المؤمنين.

وإذا تتبعنا موارد استعمالات لفظ السحر، نرى أنّه يأتي بمعنى الافتنان والفتنة، والحديث:

-( محمد بن علي بن الحسين قال: من ألفاظ رسول الله (صلى‌الله ‌عليه ‌وآله) الموجزة التي لم يسبق إليها: الشعر من إبليس: إن من الشعر لحكماً، وإن من البيان لسحراً )[3] .

وهذا هو المعنى الدارج عند العامة، حينما يتعجّبون من شيئ ويفتتنون به، يُقال: (سحرتنا الطبيعة)، عند مشاهدة بديع صنع الله تعالى فيها: (سحرنا جماله) إذا افتتن به، وأمثال ذلك.

وأما السحر بالمعنى العلمي، فهو ضرب من التأثير النفسي المشوب بالفتنة، وإظهار ما ليس بواقع بصورة خيالية المعبّر عنه في القرآن الكريم بالتخّيل والخداع:

قال تعالى: ﴿قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى[4] .

وقال تعالى: ﴿قَالَ أَلْقُوْاْ فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ[5] .

فإن الإرهاب المقارن مع التخيّل والخداع، له الأثر النفسي في الإنسان.

وأما التسخير: هو استخدام الجن وتحضير الأرواح للإستفادة منهم في بعض الأمور التي تخفى عن البشر الأحياء بإعتباره أن للجن والأرواح حركة شفافة مجردة عن المادة غالبًا ما تكون اسرع من حركة البشر وهذا بنفسه جائزٌ شرعًا ما لم يلزم منه المحذور.

وأما الشعبذة: وهي تغيّر الوقائع في الظاهر وإراءة ما هو ليس بواقع أنه واقع من خلال الحركات السريعة الخداعة التي يأتي بها المشعوذ. وهي محرمة بالجملة دون بعض الحالات وقد ذكرنا ذلك كله في تعلقاتنا على كتاب المكاسب للشيخ الأعظم (قده).

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo