< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

39/04/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القصاص.

مسألة (43): لو كان الجاني في الفرض المتقدم واحدا دخل دية الطرف في دية النفس على تأمل في بعض الفروض، وهل يدخل قصاص الطرف في قصاص النفس مطلقا أو لا مطلقا أو يدخل إذا كانت الجناية أو الجنايات بضربة واحدة، فلو ضربه ففقئت عيناه وشج رأسه فمات دخل قصاص الطرف في قصاص النفس، وأما إذا كانت الجنايات بضربات عديدة لم يدخل في قصاصها، أو يفرق بين ما كانت الجنايات العديدة متوالية كمن أخذ سيفا وقطع الرجل إربا إربا حتى مات، فيدخل قصاصها في قصاص النفس، وبين ما إذا كانت متفرقة كمن قطع يده في يوم وقطع رجله في يوم آخر وهكذا إلى أن مات، فلم يدخل قصاصها في قصاصها؟ وجوه، لا يبعد أوجهية الأخير، والمسألة بعد مشكلة، نعم لا إشكال في عدم التداخل لو كان التفريق بوجه اندمل بعض الجراحات، فمن قطع يد رجل فلم يمت واندملت جراحتها ثم قطع رجله فاندملت ثم قتله يقتص منه ثم يقتل[1] .

 

لعل هذه المسألة من أعقد المسائل في هذا الباب من القصاص، لوقوع الخلاف فيها من جهات عدة، تصل إلى الخلاف في التداخل وعدمه بين الجنايات. ويمكن تحرير المسألة بطرح الصور التالية:

1 – الصورة الاولى: ضربه ضربة واحدة فشج رأسه وأذهب عقله وبقي حيًا ولم يمت لما بعد السنة.

2 – الصورة الثانية: الصورة الأولى ولكنه مات إلى سنته.

3 – الصورة الثالثة: ضربه ضربة واحدة فشج رأسه وأذهب سمعه وبصره وقطع يده ورجله مثلًا فمات.

4 – الصورة الرابعة: نفس الصورة الثالثة ولكنه بقي حيًا ولم يمت.

5 – الصورة الخامسة: نفس الصورة الرابعة، وثم قتله بعد ذلك.

6 – الصورة السادسة: أن تكون الضربات متوالية وفي مجلس واحد حتى مات .

7 – الصورة السابعة: أن تكون الضربات متفرقة وفي أزمنة متعددة حتى مات.

ثم ما هو المتجه في قضيتي التداخل أو عدم التداخل في المقام؟.

ذهب السيد الماتن (قده) إلى القول بالتداخل في الجنايات، فلو قطع زيدٌ يد بكر مثلًا من الزند ثم قطعها من المرفق فمات بالسراية دخل دية الطرف في دية النفس، وعليه فيقتص منه لقتله دون دية الطرف أو القصاص فيها.

وهكذا فيما يشبهها من الصور كأن قطع يده ثم قطع رجله أو أذهب عقله وبصره مثلًا فمات، ولكنه (قده) لم يستبعد عدم التداخل والتفريق بين ما لو كانت الجنايات العديدة متوالية كمن أخذ سيفًا وقطع الرجل إربًا إربًا حتى مات، وبين ما إذا كانت متفرقة كمن قطع يده في يوم وقطع رجله في يوم آخر وهكذا إلى أن مات.

فقال بالتداخل في الصورة الأولى وبعدمه في الصورة الثانية.

والتحقيق في المقام يقتضي تحرير النزاع في المقام فنقول بعدم التداخل كقاعدة إلا ما خرج بالدليل، وذلك

أولاً: لأصالة عدم التداخل أولًا وأن لكل جناية قصاص أو دية

وثانيًا: لإطلاقات وعمومات الأدلة التي عرضناها في أول الباب من الكتاب والسنة.

إن قلت: إن ما يدل على التداخل هو الإجماع واتفاق الأصحاب كما ذكره المحقق وصاحب الجواهر[2] (رحمهما الله) واختاره الشيخ في المبسوط والخلاف وما عن الحلي(قده) في التبصرة، مع أن الشيخ في كتاب النهاية ذهب إلى عدم التداخل فيما لو كانت الجنايات بضربات عديدة وصحيحة أبي عبيدة الحذاء.

قلت: أما الإجماع فمناقش من جهتين:

الأولى: أن المسألة لم يحررها الكثير في كتبهم واقوالهم من المتقدمين مع اضطراب الفتاوى كما صرح به المحقق(قده).

والثانية: لإحتمال المدركية فيه بصحيحة أبي عبيدة الحذاء.

-(محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي عبيدة الحذاء، قال: سألت أبا جعفر (عليه‌ السلام) عن رجل ضرب رجلا بعمود فسطاط على رأسه ضربة واحدة فأجافه حتى وصلت الضربة إلى الدماغ فذهب عقله، قال: إن كان المضروب لا يعقل منها الصلاة ولا يعقل ما قال ولا ما قيل له، فانه ينتظر به سنة، فان مات فيما بينه وبين السنة اقيد به ضاربه، وإن لم يمت فيما بينه وبين السنة ولم يرجع إليه عقله اغرم ضاربه الدية في ماله لذهاب عقله، قلت: فما ترى عليه في الشجة شيئا؟ قال: لا، لانه إنما ضرب ضربة واحدة فجنت الضربة جنايتين فألزمته أغلظ الجنايتين، وهي الدية، ولو كان ضربه ضربتين فجنت الضربتان جنايتين لالزمته جناية ما جنتا كائنا ما كان إلا أن يكون فيهما الموت.فيقاد به ضاربه، فان ضربه ثلاث ضربات واحدة بعد واحدة فجنين ثلاث جنايات ألزمته جناية ما جنت الثلاث ضربات كائنات ما كانت ما لم يكن فيها الموت فيقاد به ضاربه ، قال: فان ضربه عشر ضربات فجنين جناية واحدة ألزمته تلك الجناية التي جنتها العشر ضربات)[3] .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo