< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

39/04/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القصاص.

مسألة (45): تتحق الشركة في القتل بأن يفعل كل منهم ما يقتل لو أنفرد كأن أخذوه جميعا فألقوه في النار أو البحر أو من شاهق، أو جرحوه بجراحات كل واحدة منها قاتلة لو انفردت، وكذا تتحقق بما يكون له الشركة في السراية مع قصد الجناية، فلو اجتمع عليه عدة فجرحه كل واحد بما لا يقتل منفردا لكن سرت الجميع فمات فعليهم القود بنحو ما مر ولا يعتبر التساوي في عدد الجناية، فلو ضربه أحدهم ضربة والآخر ضربات والثالث أكثر وهكذا فمات بالجميع فالقصاص عليهم بالسواء، والدية عليهم سواء، وكذا لا يعتبر التساوي في جنس الجناية، فلو جرحه أحدهما جائفة والآخر موضحة مثلا أو جرحه أحدهما وضربه الآخر يقتص منهما سواء، والدية عليهما كذلك بعد كون السراية من فعلهما[1] .

 

ما يرمي إليه الماتن (قده) من تحقق الشركة في القتل بأحد الأمرين:

الأول: أن يكون فعل كل واحد من الجناة قاتلًا فيما لو كان منفردًا كما لو جرحوه بجراحات متعددة لكن كل واحدة من الجراحات لو خليت ونفسها تكون قاتلة أو ألقوه في البحر أو النار أو من شاهق مثلًا .

الثاني: هو اشتراكهم على قتله بإنضمام فعل الجميع مما يؤدي إلى قتله حتى ولو لم يكن كل فعل بنفسه قاتلًا لكن سراية فعل كل واحد مع فقد الآخر بقصد الجناية هي القاتلة كما لو جرحه كل واحد من الجناة بما لا يقتل منفردًا ولكن سراية الجميع أدت إلى موته. مما دلت عليه الأدلة المتقدمة في المسائل السابقة من عمومات واطلاقات شاملة لكل من الموردين أعلاه بإعتبار صحة إستناد القتل إلى كل واحد منهم عرفًا في الأمر الأول، وتحقق القتل التسبيبي بالسراية مع قصد الجناية في الأمر الثاني مما تقدم الكلام عنه مفصلًا فلا نعيد.

وأما ما ذهب إليه (قده) من عدم إعتبار التساوي في عدد الجناية، كما لو ضربه أحدهم ضربة والآخر ضربتان والثالث ضربات وهكذا حتى مات، وعدم إعتباره أيضًا التساوي في جنس الجناية، كما لو جرحه أحدهما جائفة والآخر موضحة مثلًا، فالقصاص وحكمه (قده) بالقصاص عليهم جميعًا بالسواء والدية عليهم بالسواء، وذلك لإطلاق الأدلة وعدم اشتراط التساوي. واتفاق الأصحاب لكون الحكم قد تعلق بالطبيعة نفسها وهي واحدة لا تتكرر بتكرار الأفراد المأتي بها عند تعدد الأفعال، وهكذا في تنوع الجناية واختلاف جنسها فإن ذلك لا يعدو عن كون الطبيعة مشتركة بين جميع انواع الجنايات، والكل يفضي إلى تحقق الجناية وهي القتل. والله العالم.

 

مسألة (46): لو اشترك اثنان أو جماعة في الجناية على الأطراف يقتص منهم كما يقتص في النفس، فلو اجتمع رجلان على قطع يد رجل فإن أحب أن يقطعهما أدى إليهما دية يد يقتسمانها ثم يقطعهما، وإن أحب أخذ منهما دية يد، وإن قطع يد أحدهما رد الذي لم يقطع يده على الذي قطعت يده ربع الدية، وعلى هذا القياس اشتراك الجماعة[2] .

 

هذا مما لاخلاف فيه بل اُدعي عليه الإجماع، ويدل عليه معتبرة بل صحيحة أبي مريم الأنصاري:

-(محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي مريم الانصاري، عن أبي جعفر (عليه‌ السلام)، في رجلين اجتمعا على قطع يد رجل قال: إن أحب أن يقطعهما أدى إليهما دية يد أحد، قال: وإن قطع يد أحدهما رد الذي لم تقطع يده على الذي قطعت يده ربع الدية)[3] .

 

وهي صريحة بمضمون ما ورد في المتن بأن الولي مخيّر بين أن يقطع يد كل من الرجلين الجانيين بعد أداء دية يقتسمانها بين أن يأخذ منها دية يد، وهكذا لو قطع يد أحدهما رد الذي لم يقطع يده على الذي قطعت ربع الدية، ولا فرق بين الإثنين والأزيد في المقام للرواية المتقدمة والإجماع.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo