< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

37/12/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : النكاح واستحبابه .

بعون الله سنبدأ البحث في كتاب النكاح من كتاب "تحرير الوسيلة" للإمام

الخميني رضوان الله عليه، ((نعبر عن الإمام الخميني رضوان الله عليه بالسيّد الماتن)) وفي ابتداء كتاب النكاح ذكر السيد الماتن مقدمتين الأولى منهما مختصرة، والثانية مفصّلة.

قال السيد الماتن في مقدمته المختصرة:

و هو (النكاح) من المستحبّات الأكيدة، وما ورد في الحثّ عليه والذمّ على تركه مما لا يحصى‌ كثرةً، فعن مولانا الباقر قال: قال رسول اللَّه ‘: مَا بُنِيَ‌ فِي‌ الْإِسْلَامِ‌ بِنَاءٌ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ التَّزْوِيجِ.[1]

وعن مولانا الصادق : رَكْعَتَانِ يُصَلِّيهِمَا الْمُتَزَوِّجُ‌ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً يُصَلِّيهَا أَعْزبُ.[2]

و عنه قال: قال رسول اللَّه صلی‌الله علیه و آله‘: رُذَالُ مَوْتَاكُمُ‌ الْعُزَّاب‌.[3]

و في خبر آخر عنه : أَكْثَرُ أَهْلِ‌ النَّارِ الْعُزَّابُ.[4]

ولا ينبغي أن يمنعه الفقر والعيلة بعد ما وعد اللَّه عزّ و جلّ بالإغناء السعة بقوله عزّ من قائل‌ : إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ.

فعن النبي ‘: مَنْ‌ تَرَكَ‌ التَّزْوِيجَ‌ مَخَافَةَ الْعَيْلَةِ فَقَدْ أَسَاءَ بِاللَّهِ الظَّنَّ].‌

هذه الكلمات مقدمة موجزة ومختصرة ومفيدة للسيّد الماتن رحمة الله عليه.

توضيحات وتعليقات: أما ما أفاده السيد الماتن + في مقدمة هذا الكتاب من استحباب النكاح وتأكد استحبابه فهو المشهور بين الفريقين الشيعة والسنة ولكنه يحتاج إلى بيان وتحليل ضمن عدة أمور:

الأمر الأول: إنّ کلام السّيد الماتن يحتوي علي فرعين:

الفرع الأول: في الترغيب بالنكاح وبيان فضل أعمال المتزوج على غير المتزوج.

الفرع الثاني: في ذم ترك التزويج مخافة الفقر.

واللازم أن نبحث في کلا الفرعين بشكل مستقل، ولکن لمّا كان الفرعان مشتركَين في الأدلة، وجميع ما يرتبط بهما جاء في الأحاديث معاً فسنبحث فيهما بصورة مشتركة لا كل فرع على حدة إن شاء الله.

الأمر الثاني: الحكم الشرعي للنكاح سواء كان الاستحباب أو غيره إنما يمكن أن يتصور في صورتين کما صرح بهذا التقسيم أکثر الفقهاء في الكتب المدونة في الفقه:

الصورة الأولى: حكمه في حد نفسه من دون النظر إلى الطوارئ والعوارض، أي إن النكاح في حد نفسه هل هو مستحب أم مكروه أم واجب أم مباح؟

الصورة الثانية: حكمه بالنظر إلى الطوارئ والعوارض، وسيأتي الكلام فيها في المباحث الآتية إن شاء الله تعالى:

أما الصورة الأولى فقد ذكر السيد الماتن حكم النكاح فيها بأنه مستحب، ومراده هنا النكاح في حدّ نفسه لا بالنظر إلى العوارض، لأنه مع ملاحظة الطوارئ والعوارض ينقسم حكم النكاح إلى خمسة أقسام كما قال بعض العلماء منهم المحقق البحراني في الحدائق الناضرة، فإذا كان المكلّف يحتمل الوقوع في الزنا فحكم النكاح بالنسبة إليه هو الوجوب، وأما إذا كان النكاح موجباً لترك الواجب كترك الحج والزكاة فحكمه الحرمة كما سيأتي بيانه إن شاء الله.

واستحباب النكاح ثابت في الشّرع، ويمکن أنْ يقال أنّ استحبابه مستحب مؤكد کما قال به السيد الماتن .

 

الأقوال في المسألة:

قال السيد الماتن النكاح من المستحبات الأكيدة، وفيه أقوال: فبعضهم يقول باستحبابه مطلقاً، ويقول البعض: إذا اشتاق إلى النكاح فهو مستحب.

وقال الشيخ الصدوق: النكاح سنة النبي ‘، ثم ذکر بعد ذلك عدة روايات تدل بمضمونها أو ظاهرها علي استحباب النكاح[5] .

وقال العلامة الحلي - وهو الحد الفاصل بين القدماء والمتأخرين- يستحب النكاح خصوصاً مع شدة الطلب....[6]

وقال صاحب الجواهر: >النكاح مشروع بل مستحب لمن تاقت واشتاقت نفسه إليه من الرجال والنساء کتاباً، وسنةً مستفيضةً أو متواترة، وإجماعاً بقسميه من المسلمين فضلاً عن المؤمنين، أو ضرورةً من المذهب بل الدين<[7] .

وكما تلاحظ فقد استدل صاحب الجواهر على ذلك بثلاثة أدلة: الأوّل: من الكتاب، والثّاني: من السُّنة مستفيضةً أو متواترةً - تواتراً معنوياً لا لفظيَّاً، لأنّ التواتر اللفظي نادرٌ جداً- والثالث: الإجماع بقسميه المنقول والمحصَّل، وكذا قال صاحب الجواهر بالقسمين الآخرين إجماع المسلمين وإجماع المؤمنين، فتأمّل.

وقال اليزدي صاحب العروة: >النكاح مستحبٌّ في حدّ نفسه بالإجماع والکتاب والسنة المستفيضة بل المتواترة<[8] [9] .


[5] الهداية، للصدوق، ص257، باب145.
[8] العروة الوثقی: بداية کتاب النكاح.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo