< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

39/01/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حكم نظر الأجنبي إلى الأجنبيّة:

بعد أن تحدثنا عن معنى التلذذ والريبة وذكرنا ما قاله الشيخ الأنصاري وذكرنا المقامين من البحث .

المقام الأوّل: قصد التلذذ من النظر المقام الثاني: حصول التلذذ أثناء النظر، ويمكن للفقيه أن يفرق بين المقامين، قصد التلذذ وحصول التلذذ ولكن الشيخ في مقام الفتوى قال الأدلة منحصرة في قصد التلذذ وهي - برأيه- لا تشمل حصول التلذذ بل هي خارجة عنه.

وأما السيد الحكيم فقد استشكل على الشيخ الأنصاري وقال بأن المرتكزات الشرعيّة توجب تقييد إطلاق أدلة المقامين، والمتشرعة لا يفرقون بين المقامين (قصد التلذذ والريبة وحصولهما) فعلى رأي السيد الحكيم إذا حصل التلذذ أثناء النظر فحرام، أي يجب الكف والسيد الخوئي يقول يمكن التفكيك بين المقامين، ونحن هنا نذكر عبارة السيد الخوئي + فقد تعرض تلويحاً إلى التفصيل المذكور في كتاب الصلاة في ضمن بيان حكم النظر إلى الوجه والكفين من الأجنبية واستدل على ذلك بخبر علي بن سويد المتقدم و هو ما حاصله:

(فقد يلتذ الإنسان من النظر إلى وجه ولده الجميل من دون أن يخطر بباله انبعاث هذه اللذة عن الشهوة و الغريزة الجنسية، و كذا غير ولده من الأمثلة المتقدمة، فهذا التفكيك متحقق حتى في النظر إلى المرأة الجميلة الأجنبية كما هو ظاهر. ففصّل الإمام (عليه السلام) في الجواب بين هذين النوعين، و خصّ الجواز بالنوع الأوّل الذي عبّر (عليه السلام) عنه بقوله: «إذا عرف الله من نيتك الصدق».

و يؤيّده قوله (عليه السلام) بعد ذلك: «و إيّاك و الزنا» فانّ التحذير عن الوقوع في الزنا قرينة قطعية على أنّ المراد من النظر المنفي عنه البأس ما كان من النوع الأوّل المأمون عن الزنا، دون الثاني الذي هو معرض للافتتان و يؤدي إلى الزنا غالباً) [1]

لكن السيد الخوئي بعد أن حقق أن النظر إلى الوجه والكفين من غير قصد الريبة جائز وإن حصل للناظر التلذذ والريبة بعد النظر أو حين النظر، فقد احتاط في الفتوى وقال بتركه احتياطاً للواجب وهذا بيانه.

لكن مع ذلك كلّه في النفس منه شيء، و الجزم به مشكل جدّاً، و لا مناص من الاحتياط الوجوبي في المقام.[2]

والفقيه كثيراً ما يحتاط في مقام الفتوى .

فتلخص مما ذكرنا أن النظر يتصور بصورتين: إحداهما مع قصد الريبة وثانيهما مع حصول التلذذ من دون القصد قبل النظر وحين النظر.

ولا ريب في أن النظر إلى الوجه والكفين مع قصد الريبة والتلذذ حرام بلا خلاف، ولكن الكلام في الصورة الثانية، ولها أيضا صورتان: إحداهما في مورد علمه بحصول التلذذ بعد النظر، وثانيهما : عدم علمه بحصوله له.

والأول أيضا لا إشكال في حرمته، وأما الثاني أي في صورة عدم علمه، فإنه وإن كانت الأدلة لا تشملها ، لأنها خارجة عن قصد الريبة، وملاك الحرمة في النظر هو القصد المذكور وهو منفي هنا، لكن من حيث حصوله بعد النظر وهو يبقى مادام النظر باقياً، فالاحتياط يقتضي الحرمة والترك أيضاً، والحق مع السيد الخوئي + في القول بالاحتياط.

و يؤيد هذا الاحتياط حسنة ربعي بن عبد الله الموجودة في (من لا يحضره الفقيه) عن الإمام الصادق يقول:

( وَ كَانَ ع يُسَلِّمُ‌ عَلَى‌ النِّسَاءِ وَ يَرْدُدْنَ عَلَيْهِ السَّلَامَ وَكَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يُسَلِّمُ‌ عَلَى‌ النِّسَاءِ وَ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى الشَّابَّةِ مِنْهُنَّ وَ قَالَ أَتَخَوَّفُ أَنْ يُعْجِبَنِي صَوْتُهَا فَيَدْخُلَ مِنَ الْإِثْمِ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِمَّا أَطْلُبُ مِنَ الْأَجْرِ).[3]

وأكثر الأخبار التي استدل بها البعض على إطلاق القول بالمنع مخصَّصة بالمورد الذي يكون فيه قصد الريبة والتلذذ، و سيأتي بيانه في الوجه الثالث إن شاء الله.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo