< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

39/02/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حكم النظر إلى الأجنبيّة:

كنا نتحدث في الاستدلال بالسنة على الجواز النظر بالصحيحة الثمالي وقلنا بأن لا إشكال في سندها بل اشكال في دلالتها : وهو إيراد مدفوع:

لأن ما ذُكر هو من المسلَّمات التي لا يُعدل عنها، ويمكننا الاستظهار بأن المسلَّم عندهم أنّ في جسد المرأة نوعين من المكان: مكانٌ لا يصلح النظر إليه، ومكان ٌيصلح النظر إليه. والإمام تبعاً للسائل أرسل ذلك إرسال المسلمات، بعبارة أخرى: هناك أمرٌ مسلم به، وهو أنّ ثمّة أماكن في جسد المرأة يصلح النظر إليها ولكننا لا نعلم أين هي؟ فنأخذ بالقدر المتيقن في حال عدم تعيينها. والقدر المتيقن مما يصلح النظر إليه هما الوجه والكفان. لذلك فنحن لا نتّكل في مقام الاستدلال على مفهوم الوصف كي يمكن البحث عن إثبات المفهوم له أو لا، بل نتّكل على المسلّمات الموجودة بعنوان المسلّمات العرفية، والسائل في سؤاله الإمام عن كيفية علاج المرأة في مكانٍ لا يصلح النظر إليه نجده أيضاً قد اعتمد علي هذه الخلفية! وبهذا البيان فإنه يجوز الاستدلال بهذا الحديث حتى عند من لا يقول بمفهوم الوصف.

ومنها: صحيحة فضيل: حَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِيلٍ عَنِ الْفُضَيْلِ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الذِّرَاعَيْنِ مِنَ الْمَرْأَةِ هُمَا مِنَ الزِّينَةِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ؟ قَالَ: نَعَمْ وَمَا دُونَ الْخِمَارِ مِنَ الزِّينَةِ وَمَا دُونَ السِّوَارَيْنِ. [1]

كيفية الاستدلال:

أنّ في الخبر تصريحاً بأن ما دون الخمار وما دون السّوار من الزينة التي يجب على المرأة سترها وعدم إبدائها، وبالملازمة فإنّه لا يجوز النظر إليها، ومن المعلوم أنّ الخمار لا يستر الوجه والکف فوق السوار لا دونه، وبهذا البيان فإن الوجه والکفين خارجان عن الزينة المحرم إبداؤها، فتدل علي جواز النظر إلي الوجه والکفين من المرأة الأجنبية من دون تلذّذ وريبة.

وللسيد الخوئي إيرادٌ على الصحيحة يمكن دفعه، حيث قال: بعدم وجود الملازمة ونحن قد قبلنا الملازمة.

قال السيد الخوئي: على أنّ الصحيحة في الحرمة أظهر من الجواز فإن الظاهر أنّ المراد بما دون الخمار هو ما يعم الوجه أيضا، لأنّه ممّا يكون على الرأس، فيكون الوجه ممّا هو دونه لا محالة، ولا مبرِّر لملاحظة الخمار من أسفله أعني ما يكون على الذقن كي يقال : أن ما دونه هو الرقبة خاصة، بل ما دونه الوجه فما دون كما أنّ الظاهر بل الواضح أن المراد بما دون السوارين هو ما يکون دونهما إلي أطراف الأصابع، وحمل ذلک علي الفاصلة اليسيرة بينهما وبين الكف، بحيث يكون الكفّ خارجاً من قوله، وما دُون السّوارين لا يخلو من تعسّف. إذن فالرواية تدل على أنّ الذراعين وما دونهما إلى أطراف الأصابع والخمار وما دونه مطلقاً من الزينة المحرم إبداؤها فلا يبقى وجهٌ للاستدلال بها على جواز النظر إلى الوجه والكفين).[2]

ولکن يرد عليه اعتراضان:

الأول: إنّ لكلمة ((مادون)) معنيين: أحدهما: الأسفل، والثاني الباطن، ولا دليل علي أنّ المراد من كلمة ((مادون)) الأسفل، بل يحتمل أن يکون المراد منها هو الباطن، فإن كان الأمر كذلك، انتفى ما أورده السيد الخوئي على الرواية، لأن الزينة المحرّم إبداؤها - بحسب المعنى- هو ما كان في باطن الخمار وباطن السوار، ومعلومٌ أنّ الوجه والکفين ليسا كذلك، بل هما خارجان عما صرّح به الخبر، وإذا كانا خارجين عن الزينة فهما داخلان في ما ظهر من الزينة غير المحرم إبداؤها، والاستدلال بها علي الجواز يکون في محله، ولا يرد عليه شيء.

والثاني: إنّ لفظة ((ما دون)) بكلا المعنيين إذا استعمل في عبارةٍ يدور مدارهما فيما استعملا فيه، وما استعمل في الرواية يدور مدار ما يستره الخمار، وما يستره السوار، وما يستره الخمار هما الرأس والرقبة، وأنّه لا ربط لهما بالوجه، وأمّا ما يستره السوار فهو اليدين لا الكفين، وإذا قيل ((ما دون)) ذلک فهو بمعني ما دون السوار من اليدين لا ((ما دونه)) من الکفين.

فعلى کل حال الوجه والکفان خارجان عما يشمله الخبر، فدلالته علي الجواز لايرد عليها شيء. ويؤيد ما قلنا ما قاله أکثر الفقهاء نظير صاحب الحدائق و غيره.

((قوله عليه السلام : " وما دون الخمار " أي ما يستره الخمار، من الرأس والرقبة، فهو من الزينة، وما خرج عن الخمار من الوجه، فليس منها، "وما دون السوارين " يعني من اليدين، وهو ما عدا الكفين ، وكأن " دون " هنا في قوله " دون الخمار " بمعنى تحت الخمار، ودون السوار بمعنى تحت السوار، يعني الجهة المقابلة للعلو، فإن الكفين أسفل، بالنسبة إلى ما فوق السوارين من اليدين)). [3]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo