< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

35/06/01

بسم الله الرحمن الرحیم


العنوان: يحرم تنجيس كلمات القرآن الكريم

مسألة 21 :يحرم تنجيس كلمات القرآن الكريم، وكلّ هتك لكتاب الله العزيز، وتجب إزالة النجاسة عن الآيات المباركة، والأحوط وجوباً ـ مع عدم الهتك ـ عدم تنجيس ورق المصحف الشريف وجلده وغلافه، وعدم مسِّ خطه بالعضو المتنجس، وإن كان متطهراً من الحدث، كما أنّ الأحوط وجوباً تطهير جلد القرآن الكريم وغلافه . وأما إذا كان أحد هذه بقصد الإهانة فلا إشكال في حرمته، وقد يؤدّي إلى الكفر.

لا شكّ ولا إشكال في حرمة إهانة كتاب الله العزيز، بل لا يبعد أنّ مَن يفعلُ ذلك عالماً عامداً أن يُعَدَّ من الكافرين بالله العظيم، ومصاديق الإهانة كثيرة لا تحصى، ومن مصاديق ذلك تنجيس كلمات القرآن، ولذلك يحرم تنجيسه ويجبُ إزالةُ النجاسات عنه، قال الله تعالى[ لا يَمَسُّهُ إلاّ المطهّرون ][1] وهذا يدلّ على عظمته الشريفة التي يُعلم من خلالها حرمة هتكه ووجوب تقديسه، وروى في الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابراهيم بن عبد الحميد(ثقة له أصل) عن إسحاق بن غالب(ثقة) قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) ـ في حديثه عن القرآن الكريم ـ : ( .. فيقول الجبار: وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لاُكْرِمَنَّ اليومَ مَن اَكْرَمَكَ، ولاُهِينَنَّ مَن أهانَكَ ) وفي رواية أبي الجارود(زياد بن المنذر مذموم) قال قال أبو جعفر (عليه السلام) : ( قال رسول الله (ص) : أنا أول وافد على العزيز الجبار يوم القيامة، وكتابُه، وأهلُ بيتي ثم اُمَّتي، ثم أسألُهُم ما فعلتم بكتاب الله تعالى وأهل بيتي )[2] .
على أيّ حال، فليس كلامنا هنا في ذلك لأنه من الاُمور المتسالم عليها بين المسلمين، إنما الكلام في حرمة تنجيس نفس الورق دون الكلمات، ولو بنقطة دم مثلاً وفي وجوب إزالة النجاسة عن الورق، لكن بشرطين : (1) إن لم تكن النجاسة على نفس الكلمات وإلاّ لحرم ذلك لأنه هتك واضح، و(2) لم يوجد إهانة أو هتك، نستجيرُ بالله .
فأقول : لم يدلّ دليل على حرمة تنجيس ورق القرآن الكريم أو على وجوب تطهيره إن توفّر كلا الشرطين، فلو وقعت نقطة دم ـ مثلاً ـ على ورقة من أوراق القرآن الكريم ولم تمسّ الآيات المباركة ولم يكن فيها هتك لكتاب الله، لم يجب تطهيره قطعاً، ولك أن تتمسّك بالبراءة . كما لم يثبت حرمة أن يمسّ الشخص بيده المتنجّسة كتابَ الله تعالى مع عدم مسّ نفس الكلمات، وعدم الهتك، ولك أن تتمسّك بالبراءة أيضاً ...
ولكن مع ذلك يجب القول بأنك إن أردت أن تبعث برسالة إلى ملك من الملوك تتقرّب فيها إليه أو تطلب فيها قضاءَ حاجة، فهل ترسل إليه رسالة فيها نقطة دم مثلاً أو نجاسة أو وسَخاً لا يليق بجنابه ؟! ولذلك وبأدنى تأمّل ترى أنه يجب أن نُجِلّ اللهَ تعالى ونستحيي منه من أن نأخذ كتابَه الكريم بِيَدٍ متنجّسة ..
ومن هنا استشكل السيد الخوئي بجواز تنجيس ورق القرآن الكريم واستشكل على عدم وجوب إزالة النجاسة عنه قائلاً بأنّ ورق القرآن الكريم إكتسب الشرافةَ والحرمة بإضافته إلى القرآن، كما اكتسب الخشبُ والحديد والفضّةُ والذهبُ البركةَ والشرافةَ بإضافتها إلى أحد الأئمّة (عليهم السلام) ولأجل هذا احتاط لزوماً في هذين الحكمين، أي في تنجيس ورق القرآن الكريم وجلده وغلافه وفي عدم تطهيره، وهو احتياط جيد وفي محلّه، وذلك لعلمنا بأنّ الله تعالى لا يرضى بأقلّ مراتب الإهانة أو الهتك لكتابه المقدّس، بل الورَع يقتضي عدم تنجيس ورق القرآن الكريم، كما ويقتضي لزوم تطهيره حتماً، وليس كلّ أمر مشكوك يستطيع الفقيه أن يجري فيه البراءة .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo