< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

35/06/15

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: أحكام بيع الأعيان النجسة

مسألة 31 : لا شكّ في جواز الإنتفاع بالأعيان النجسة فيما لا فساد فيه، وكذا لا شكّ في جواز بيعها في غير وجوه الفساد، فيجوز بيعها للكفّار إن كانوا يستحلّونها، كما ويجوز بيعها للمسلمين فيما لا يشترط فيه الطهارة، أمّا ما فيه فساد فلا شكّ في حرمة بيعِهِ وبيعُهُ باطل، بل لو أتلفه شخص فهو غير ضامن، وسيأتي الكلامُ ـ في كتاب المكاسب المحرّمة ـ في بيع الخمر والكلاب والخنزير بالتفصيل(234).

ذكرنا أدلّة ذلك مفصّلاً في مسألة 2 من بدايات هذا الكتاب عند قولنا "لا مانع من بيع ما لَهُ قيمةٌ عقلائية كرَوْثِ مأكول اللحم وبول الإبل، وكذا يجوز بيعُ عذرة غير المأكول على فرض الإنتفاع بها ـ للتسميد مثلاً ـ وأمّا التسميد بها فلا شكّ في جوازه .."، وكذا ذكرناها مفصّلاً في مسألة 10 عند قولنا "يحرم شرب الموائع النجسة، وكذا يحرم أكل النجاسات إلا في الضرورة، ويجوز سقيه للحيوانات، بل وللأطفال أيضاً مع عدم الضرر، ويجوز بيعه مع الإعلام"، وقلنا إنه لا شكّ في جواز بيع ما لَهُ قيمةٌ عقلائية، كرَوث مأكول اللحم لأنه مال يَبذُِل العقلاءُ في مقابله المال، وذلك لأنه يُستعمَلُ في تسميد الأراضي الزراعية، وهذا أمر لا إشكال فيه عند العلماء، وكذا عذرة غيره من السباع لو كان له قيمة عقلائية يُبذَلُ في مقابلها مال، وذلك لقوله تعالى[اَوفُوا بالعُقُود] وقوله [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ] ([1]) وتمسّكاً بالسيرة العقلائية والمتشرّعية ولأصالة البراءة .
ولا يصحّ الإستدلال برواية تحف العقول التي ورد فيها ( واَمّا وجوه الحرام من البيع والشراء فكل أمر يكون فيه الفساد مما هو منهيّ عنه من جهة أكله وشربه أو كسبه أو نكاحه أو ملكه أو إمساكه أو هبته أو عاريته، أو شيء يكون فيه وجه من وجوه الفساد نظير البيع بالربا، لما في ذلك من الفساد، أو البيع للميتة أو الدم أو لحم الخنزير أو لحوم السباع من صنوف سباع الوحش أو الطير أو جلودها أو الخمر أو شيء من وجوه النجس، فهذا كله حرام ومحرم، لأنّ ذلك كله منهِيّ عن أكله وشربه ولبسه وملكه وإمساكه والتقلب فيه بوجه من الوجوه لما فيه من الفساد، فجميع تقلبه في ذلك حرام وكذلك كل بيع ملهو به وكل منهي عنه مما يتقرب به لغير الله )،
وذلك لإرسالها عن الإمام الصادق (عليه السلام)من دون أيّ سند، على أنّ الرواية إنما حرّمت البيع والشراء للاُمور المذكورة كالبيع الربويّ أو بيع المَيتة أو الدم أو لحم الخنزيرأو سباع الوحش أو الطير أو جلودها أو الخمر لما في ذلك من الفساد، وفرْضُنا غيرُ ذلك .
وأمّا التسميد بالروث والعذرات فلم يدلّ دليل على حرمته، فيُرجَع إلى أصالة البراءة، على أنّ التسميد بالعذرات الطاهرة كان ـ ولا يزال ـ أمراً شائعاً من أيام المعصومين (عليهم السلام) ولم يَرِدْ في ذلك ردْعٌ وإلاّ لوصَلَنا .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo