< قائمة الدروس

بحوث الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

35/08/12

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: مَن صلّى في نجاسةٍ ناسياً
إذا صلَّى في النجس فإن كان عن علم وعمد بطلت صلاته،
وأما إذا كان ناسياً فالأقوى وجوب الإعادة أو القضاء مطلقاً، سواء تذكر بعد الصلاة أو في أثنائها، أمكن التطهير أو التبديل أم لا.

إذا كان ناسياً فالأقوى وجوب الإعادة أو القضاء مطلقاً، سواءً تذكّر بعد الصلاة، أم تذكّر في أثنائها، وسواءً تمكّن من التطهير أو تمكّن من إلقاء ثوبه، وذلك على المشهور، بل ادّعي عليه الإجماع في الغنية وشرح الجمل للقاضي ابن البرّاج . وعن السرائر نفي الخلاف فيه إلاّ من الشيخ في الإستبصار خاصّة . والنصوص فيه مستفيضة ...
الرواية التاسعة ـ ما رويناه قبل قليل عن محمد بن مسلم قال قلت له : الدم يكون في الثوب علَيَّ وأنا في الصلاة ؟ قال : ( إنْ رأيتَه وعليك ثوبٌ غيرُه فاطرَحْه وصَلَّ في غيره، وإن لم يكن عليك ثوبٌ غيرُه فامْضِ في صلاتك ولا إعادةَ عليك ما لم يزد على مقدار الدرهم، وما كان أقل من ذلك فليس بشيء، رأيته قبلُ أو لم تَرَهُ، وإذا كنت قد رأيتَه وهو أكثر من مقدار الدرهم فضَيَّعْتَ غَسْلَه ـ أي نَسِيتَ غَسْلَه ـ وصلَّيتَ فيه صلاةً كثيرة فاَعِدْ ما صَلَّيْتَ فيه )([1]) صحيحة السند، وقولُه ( وصلَّيتَ فيه صلاةً كثيرة)صريح في وجوب القضاء .

ـ هذا وروى في التهذيبين بإسناده الصحيح عن محمد بن الحسن الصفار عن أيوب بن نوح عن صفوان بن يحيى قال : حدثني عمرو بن أبي نصر(السكوني، هو عمرو بن زيد وقيل زياد، ثقة له كتاب) قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أبول وأتوضأ وأنسَى استنجائي ثم أذكر بعدما صليت ؟ قال : ( اِغسلْ ذكرَك واَعِدْ صلاتَك ولا تُعِدْ وضوءَك )([2]) .
ولكن رواها في التهذيبين أيضاً بإسناده عن سعد بن عبد الله عن الحسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة عن العباس بن عامر القصباني عن المثنَّى(بن الوليد)الحنّاط(لا بأس به) عن عمرو بن أبي نصر قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إني صليت فذكرت أني لم أغسل ذكري بعدما صليت، أفأعيد ؟ قال : ( لا )([3]) مصححة السند .
ـ ومثلهما في الإشكال في المتن ما رووه في الكافي عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن زرعة(بن محمد الحضرمي ثقة واقفي) عن سَماعة(بن مِهْران ثقة) قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام): ( إذا دخلت الغائط فقضيت الحاجة فلم ترق ( تهرق ـ خ) الماء ثم توضأت ونسيت أن تستنجي فذكرت بعدما صليت فعليك الإعادة، وإن كنت أهرقت الماء فنسيت أن تغسل ذكرك حتى صليت فعليك إعادة الوضوء والصلاة وغسل ذكرك، لأنّ البول ليس مثل البراز )([4]) موثّقة السند . وكذا رواها في التهذيب([5]) والإستبصار، كلاهما عن الكافي بنفس السند عن سماعة فقط، ممّا يعني أن هذه النسخة كانت هكذا في نسخة الكافي الموجودة عند الشيخ الطوسي .
هذا ولكن رواها في التهذيب أيضاً([6]) قال : المفيد عن ابن قولويه عن أبيه عن سعد عن أحمد عن أبيه عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن حسين بن عثمان(ثقة) عن سماعة بن مهران عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) : ( إن أهرقت الماء ونسيت أن تغسل ذكرك حتى صليت فعليك إعادة الوضوء وغسل ذكرك ) صحيحة السند، وكذا رواها الصدوق في علل الشرائع قال : حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن إبراهيم بن هاشم عن إسماعيل بن مرار عن يونس بن عبد الرحمن عن زرعة عن سماعة قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) : ( إذا دخلت الغايط فقضيت الحاجة ولم تهرق الماء، ثم توضأت ونسيت ان تستنجي فذكرت بعدما صليت فعليك الإعادة، واِنْ كنت قد هرقت الماء ونسيت اَن تغسل ذكرك حتى صليت فعليك إعادة الوضوء وغسل ذكرك، لأنّ البول مثل البراز ) والمظنون أنّ زيادة (الصلاة) جاءت من الشيخ محمد بن يعقوب الكليني .

وقال السيد محسن الحكيم في مستمسكه ما يلي : ( هذا وربما نُسِبَ إلى الشيخ القول بالصحة ونفي الإعادة، وظاهر المعتبر الميل إليه، وفي المدارك الجزم به، ووافقه عليه غيره ..) (إنتهى) .
ويستدلّ على ذلك بما يلي :
1 ـ ما رواه في التهذيبين بإسناده الصحيح عن محمد بن علي بن محبوب عن أحمد بن محمد(بن عيسى) عن الحسن بن محبوب عن العلاء(بن رزين القلاّء) عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال : سألته عن الرجل يصيب ثوبه الشيء ينجسه فيَنسَى أن يغسله فيصلي فيه، ثم يذكر أنه لم يكن غسله، أيعيد الصلاة ؟ قال : ( لا يعيد، قد مضت الصلاة وكتبت له )([7]) صحيحة السند .
2 ـ وروى في التهذيبين أيضاً بإسناده الصحيح عن محمد بن علي بن محبوب عن أحمد بن محمد عن موسى بن القاسم(بن معاوية بن وهب ثقة) عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليهم السلام)قال : سألته عن رجل ذَكَرَ وهو في صلاته اَنّه لم يستنجِ من الخلاء ؟ قال : ( ينصرف ويستنجي من الخلاء ويعيد الصلاة، وإن ذَكَرَ وقد فرغ من صلاته فقد أجزأه ذلك ولا إعادة عليه )([8]) صحيحة السند .
3 ـ وأيضاً في التهذيبين بإسناده عن سعد بن عبد الله عن موسى بن الحسن(بن عامر الأشعري القمّي ثقة عين جليل القدر صنّف ثلاثين كتاباً) والحسن بن علي عن أحمد بن هلال([9]) عن محمد بن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الرجل يتوضأ وينسى أن يغسل ذكره وقد بال ؟ فقال : ( يغسل ذكره ولا يعيد الصلاة )([10]) ضعيفة السند بـ أحمد بن هلال .

ولعلّ هذه الروايات الثلاثة ونحوها دعت صاحبَ المدارك أن يقول في كتابه ما يلي، قال([11]) ... ذكرناه كلّه في الدرس السابق .

أقول : لا شكّ أنّ الرجوع إلى العمومات المذكورة صعبٌ على الفقيه، وكذا حمْلُ كلّ تلك الطائفة المشهورة على الإستحباب صعب أيضاً، وذلك لعدّة أسباب :
منها : مخالفة صحيحة العلاء ونحوها للشهرة الروائية الواضحة الآمرة بالإعادة والتي لا تفصّل بين الوقت وخروجه، وأنت تعلم أنّ الشهرة الروائية من جملة المرجّحات . على أنّ نفس الشيخ الطوسي حينما نقلها في التهذيب وصفها بأنها شاذّة فقال "فإنه خبر شاذّ لا يعارَضُ به الأخبارُ التي ذكرناها هاهنا وفيما مضى من كتاب الطهارة"([12]).
ومنها : أنّ الروايات المشهورة ظاهرة في أنها في محلّ البيان والتفصيل .
ومنها : ترجيح الطائفة المشهورة بالتعليل الصريح في موثّقة سَماعة السابقة، فإنّ قولَه (عليه السلام)( يُعيد صلاتَه كي يَهتم بالشيء إذا كان في ثوبه، عقوبةً لنسيانه ) لا يناسب الإستحباب، أعني أنّ العقوبة لا تناسب الإستحباب .
ومنها : أنّ حمْل أخبارِ الأمر بالإعادة ـ الظاهرة في بطلان الصلاة ـ على استحباب الإعادة بعيد في نفسه، خاصةً وأنّ بعض الروايات تفصّل بين الجهل ـ فلا توجب الإعادة ـ وبين النسيان ـ فتوجب الإعادة ـ الظاهرة في بطلان الصلاة .
ومنها : موافقة صحيحة العلاء ونحوها للعامّة، فقد نسب العلاّمة في التذكرة عدمَ الإعادة على الناسي إلى أحمد، ونسبَه الشيخ إلى جملة معظّمة من علمائهم كالاُوزاعي والشافعي في القديم وأبي حنيفة، وقال : روى ذلك عن ابن عمر، وأنت تعلم أنّ مخالفة العامّة من المرجّحات .
كلّ هذا يبعّد جداً


[9] قال عنه الشيخ الطوسي كان غالياً متّهماً في دينه، وقد روى أكثر اُصول أصحابنا، وقال عنه في يب والذي لا يعمل بما يختصّ بروايته، وقال عنه جش صالح الرواية يعرف منها وينكر، ورد فيه ذموم عن سيّدنا أبي محمد العسكري عليه السلام، ولد سنة 180 هـ ق وتوفّي 267 هـ، وقال عنه في صة : توقّف ابن الغضائري في حديثه إلاّ فيما يرويه عن الحسن بن محبوب من كتاب المشيخة ومحمد بن أبي عمير عن نوادره، وقد سمع هذين الكتابين جلّ أصحاب الحديث .واعتمدوه فيها، وعندي أنّ روايته غير مقبولة، وعن سعد بن عبد الله الأشعري أنه رجع عن التشيّع إلى النصب، ووصفه الكشّي أنه الملعون المذموم .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo