< قائمة الدروس

بحوث الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

35/08/21

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: تمام الكلام في العلم الإجمالي بالنجاسة

وأمّا لو عَرَضت النجاسةُ وحصل عنده شكّ في أنها إمّا وقعت على ثوبه الذي يلبسه فعلاً في صلاته وإمّا وقعت على الثوب الآخر، سواءً تبيَّنَ أنها وقعت على ثوبه الذي يصَلّي فيه فعلاً أو لم يتبيّن ذلك، فإنه يجب عليه أن يعيد صلاته، لأنّ هذا العلم الإجمالي منجّز عليه عقلاً، وهو بمثابة أنه عالِمٌ شرعاً .
أمّا لو انتفى الطرفُ الآخَرُ عقلاً أي انعدم ـ كما لو كان الطرفُ الآخرُ البحرَ مثلاً ـ ثم علم زيدٌ بوقوع قطرة النجاسة على أحد الطرفين فهنا لم يتّضح لزوم الإجتناب عن الطرف الباقي فلا بأس بجريان الاُصول المؤمّنة في الثوب عقلاً(249) . مثال آخر : لو طفرت قطرة نجاسة ووقعت إمّا في المرحاض وإمّا على الثوب، ففي هكذا حالة لك أن تستصحب بقاء طهارة ثوبك، لعدم علمك بوقوع النجاسة على ثوبك، وعليه فإن تبيّن بعد الصلاة أنّ النجاسة كانت قد وقعت على الثوب فلا بأس، أي لا تعيد صلاتك، لأنك كنت جاهلاً شرعاً، وقد كنت مجازاً شرعاً بإجراء الاُصول الترخيصيّة في الثوب الواقع تحت ابتلائك، ولذلك هذا العلم الإجمالي لا يكون منجّزاً عليك شرعاً، وإن كان الإحتياط حسناً .
وأمّا لو عَلِمَ الشخصُ بنجاسة أحد الإناءين مثلاً ثم تلف أحدُهما أو أنه طَهّرَه فلا يجوز له شرب الإناء الآخر، وذلك لبقاء العلم الإجمالي على التنجيز .
وأمّا لو خرج الطرف الآخر عن محلّ الإبتلاء عرفاً ـ كما لو ذهب صاحب الثوب الآخر إلى الصين، وزيد صاحب الثوب الأوّل لبنانيّ مثلاً، ولا يذهب إلى الصين عادةً، ولو ذهب فإنه لن يعرف صاحبَ الثوب عادةً ـ ففي هكذا حالة يجب الإحتياط عقلاً بترك الطرف الموجود عند زيد، وذلك لوجود علم إجمالي بين نجاسة ثوب زيد وثوب الصيني، أو بين إناء زيد وإناء الصيني، فلا الصيني ـ إن كان مسلماً ـ يمكن له أن يصلّي بثوبه، ولا زيد يمكن له أن يصلّي بثوبه، وكذا لا يمكن للصيني أن يشرب إناءه، ولا يجوز لزيد أن يشرب إناءه .

أوضحنا ذلك مطوّلاً في شرحنا على الحلقة الثالثة من دروس في علم الاُصول، واستدللنا على ذلك بالعقل، وأنّ العلّة للإحتياط هو وجوب الإبتعاد عن النجس الواقعي، وهو ما يسمّى بـ مسلك العِليّة .
أمّا إذا كانت بعض أطراف العلم الإجمالي خارجة عن محلّ الإبتلاء تماماً، كما في فرض مثال المتن، فإنه لا ينظر إلى النقطة التي وقعت في البحر مثلاً أو في المرحاض، عقلاً وشرعاً، فلا مانع عقلاً من جريان الطهارة في الطرف الباقي . وبتعبير آخر : لك أن تُجري قاعدة الطهارة بلا أيّ مانع عقلي، لأنّ لك أن تقول "هل تنجس ثوبي هذا أم لا ؟" فَلَكَ أن تُجري قاعدةَ الطهارة .
ولكن إن كان الطرف الآخر قد خرج عن محلّ الإبتلاء خروجاً عرفياً فلا يصحّ أن تجري الاُصول الترخيصية في الطرف الباقي تحت الإبتلاء، وإنما يجب الإجتناب عنه، مثال ذلك : ما لو تردّد الأمر بين ما لو وقعت قطرة النجاسة إمّا على ثوبي وإمّا على ثوب صيني كنّا نحن وإياه في المطار فطار الصيني إلى الصين، وبحسب العادة لن ألتقي به في عمري أبداً، وذلك لأنّ العرف لا يجرون الاُصول الترخيصية في هكذا حالة، لأنهم لا يفهمون من قولهt " كلّ شيء نظيف حتى تعلم أنه قذر" أو " كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال .." جريان هذه الاُصول الترخيصية في مورد العلم الإجمالي المذكور .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo