< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

36/06/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : بقيّة الكلام في لزوم غسل مخرج البول

يجب غسل مخرج البول حتى تزول النجاسة، ويكفي المرّة الواحدة353 لأنّ الهدف هو زوال النجاسة، ولا يُجزئُ في مخرج البولِ غيرُ المائع .

(353) في هذه المسألة عدّة نقاط :
الاُولى : هل يتعيّن إزالةُ البول بالماء أو يكفي المسح بالأحجار ونحوها ؟
الجواب : يجب أن ننظر إلى الروايات أوّلاً فنقول :
1 ـ روى في يب بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي[1] عن الحكم بن مسكين (يروي عنه ابن أبي عمير وابن أبي نصر البزنطي ويروي عنه في الفقيه مباشرةً) عن سماعة قال قلت لأبي الحسن موسى (عليه السلام) : إني أبول ثم أتمسح بالأحجار فيجيء مني البلل ما يفسد سراويلي ؟ قال : ( ليس به بأس )[2] . وعلّق عليها الفيض الكاشاني بما يلي : ( لا يخفى على مَن فَكَّ رَقَبَتَهُ عن رِبْقَةِ التقليد أن هذه الأخبار وما يجري مجراها صريحةٌ في عدم تعدي النجاسة من المتنجس إلى شيء آخر وإن كان رطباً إذا أزيل عنه عين النجاسة بالمسح ونحوه، وإنما المنجِّسُ للشيء هو عين النجاسة لا غير، على أنّا لا نحتاج إلى دليل في ذلك، فإنّ عدم الدليل على وجوب الغسل دليل على عدم الوجوب، إذ لا تكليف إلا بعد البيان) (إنتهى)[3].
2 ـ وأيضاً روى في يب أيضاً بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن خالد(الأصمّ مجهول) عن عبد الله بن بكير قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : الرجل يبول ولا يكون عنده الماء فيمسح ذكره بالحائط ؟ قال : (كل شيء يابس زكي )[4] ضعيفة السند .
3 ـ وأيضاً روى في الكافي عن علي بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن حكم بن حكيم الصيرفي (ثقة) قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : أبول فلا أصيب الماء وقد أصاب يدي شيءٌ من البول فأمسحه بالحائط والتراب ثم تعرق يدي فأمسح (فأمِسُّ ـ خ) به وجهي أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي ؟ قال : ( لا بأس به )[5] صحيحة السند . وعلّق عليها الفيض الكاشاني في كتابه (الوافي) قائلاً : ( الوجه في ذلك أن بالمسح بالحائط والتراب أزال العين ولم يُبقِ من البول شيئاً، فما يلاقيه برطوبة فإنما يلاقي اليد المتنجسة لا النجاسة العينية، والتطهير لا يجب إلا من ملاقاة عين النجاسة) (إنتهى)[6] .
أقول : لا يمكن الإعتماد على هذه الرواية، وذلك لما رواه في الكافي أيضاً عن عدّةٍ من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن الفضيل بن غزوان(الضبّي ثقة) عن الحكم بن حكيم قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : إني أغدو إلى السوق فأحتاج إلى البول وليس عندي ماء، ثم أتمسح واتنشَّفُ بيدَيَّ ثم أمسحهما بالحائط وبالأرض، ثم أحك جسدي بعد ذلك ؟ قال : ( لا بأس )[7] صحيحة السند . أقول : لعلّ الإمام الصادق (عليه السلام) إستصحب طهارةَ جسده لاحتمال جفاف يده .
المهم هو أنه يصعب على الفقيه الإفتاءُ بكفاية مسح الذكر، بناءً على هذه الروايات، خاصةً مع كثرة الروايات التالية التي تفيد وجوب تغسيله من قبيل ( يجزي من الغائط المسحُ بالأحجار، ولا يجزي من البول إلا الماء )، ولا سيّما لما رواه في يب بإسناده عن الحسين بن سعيد عن صفوان بن يحيى عن العِيص بن القاسم (ثقة عين) قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل بال في موضع ليس فيه ماء فمسح ذكره بحجر وقد عرق ذكره وفخذاه ؟ قال : ( يغسل ذكره وفخذيه )، وسألته عمن مسح ذكره بيده ثم عرقت يده فأصاب ثوبه يغسل ثوبه ؟ قال : ( لا )[8] صحيحة السند .

النقطة الثانية : قال بعض الناس بوجوب أن يُغسَلَ مخرَجُ البول مرّتين، واستدلّوا على ذلك بما يلي بثلاث روايات ذكرناها أمس مفادها : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن البول يصيب الجسد ؟ قال : ( صُبّ عليه الماءَ مرتين ) .
ومن الطبيعي أن تحمل هذه الروايات على الغسل بالماء القليل، فهو المنصرف إليه في تلك الأيام .
أقول : ذهب جماعة كثيرة إلى الإكتفاء بغسله مرّة واحدة، منهم ابن إدريس الحلّي وأبو الصلاح الحلبي والعلاّمة الحلّي في كثير من كتبه[9] وهو الصحيح .
دليلنا : كثرةُ الرواياتِ في الإكتفاء بغسل مخرج البول، ولم تذكر مرّة أو مرّتين، مع أنها في مقام البيان والعمل، فيُفهم من ذلك كفاية المرّة الواحدة بوضوح، وح تحمل الروايات الآمرة بالمرّتين على التأكّد من زوال النجاسة، وقد ذكرنا أمس الروايات في ذلك ونعيد الروايتين السابعة والثامنة فقط :
7 ـ وفي يب بإسناده عن الصفار عن السندي بن محمد (ثقة وجه) عن يونس بن يعقوب (ثقة) قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الوضوء الذي افترضه الله على العباد لمن جاء من الغائط أو بال ؟ قال : ( يغسل ذكره ويذهب الغائط ثم يتوضأ مرتين مرتين )[10] صحيحة السند، والملاحظ هنا أنّ الرواية ذكرت في الوضوء مرّتين مرّتين، وهو أمرٌ مستحبّ، ولم تذكر غسل الذكر مرّتين !! ممّا يعني الإكتفاء بغسله مرّةً واحدة .
8 ـ وفي الكافي عن علي بن ابراهيم عن أبيه عن (عبد الله)بن المغيرة عن أبي الحسن(الكاظم) عليه السلام قال قلت له : للإستنجاء حدّ ؟ قال : ( لا، يَنْقَى ما ثَمَّةَ )، قلت : فإنه يَنْقَى ما ثَمّةَ ويَبْقَى الريحُ ؟ قال : ( الريحُ لا يُنظر إليها )[11] صحيحة السند. وأنت تعلم أنّ كلمة (الإستنجاء) تشمل عرفاً الإستنجاء من البول ومن الغائط . وقد اكتفى الإمام (عليه السلام) في التطهير من البول بزوال النجاسة، وهذا ما ندّعيه .
وقد أيّدنا مقالتنا أمس بإطلاق الروايات الواردة في الفراش، مع قولنا بعدم الفرق بين الثوب والبدن، ولك أن تستدلّ على ذلك بما ذكرناه في أوائل هذا الكتاب على الإكتفاء بزوال النجاسة وآثارها .
إذن لا بدّ من المسير إلى الإكتفاء بالمرّة الواحدة، لكن بشرط العلم بزوال النجاسة .


[1] يروي عنه ابنُ أبي عمير بسند صحيح، وهو أمارة الوثاقة، وقال جش : (قريب الأمر، وقال : وروى حمدويه بن نصير"ثقة فقيه" قال : لأبي مسروق إبن يقال له الهيثم سمعت أصحابي يذكرونهما كلاهما فاضلان)، ونقل الكشّي في حقّه عن أبي عبد الله عليه السلام "إنه من فراخ الشيعة"، وأيضاً لم يستثنه ابنُ الوليد، وفيه إيماء إلى وثاقته

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo