< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

36/08/14

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : بقيّة الكلام في الوضوءات المستحبّة
فصلٌ في الوضوءات المستحبة
مسألة 1 : الوضوء المستحب أقسام :
أحدها : ما يستحب في حال الحدث الأصغر فيفيد الطهارة منه .
الثاني : ما يستحب في حال الطهارة منه كالوضوء التجديدي .
الثالث : ما هو مستحب في حال الحدث الأكبر، وهو لا يفيد طهارة، وإنما هو لرفع الكراهة أو لحدوث كمال في الفعل الذي يأتي به، كوضوء الجنب للنوم، ووضوء الحائض للذكر في مصلاها .
أما القسم الأول فلأمور :
الأول : للكون على الطهارة
الثاني : للصلوات المندوبة، وهو شرط في صحتها أيضاً، لمعلوميّة أنه لا صلاة إلاّ بطهور .
الثالث : التهيّؤ للصلاة في أول وقتها، أو أول زمان إمكانها إذا لم يمكن إتيانها في أول الوقت، ويعتبر أن يكون قريباً من الوقت أو زمان الإمكان بحيث يصدق عليه التهيّؤ .
الرابع : دخول المساجد والمشاهد المشرفة .
الخامس : الأذان، ولا تـبعد كراهة الإقامة على غير طهور، بمعنى قلّة الثواب، والأظهر شرطيتُه في الإقامة .
السادس : قراءة القرآن أو لمس حواشيه أو حمله أو لِمَسِّ كتابته .
السابع : الدعاء وطلب الحاجة من الله تعالى .
الثامن : سجدة الشكر .
التاسع : صلاة الأموات .
العاشر : الطواف المندوب، وهو ما لا يكون جزءً من حج أو عمرة ـ سواءً كان الحجّ والعمرة واجبين أو مستحبّين ـ فليس الوضوءُ شرطاً في صحة الطواف المندوب، نعم هو شرط في صحة صلاة الطواف لأنها صلاة(380).
الحادي عشر : مناسك الحج ما عدا الصلاة والطواف .
الثاني عشر : زيارة المعصومين (عليهم السلام) ولو من بعيد .
الثالث عشر : زيارة أهل القبور .
الرابع عشر : للنوم .
وأما القسم الثاني : فهو الوضوء للتجديد، والظاهر جوازه ثالثاً ورابعاً فصاعداً أيضاً، وأما الغسل فقد لا يستحب فيه التجديد ـ أي إعادة الغسل ـ خاصّةً بعد غسل الجنابة، لأنها ارتفعت .
وأما القسم الثالث فلأمور :
الأول : لذكر الحائض في مُصَلاّها مقدارَ الصلاة .
الثاني : لنوم الجنب وأكله وشربه وجماعه ولإرادته تغسيل الميتَ، فإنه يغسّل يديه أوّلاً ثم يستحبّ أن يتوضّأ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(380) لا شكّ في استحباب الكون على الطهارة دائماً، وهذا لا خلاف فيه، وفيه عدّة روايات، منها ما رواه محمد بن محمد بن النعمان المفيد في (الأمالي) بإسناده عن أنس ـ في حديث ـ قال : قال رسول الله (ص) : (يا أنس، أكثِرْ مِنَ الطهورِ يزيد اللهُ في عمرك، وإن استطعت أن تكون بالليل والنهار على طهارة فافعل، فإنك تكون إذا مت على طهارة شهيداً )[1] ...
* وأمّا القسم الثاني :
فالوضوء على الوضوء نور على النور، وفي رواية المفضل بن عمر عن أبي عبد الله (عليه السلام): ( مَن جَدَّدَ وضوءَه لغير حَدَثٍ جَدَّدَ اللهُ توبتَه مِن غير استغفار[2])، ولرواية ابن مسلم عنه (عليه السلام) : ( الوضوء بعد الطهر عشر حسنات [3]) ونحوهما غيرهما .
وأمّا بعد الغُسل الشرعي فالوضوء بدعة، وفي بعض الروايات أنّ غُسْل الجنابةِ ليس معه وضوء . وقد يقال : الظاهر منه نفيُ الوجوب لِحَدَثِ الجنابةِ، لا نفي المشروعية ولو للتجديد، ففي مرسلة سعدان عن أبي عبد الله (عليه السلام) : ( الطهر على الطهر عشر حسنات[4]) . اللهم إلا أنْ يُدَّعَى إجمالُ المراد من الطهر، جمعاً بين الروايات، وأن المتيقن منه الوضوء، وستأتي الروايات في ذلك في بحث ( إغناء الغسل الشرعي عن الوضوء ) .
واشتهر بين العلماء استحباب أن تتوضّأ الحائضُ عند وقت كلّ صلاة، وتذْكُرُ اللهَ، ففي صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) : ( إذا كانت المرأة طامثاً لا تحلّ لها الصلاة، وعليها أن تتوضأ وضوء الصلاة عند وقت كل صلاة، ثم تقعد في موضع طاهر فتذكر الله عزّ وجلّ، وتسبّحه وتهلّله وتحمَده كمقدار الصلاة ثم تفرغ لحاجتها)[5] ونحوه غيره . بل عن الصدوقين الوجوب . وتمام الكلام فيه في محله .
ويُكره للجنب أن ينام حتى يتوضّأ، ففي صحيحة عبيد الله بن علي الحلبي قال : سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن الرجل أينبغي له أن ينام وهو جنب ؟ فقال (عليه السلام) : (يكره ذلك حتى يتوضأ)[6]، وقريب منها غيرها . وفي رواية سماعة : ( وإن هو نام ولم يتوضأ ولم يغتسل فليس عليه شيء [7]) .
كما يُكره له أن يأكل أو يشرب حتى يتوضّأ، ففي صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) : ( إذا كان الرجل جنباً لم يأكل ولم يشرب حتى يتوضأ [8])، وهي تفيد كراهية الأكل والشرب للجنب حتى يتوضّأ، ولكن في صحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : أيأكل الجنُبُ قبل أن يتوضأ ؟ قال (عليه السلام) : ( إنّا لنكسل، ولكن ليغسل يده، والوضوء أفضل" وهي تفيد استحبابَ الوضوء قبل أن يأكل، وفرقٌ بين الكراهة والإستحباب . ولا يبعد أن يكون مقتضى الجمع بينهما أن نقول : الأكلُ والشربُ له مكروهان حتى يغسل يده، وإنْ تَوَضّأ كان أفضلَ .
ويستحبّ الوضوء لمعاودة الجماع، وذلك للمروي عن كشف الغمة عن عبد الله بن جعفر الحميري القمّي(ط الإمامَين الهادي والعسكري (عليه السلام)شيخ القميين ووجههم ثقة ثقة) في كتاب الدلائل على ما نقله عنه عليّ بن عيسى في كشف الغمّة عن الحسن بن عليّ(بن زياد) الوشا (خيّر من وجوه هذه الطائفة وعين من عيونهم ط رضا) قال : قال فلان بن محرز : بلغنا أن أبا عبد الله (عليه السلام) كان إذا أراد أن يجامع يعاود أهلَه للجماع توضأ وضوء الصلاة، فأُحِبُّ أن تسأل أبا الحسن الثاني (عليه السلام) عن ذلك، قال الوشا : فدخلت عليه فابتدأني من غير أن أسأله فقال : ( كان أبو عبد الله (عليه السلام) إذا جامع وأراد أن يعاود توضأ للصلاة، وإذا أراد أيضاً توضّأ للصلاة )[9] .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo