< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ ناجي طالب

بحث الفقه

36/12/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : بقيّة مستحبّات الوضوء

وأمّا استحباب الإغتراف باليُمنى ولو لليُمنى فهذا أمر عقليّ محض ، فهو المناسب مع فطرة الإنسان ، فاليمين أقوى ، بها يأخذ الإنسان ويتصرّف ـ إلاّ ما شذّ وندر ممّن اعتاد على الكتابة وغيرِها باليسرى ـ ولذلك ورد ذلك في الروايات ، ففي مصححة ابن أذينة الواردة في وضوء النبيّ (ص) في المعراج : ( فتلقى رسول الله (ص) الماء بيده اليمنى ، فمن أجل ذلك صار الوضوء باليمين[1] ) ، وأنت تعلم أنّ رسول الله قد تخلّق بأخلاق الله ، وهو أكمل الخلق ، ممّا يعني أنه حينما يتناول الماء بيده اليمنى أنه هو الحقّ ، لا سيّما وأنّ العروج كان بروحه (ص) ، فكان يتصرّف طبقاً للفطرة الصافية جدّاً ، ودينُ الله يناسب الفطرة تماماً . وفي مصححة بكير وزرارة : ( ثم غمس كفه اليمنى في الماء فاغترف بها من الماء ، فأفرغه على يده اليسرى ، فغسل يده اليمنى[2] ) ، ونحوه مصححة محمد بن مسلم ، لكن قد ينافيه ما في جملة من الأخبار البيانية ففي مصححة زرارة : ( ثم أعاد يده اليسرى في الإناء فأسدلها على يده اليمنى[3] ) ونحوه مصححه الآخر والثالث له ولبكير ، وغيرهما . ومقتضى الجمع بين الطائفتين هو تعليم الجواز .

* ويستحبّ قراءة الأدعية المأثورة عند المضمضة بأن يقول ( اللهم لَقِّنّي حُجَّتي يومَ ألقاك ، واَطلِقْ لساني بذكرك[4] ) ، وعند الإستنشاق ( اللهم لا تُحَرِّمْ علَيَّ رِيحَ الجنة ، واجعلني ممن يشم ريحها ورَوحها وطِيبها )، وعند غسل الوجه ( اللهم بَيِّضْ وجهي يوم تسود فيه الوجوه ، ولا تسود وجهي يوم تبيض فيه الوجوه ) ، وعند غسل اليمنى ( اللهم اَعطني كتابي بيميني ، والخلد في الجنان بيساري ، وحاسبني حساباً يسيراً ) ، وعند غسل اليسرى ( اللهم لا تعطني كتابي بشمالي ، ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي ، وأعوذ بك من مقطِّعات النيران ) ، وعند مسح الرأس ( اللهم غشني برحمتك وبركاتك ) ، وعند مسح القدمين ( اللهم ثبتني على الصراط يوم تزل فيه الأقدام ، واجعل سعيي فيما يرضيك عني ) . كل ذلك مذكور في رواية عبد الرحمن بن كثير الهاشمي ، وفي نسخ كتب الحديث اختلاف في بعض الخصوصيات ، وما ذكرنا هو المطابق لما في نسخة معتبرة من التهذيب .

* ويستحب غَسْلُ كلّ من الوجهين واليدين مرّتين مرّتين ، كما هو المشهور شهرة عظيمة ، بل عن الإنتصار والغنية والسرائر : الإجماع عليه ، وعن الإستبصار نفيُ الخلافِ بين المسلمين في كون الثانية سُنَّة ، وقد يشهد له ما في صحيحة معاوية بن وهب : ( الوضوء مثنى مثنى[5] ) ونحوها صحيحة صفوان ورواية زرارة وما في موثقة يونس بن يعقوب المتقدمة في الإستنجاء : ( ثم يتوضأ مرتين مرتين[6] ) ، وما في مرسل الأحول : ( وضع رسول الله (ص) للناس اثنتين اثنتين[7] ) ، وما في مرسل ابن أبي المقدام : ( إني لأعجب ممن يرغب[8] أن يتوضأ اثنتين اثنتين وقد توضأ رسول الله (ص) اثنتين اثنتين[9] ) ، ومثلها ما في رواية محمد بن الفضل فيما كتبه الكاظم (عليه السلام) إلى ابن يقطين ( إغسل وجهك مرة فريضة ، وأخرى إسباغاً[10] ) ونحوها رواية الفضل عن الرض (عليه السلام) ، وما في رواية داود الرقي : ( توضأ مثنى مثنى ) ..

وما في رواية ابن بكير ( من لم يستيقن أن واحدة من الوضوء تجزؤه لم يؤجر على الثنتين[11] ) فصريحة في نظرها إلى البدعة والتشريع المحرّم .


[8] لا شكّ أنّ في الرواية سقطاً، وهي كلمة (عن).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo