< قائمة الدروس

بحوث الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

37/02/04

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : لا يجب أن يكون المسحُ على البشرة
لا يجب أن يكون المسحُ على البشرة، فيجوز أن يمسح على الشعر النابت في المُقَدَّم بدليل الروايات، ويكفي منها ما ذكرناه قبل قليل من قبيل صحيحة زرارة ( ومَسَحَ مُقَدَّمَ رأسِه ) و ( وتمسح ببلة يمناك ناصيتَك )[1] وصحيحة عمر بن أذينة (ثم امسح رأسَك بفضل ما بقي في يدك من الماء)[2] ومصحّحة مالك بن أعين ( وليمسحْ رأسَه )[3] ومصحّحة الفقيه ( إن نسيت مسحَ رأسك فامسح عليه وعلى رجليك من بلة وضوئك، فإن لم يكن بقي في يدك من نداوة وضوئك شيء فخذ ما بقي منه في لحيتك وامسح به رأسك ورجليك، وإن لم يكن لك لحيةٌ فخُذْ من حاجبيك وأشفار عينيك وامسح به رأسك ورجليك )[4] وصحيحة زرارة (ثم مسح ببَلّة ما بقي في يديه رأسه ورجليه) [5]، وهذه الألفاظ تحمل على المتعارف، أي على البشرة وعلى الشعر النابت على الناصية، أي على مقدّم رأسه، على أنّ المسح على البشرة وعلى الشعر النابت على مقدّم الرأس أمرٌ مجمع عليه بين العلماء، وعليه السيرة المتشرّعيّة ايضاً . ويُفهم من هذه الروايات عدمُ صحّةِ مسح الشعر المتدلّي على الجبهة، لأنّ الشعر المتدلّي على الجبهة لا يصدق عليه (الرأس) و (الناصية) و (مقدّم الرأس)، وكذا لا يصحّ المسح على الشعر النابت على الجبهة لنفس السبب، وكذا لا يصحّ المسحُ على الشعر الطويل الغَير نابت على المقدّم ـ كما لو جَمَعَتِ المرأةُ شَعرَها من خلف رأسها ووَضَعَتْه على مقدّمه ـ لأنه لا يصدق على هذا الشعر أنه (الناصية) و (مقدّم الرأس)، بل ادُّعِيَ عليه الإجماعُ كما في المدارك وكشف اللثام، بل لك أن تقول بأنه شعر غريب وأجنبيّ عن الناصية ومقدّم الرأس، ومع الشكّ لك أن ترجع إلى أصالة الإشتغال لتحكم بعدم الإجزاء .
ولا يجوز ـ بالإجماع ـ المسحُ على الحائل من العمامة أو القناع ونحوهما وإن كان شيئاً رقيقاً لم يمنع عن وصول الرطوبة إلى البشرة، وذلك لعدم صدق الرأس والناصية، بل هذه أشياء حائلة عن المسح على الرأس، إضافةً إلى ما رواه في يب بإسناده ـ الصحيح ـ عن الحسين بن سعيد عن صفوان(بن يحيى) عن العلاء بن رزين القلاّء(ثقة جليل القدر) عن محمد بن مسلم عن أحدهما أنه سُئِلَ عن المسح على الخفين وعلى العمامة فقال : ( لا تمسح عليهما )[6] صحيحة السند، وقريب منها ما رواه في الكافي عن محمد بن يحيى رفعه عن أبي عبد اللهt في الذي يُخَضِّبُ رأسَه بالحناء ثم يبدو له في الوضوء ؟ قال : ( لا يجوز حتى يصيب بشرةَ رأسِه بالماء )[7].
وبعد هذا الوضوح لا مجال للأخذ بما رواه في التهذيبين بإسناده الصحيح عن محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن الحسين عن جعفر بن بشير[8] عن حماد بن عثمان(ثقة من أصحاب الإجماع) عن عمر بن يزيد(بياع السابري الثقة واسمه الكامل عمر بن محمد بن يزيد) قال : سألت أبا عبد اللهt عن الرجل يُخَضِّبُ رأسَه بالحِنّاء ثم يبدو له في الوضوء ؟ قال : (يمسح فوق الحناء )[9] صحيحة السند، إلاّ أن تَحمِلَ الحنّاء على عدم كونه حاجباً . وروى مِثْلَها في التهذيبين بإسناده الصحيح عن محمد بن علي بن محبوب عن أحمد بن محمد(بن عيسى) عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللهt في الرجل يحلق رأسه ثم يَطْلِيه بالحناء ثم يتوضأ للصلاة ؟ فقال : (لا بأس بأن يمسح رأسه والحناء عليه )[10]، وقد حمل بعض العلماء هتين الروايتين على التقيّة، إذ جواز المسح على الحائل إن كان شيئاً رقيقاً لا يمنع من وصول الرطوبة إلى البشرة هي فتوى أبي حنيفة، ولا أقلّ من وجوب الرجوع إلى أصالة الإشتغال .
نعم في حال الإضطرار لا مانع من المسح على المانع كالبرد أو إذا كان شيئاً لا يمكن رفعه، وحُكْمُ الضروراتِ معلومٌ، ولكنّ الضرورات تقدّر بقدرها، ويأتي الكلام في هذا الفرع في بحث الجبائر .



[8] البجلي الوشّاء، من زهّاد أصحابنا وعبّادهم ونسّاكهم وكان ثقة جليل القدر له كتاب . يقول النجاشي عنه "... روى عن الثقات وروَوا عنه" وهي توجب الظنّ القويّ بوثاقة مَن يروي عنه، إذ أنّ هكذا صيغة ليست صريحة في حصر رواياته عن الثقات . نعم، دفعاً للّغْوِيّّة، لا بدّ أن تكون نسبةُ الثقات عنده ـ فيما يرويه ـ أعلى من غيره، وإلاّ فلا معنى لهكذا جملة، فإنّ كلّ راوٍ يروي عن الثقات . .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo